قالت مصادر رسمية إن لبنان قررت اليوم السبت عدم سداد الديون السيادية بالعملة الأجنبية، مما يضع الدولة المثقلة بالديون على مسار التخلف عن السداد وإجراء مفاوضات لإعادة هيكلة الدين في وقت تواجه فيه أزمة مالية كبرى، ومن المقرر أن يعلن رئيس الوزراء حسان دياب القرار الذي اتخذ بالإجماع في مجلس الوزراء في خطاب إلى الأمة يلقيه الساعة السادسة والنصف مساء (1630 بتوقيت جرينتش).
ويمثل تخلف لبنان عن سداد ديونه بالعملات الأجنبية مرحلة جديدة من أزمة مالية تعصف باقتصاده منذ أكتوبر وأفقدت الليرة نحو 40% من قيمتها ودفعت البنوك لفرض قواعد قيدت تعاملات المودعين في ودائعهم وأججت الاضطرابات، وتعتبر الأزمة أكبر خطر على استقرار لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990.
ولدى لبنان سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين أجل استحقاقها في التاسع من مارس وتشكل جزءًا من ديون لبنان بالعملات الأجنبية البالغة نحو 31 مليار دولار.
وقالت مصادر لرويترز أمس الجمعة إن الحكومة ستسعى إلى إعادة هيكلة الديون في مفاوضات مع الدائنين.
وجاء الإعلان الصادر عن الرئاسة عقب اجتماع ضم الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، وجاء في البيان الذي تلاه مدير عام الرئاسة أنطوان شقير "استنادا إلى الخيارات والتصورات المتاحة، قرر المجتمعون بالإجماع الوقوف إلى جانب الحكومة في أي خيار ستعتمده في مجال إدارة الديون باستثناء دفع الديون المستحقة".
وقالت مصادر لرويترز أمس الجمعة إن من المقرر أن يعلن لبنان يوم السبت عجزه عن سداد مدفوعات سندات دولارية قادمة وأنه يريد إعادة هيكلة دين بالعملات الأجنبية بقيمة 31 مليار دولار ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الدائنين.
وعين لبنان بنك الاستثمار الأمريكي (لازارد) ومكتب المحاماة (كليري جوتليب ستين اند هاملتون) الأسبوع الماضي لتقديم المشورة فيما يتعلق بإعادة الهيكلة المتوقعة على نطاق واسع.
إصلاحات لازمة
بلغت الأزمة المالية أوجها العام الماضي مع تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع مظاهرات احتجاجا على الفساد في أجهزة الدولة وسوء الإدارة، وهي الأسباب الجذرية للأزمة.
وشهد الاقتصاد اللبناني المعتمد على الاستيراد تقلصا في الوظائف وارتفاعا في التضخم مع تراجع الليرة، مما زاد من تأجيج الأزمة التي أشعلت الاحتجاجات.
ولم يسبق للبنان أن تخلف عن سداد ديونه السيادية.
وكتب النائب عون على تويتر "نعيش الساعات الأخيرة قبل الإعلان الرسمي لتعثّر لبنان في تسديد ديونه".
وأضاف النائب وهو شخصية بارزة في التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس ميشال عون "هذا الحدث غير المسبوق هو نتيجة تراكم سياسات وارتكابات وخيارات أنهكت المالية العامة واستهلكت كل المخزون".
"لا ينفع البكاء على الأطلال! ما يفيد هو وضع وبدء الخطة الإنقاذية للخروج من قعر الهاوية كما فعلت اليونان".
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى وصول دين لبنان العام إلى نحو 155% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2019، بقيمة تبلغ حوالي 89.5 مليار دولار، مع حوالي 37% من الدين بالعملة الأجنبية.
وقال نك إزينجر مدير الأسواق الناشئة ذات الدخل الثابت في فانجارد التي تحوز بعض السندات اللبنانية "يبدو التخلف عن السداد مرجحا جدا".
وأضاف "انظر الآن إن كان بمقدور حملة السندات منع أي اتفاق... ليس من الواضح مدى السرعة التي يمكن أن يسيروا بها في طريق إعادة الهيكلة أو تأمين صفقة، لأنهم يحتاجون إلى إصلاحات أولا أو حتى إصلاحات مواكبة".
وسيكثف حملة السندات اللبنانية الجهود لتشكيل مجموعة تمثلهم في الأيام القادمة، حسبما ذكر أحدهم.