دائما ما أتابع بشكل جاد حركة الراي العام من خلال المنصات الإلكترونية الاجتماعية المتعددة، والتي أصبحت الوسيلة الأمثل والأسرع لنقل المعلومات أو الأخبار أو للتعبير عن الرأي ووجهات النظر ، هذا الرأي الذي تخطى في عصرنا هذا الرأي الاجتماعي الفردي فباتت تلك المنصات هي المنصات الرسمية للحكومات و الأحزاب والجهات القيادية والسيادية ليس بمصر فقط ولكن بالعالم.
ومع المتابعة المتانية لحركة الرأي العام على تلك المنصات، ظهر جليا بداية انطلاق مطالبات بضرورة البداية بعملية إصلاحية كبيرة قد تعيد التوازن للعديد من الأمور، وما لا يمكن إغفاله أيضا أن تلك المطالب انطلقت من داخل مربعات التأييد المطلق وليس من مربعات سياسية أخرى قد يكون لها أهداف أو مآرب أو قد تستتر وراء هذا الشعار، ومن منطلق حرصنا على الوطن، وددت أن أوجه عدة رسائل مقتضبة نتمنى ان تصل لصانع القرار، ربما تكون نصيحة مخلصة في ظل زمن حكمه الهوس والتنمر بين كل أصحاب الآراء والأفكار.
1 – الملف الاجتماعي
يحتاج لإعادة نظر ومنه ضرورة تحقيق نتائج سريعة بملف التعليم و الصحة و الأمن الغذائي وبالأخص الدعم حتى لو أثقل موازنة الدولة، فالفقراء والمهمشين هم السواد الأعظم، كما ان الاستمرار على السياسات الضريبية و رفع الأسعار بات شديد الخطورة، فليس عيبا أبدا مراجعة أو تاجيل بعض كثير أو قليل من المشرعات الكبرى مقابل رفع العبء عن كاهل المواطن البسيط وبداية مخاطبة الدولة لاحتياجاته الملحة والوقتية فهو لا يستطيع الانتظار أكثر من ذلك لوصول المكاسب إليه، فالوطن وتماسكه اجتماعيا و سياسيا أصدقائي هو أهم و أكبر المشروعات الأولى بالرعاية.
2 – الملف السياسي
لا يخفى على أحد أن مشهد انتخابات الشيوخ لم يكن بالمشهد المناسب، كان ذلك بسبب سرعة إجراء الانتخابات أو بسبب الثغرات السياسية الكبيرة بالقانون والتي لم تتعامل مع الواقع المصري أو لسبب هيمنة قسرية لحزب مستقبل وطن ومن معه على كل شيء مما أعطى رسالة سلبية للمواطن أو المرشح على حد سواء مفادها أن المشاركة بالعمل العام ترشحا أو تصويتا باتت صعبة وغير مؤثرة سواء في ظل هذا القانون أو الدوائر الشاسعة أو في ظل هذا الإعلام شديد الانحياز، فبات الترشح دربا من الجنون ومنافسة هذا التيار مستحيلة، ومنه كان رد فعل طبيعيا ضعف المشاركة في ظل انعدام للمنافسة ونتائج شبه محسومة و قوائم غير مسبوقة في عدد المرشحين، وحقيقة لا أعرف كيف نخرج من هذا المأزق بانتخابات مجلس النواب القادمة، والتي من خلال القراءة السريعة لقانونها أو الكوتا الدستورية أو تقسيم الدوائر قد نستشعر أننا قد نكون قريبا أمام تكرار لمشهد الشيوخ مما سيطعن لاحقا في شرعية تلك المجالس بل قد يعيقها من تأدية دورها للوطن او المواطن بنجاح.
