تواجه منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEC) وحلفاؤها، المعروفون باسم OPEC+، تحديًا كبيرًا في اتخاذ قرار حاسم بشأن تخفيف قيود الإنتاج. يأتي ذلك وسط مخاطر متزايدة بفقدان السيطرة على السوق، مع استمرار التوترات الاقتصادية العالمية وارتفاع إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة.
التوازن بين العرض والطلب:
منذ عام 2022، تحتجز OPEC+ نحو 5.85 مليون برميل يوميًا من الإنتاج العالمي، ما يعادل 5.7% من الطلب العالمي، بهدف دعم أسعار النفط. وكانت المجموعة قد أعلنت سابقًا عن خطة لتخفيف هذه القيود تدريجيًا بدءًا من الربع الأول من 2024، لكنها أُجلت عدة مرات بسبب ضعف الطلب وارتفاع الإنتاج العالمي.
وتعتزم OPEC+ حاليًا البدء في إلغاء بعض التخفيضات في أبريل 2025، لكن هناك مخاوف متزايدة من أن يؤدي ذلك إلى زيادة العرض على الطلب، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير.
ضغوط أمريكية وتوترات جيوسياسية:
تأتي هذه القرارات في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، خاصة مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى. وتضغط الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لخفض أسعار النفط، حيث أشارت تقارير إلى محادثات بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حول إمكانية تخفيف العقوبات على روسيا، ما قد يزيد من تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية.
تزايد إنتاج الدول غير الأعضاء:
على الرغم من جهود OPEC+ لتقييد الإنتاج، إلا أن الولايات المتحدة واصلت رفع إنتاجها. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى 13.6 مليون برميل يوميًا بحلول 2025، وهو مستوى قياسي.
كما تشهد بعض الدول الأعضاء في OPEC+ انقسامات داخلية، مثل كازاخستان التي تستعد لزيادة إنتاجها عبر حقل تنغيز، بالإضافة إلى نيجيريا وإقليم كردستان العراق اللذين يسعيان لاستئناف صادراتهما.
تداعيات القرار القادم:
مع توقع وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن يتجاوز نمو العرض الطلب العالمي على النفط، تجد OPEC+ نفسها أمام خيارين صعبين:
1. تأجيل تخفيف تخفيضات الإنتاج: ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع بعض الأعضاء الذين يرغبون في زيادة الإنتاج.
2. زيادة الإنتاج: وهو ما قد يفضي إلى إغراق السوق بالنفط وانخفاض الأسعار، مما يهدد مصداقية المنظمة وحصتها في السوق.
في هذا السياق، أشار خبير البترول محمد حليوة إلى أن "قرار OPEC+ المقبل سيكون حاسمًا في تحديد مستقبل سوق النفط العالمي". وأضاف: "إذا قررت المنظمة زيادة الإنتاج في ظل الظروف الحالية، فقد نشهد انخفاضًا حادًا في الأسعار نتيجة فائض العرض".
وأكد حليوة في تصريح خاص لاهل مصر ،أن "الحفاظ على استقرار السوق يتطلب توازنًا دقيقًا بين العرض والطلب، وأي خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء".
مؤكدا أنه في ظل هذه التحديات المعقدة، يبقى مستقبل OPEC+ معلقًا على قراراتها القادمة، والتي سيكون لها تأثير كبير على استقرار سوق النفط العالمي ومستقبل التحالف في مواجهة المنافسة المتزايدة.