فى البداية كلمة بيرث تعنى ميلاد، وكنترول تعنى إدارة وتنظيم، وتترجم فى كثير من الأحيان بطريقة خاطئة إلى كلمة تحديد النسل، وهى كلمة وقعها خطير، فالأصح أن نقول إدارة وتنظيم تعداد المواليد، ومن الجائز استخدامها كما هى "بيرث كنترول"، ففى قواعد اللغات والترجمة تستعير اللغات من بعضها البعض المفردات المختلفة، فهناك كلمات إنجليزية أصلها فرنسي، وهناك كلمات أجنبية أصلها عربي، وهذا يحدث طوال الوقت فى تطور اللغات.
قضية الانفجار السكانى قضية ظهرت فى أمريكا وبريطانيا منذ أوائل القرن التاسع عشر، وافتتحت أول عيادة لتنظيم النسل عام 1914، وقامت الشرطة فى وقتها بغلقها وتم القبض على صاحبتها مارغريت سانغر وحبسها شهرا قبل الإفراج عنها، وحينها وقف كثير من المعارضين من رجال الدين المسيحى والحركات المناهضة للإجهاض فى أمريكا ضدها وطالبوا بمنعها من الظهور الإعلامى، لكنها استمرت واستطاعت أن تكسب عدة قضايا أمام المحكمة، وتطورت صناعة وسائل منع الحمل بشكل كبير بعد أن أقرتها منظمة الغذاء والدواء الأمريكية.
فى بريطانيا أيضا تأسست رابطة تسمى المالتوسية عام 1927، والتى كان أهم مبادئها الاقتصادية أن الانفجار السكانى سبب الفقر والجوع والمرض.
الموضوع طويل وشائك ويتعلق من ناحية بقلة الموارد وصحة المرأة والأطفال، ومن ناحية أخرى بحق الزواج والإنجاب والمحافظة على النسل.
وقد واكب عالمنا العربى هذه المشكلة أيضا بسبب الزيادة السكانية وعدم توافر الظروف المناسبة لهذه الزيادة مما أدى لظهور مشكلات كبيرة فى السكن وجودة الحياة بصفة عامة.
وبعيدا عن رأى الشرع والفتوى الشرعية التى يجب أن يتصدى لها العلماء الملمّون بأصول الفقه، وبالرجوع للخبراء فى جميع مجالات العلوم، أود القول إن الزواج قبل الإنجاب مسؤولية كبيرة لما يترتب عليه من بناء أسرة وبناء مجتمع بأسره، فلا يجب أن نستهين بهذا الأمر، وأن يكون الزواج مجرد عادة وتقليد يتم بأى طريقة كانت ولا يتحمل الزوج مثلا مسؤولية هذا الزواج وما ينتج عنه من أبناء لا يستطيع الإنفاق عليهم فيتسربوا من التعليم ويعانوا الفقر، وتحت ضغط الظروف يتحولون إلى عناصر غير صالحة فى المجتمع، ورسولنا الكريم فى الحديث الشريف قال "صلى الله عليه وسلم": "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، والاستطاعة هنا تشمل كل ما يخص الزواج..
استطاعة بدنية ونفسية ومادية أيضا، والأولاد مسؤولية كبيرة لا يجب أن ينظر إليها على أنها وجاهة اجتماعية وعزوة قبل أن يكون لدى الفرد القدرة على تربيتهم تربية صحية وسليمة، وهنا أيضا يقول رسولنا الحبيب "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول"، فالذى لا يجد من نفسه القدرة على هذا الأمر فلا يقدم عليه إلا بعد أن يجتهد ويعمل حتى يصبح قادرا على تحمل المسؤولية.
ويجب أن تتضافر جهود الحكومات والأفراد، وأن يتحمل كل فرد مسؤوليته فى خلق المناخ الجيد للإنجاب الجيد وسلامة المجتمع وتطويره والنهوض به.