3 – الملف الاقتصادي
تحدثت منذ أكثر من 7 أعوام أن الصناعة هي المشروع القومي الوحيد القادر على النهوض بالأمم وتحقيق التنمية وإنعاش الاقتصاد كما أن أقصر الطرق لإنعاش الاقتصاد والسوق هي المشروعات الصغيرة والمتوسطة فهي الطريق الأسرع للوصول اقتصاديا لكل مصري، فتلك المشروعات هي في ذاتها مشروعا قوميا لو أحسنت إدارته وتمت إعادة تخطيطه، كما أن تلك المشروعات أسرع وسيلة تخاطب الطبقات الدنيا في أرزاقها وأقل فرص العمل تكلفة على الدولة، فهذا الملف لم يعد يحتاج لتغيير القائمين عليه ولكن ما يحتاجه لحلم كبير وإبداع أكبر وتخطيط مالي مناسب لحالة مصر واحتياجاتها لتحقيق المنفعة القصوى من كل جنيه ودولار، وفي رأيي المتواضع لم يحقق الصندوق الاجتماعي للتنمية أو الهيئات التابعة له أو قانونه الجديد المستهدف منذ إنشاءه بعصر الرئيس الأسبق مبارك وللآن.
4 – ملف الشباب
أعتقد أن الآوان لإعادة النظر في الأكاديمية الوطنية للشباب وليس إعادة نظر لتقويضها أو للتقليل من فكرتها الجيدة ولكن لإعادة التخطيط في نوعية الخدمات المقدمة والجمهور المستهدف منها، سواء في استراتيجية العمل أو نوعية التدريبات أو الإتاحة لخدماتها بشكل أفقي لكل الشباب المصري على حد سواء، و منه ضرورة الاعتماد على استخدام الوسائل الحديثة لوصول خدماتها لكل الشباب، و قبل الانتقال لملف آخر ، فقد أصبح لزاما إعادة تدوير أفكارها لتصب كل قدراتها لرفع قدرات وتمكين الشباب المصري، فكل دولار يتم صرفه في تلك الأكاديمية أولى به شباب مصر من أي شباب آخر سواء إفريقيا أو أوروبيا.
5 – بخصوص الإعلام
وعذرا، فقد تسبب الإعلام حاليا في هجر أغلب المواطنيين الشاشات المصرية إما ذهابا للمتعة والتسلية في شبكات النيتفليكس ولا أريد أن أحدثكم عن المحتوى ومدى تأثيره الخطر، أو اتجهت للإعلام الالكتروني والذي خلاله تتساوى مصداقية الكذبة مع الحقيقة، أو ذهبوا لقنوات الإخوان محاولين الحصول على وجهة نظر أخرى أو رأي آخر وهنا الخطورة شديدة، فأصوات الديهي وأديب و موسى أصبحت تحتاج أولا لخفض الارتفاع كما يحتاج الإعلام لإعلام حقيقي يطرح كل الآراء طالما تحت خيمة الوطن حتى لو اختلف الرأي مع رأي الإدارة، ومنه إعادة فتح المساحات لصناعة نخبة حقيقية والأهم تقديم محتوى ثقافي مناسب سواء للتحديات القادمة أو مصلحة الوطن والمواطن بات فرض عين، فما فعله الإعلام بنجاح كبير سابقا من إبعاد للمواطن عن الشأن العام أصبح الآن خطيرا جدا لو تعلمون.
نهاية، تلك هي بعض النصائح المخلصة، وهذا هو ما يدور في صدر أكثرية المصريين الراجين لمستقبل أفضل والحريصين على مصلحة الوطن، فالإصلاح ليس إلا شيمة من شيم الإدارة الناضجة والمحترفة وليس دليلا على الفشل أو الإخفاق فهو سنة من سنن الحياة ومنهجا، و لذلك أرجو أن يتسع أفق القائمين على صناعة القرار لقبول ما سبق وقد يكون للحديث بقية وصديقك من صدقك القول، فالقادم تحديات كبيرة على الوطن وليس على الإدارة فقط وأما أن نسبح سويا أو نغرق سويا و على الله قصد السبيل.