يستأنف مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، جلساته الأحد المقبل، بمناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال، الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002
أولاً: فلسفة وأهداف مشروع القانون المعروض وأهدافه:
جاء مشروع القانون المعروض فى ضوء الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي تلزم الدولة بأحكامها لمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات العامة.
واتساقًا مع خضوع جمهورية مصر العربية لعملية تقييم نظامها القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب عضويتها بمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المجموعة الإقليمية "المختصة" بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقد أسفرت عملية التقييم عن صدور تقرير تفصيلي تضمن كافة أوجه تنفيذ المعايير الدولية بهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتم مناقشته واعتماده أثناء الاجتماع الثاني والثلاثين للمجموعة المنعقد بتاريخ 7 يونيو 2021، وذلك بحضور الدول الأعضاء ومجموعة المراقبين من دول ومنظمات دولية، وقد اشتمل هذا التقرير على الجوانب الإيجابية فى المنظومة المصرية.
كما تضمن كافة أوجه القصور والإجراءات الموصى بها التي يتعين استيفاؤها بتقرير المتابعة المعززة؛ على أن يتضمن تقرير المتابعة توضيح التعديلات التشريعية التي تم إجراؤها لتلافي أوجه القصور الواردة بتقرير التقييم سالف الإشارة إليه.
وتسعى الدولة جاهدة إلى تحقيق الالتزام بالمعايير الدولية المشار إليها، حتى تتمكن من الانضمام لمجموعة العمل المالي FATF (وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) والتي تضم فى عضويتها عدداً من الدول والمنظمات الدولية، ويحقق هذا الانضمام العديد من الامتيازات للدولة، وأهمها:
- إبراز جهودها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بصورة أكبر.
-إتاحة الفرصة للمشاركة في صياغة قرارات وسياسات مجموعة العمل المالي.
-المساهمة في تعزيز وتطوير قدرات وخبرات المختصين لديها من خلال الاطلاع المباشر على تجارب وخبرات الدول المتقدمة. -المشاركة في المناقشات المطروحة خلال الاجتماعات العامة للمجموعة.
- المشاركة في أعمال وأنشطة فرق العمل، ويتيح حصول الدولة على مقعد بالمجموعة أنها ستشارك أيضًا أبرز الدول المؤثرة على مستوى العالم العضوية، ومنها الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن، وأغلب دول مجموعة العشرين.
-يسهم الانضمام إلى المجموعة فى تحسين جاذبية مصر للاستثمار، فضلاً عن رغبة الدولة في مراعاة الاعتبارات العملية التي كشف عنها تطبيق أحكام قانون غسل الأموال الصادر بالقانون رقم (80) لسنة 2002، وهو ما استوجب تعديل القانون المشار إليه.
ويهدف مشروع القانون المعروض، إلى الحد من ارتكاب تلك الجرائم الخطرة نظراً لتأثيرها على الاقتصاد الوطني للدولة، والتي من شأنها إفساد المناخ الاستثماري باعتبار أن هذه الأموال غير ناتجة عن نشاط اقتصادي حقيقي يعكس الحالة الاقتصادية للدولة، مما يترتب عليه من آثار سلبية أبرزها أن المشروعات الاقتصادية الحقيقية ذات المصادر المشروعة لا يمكنها الصمود فى مواجهة المشروعات الأخرى ذات المصادر غير المشروعة التي تحصل على أموال وفيرة وبسهولة.
ثانيًا: الملامح الأساسية لمشروع القانون:
انتظم مشروع القانون المعروض في خمس مواد، بخلاف مادة النشر، وذلك على النحو التالي:
(المادة الأولى)
جاءت باستبدال نص المادة (3) من قانون مكافحة غسل الأموال المشار إليه، فنظمت تشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليرأسها أحد الخبرات القضائية الذي لا تقل مدة خبرته عن خمسة عشر عامًا فى محكمة النقض أو إحدى محاكم الاستئناف، وحددت أعضاء الوحدة وطريقة اختيارهم، وألحقت بالوحدة عددًا كافيًا من الخبراء من أعضاء السلطة القضائية والمتخصصين فى المجالات المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون، ودعمت الوحدة بمن يلزم من العاملين المؤهلين والمدربين، وأناطت بالسيد رئيس الجمهورية إصدار قرار بتشكيل مجلس الأمناء، وبنظام إدارة الوحدة، وبنظام العمل والعاملين فيها وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد المعمول بها فى الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام.
(المادة الثانية)
وجاءت باستبدال بعض العبارات الواردة بالقانون القائم؛ وذلك حتى يتوافق نص المادة (12) من قانون مكافحة غسل الأموال المشار إليه مع التعديل الذي لحق بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، وتعديل المادة (14 مكرراً) من قانون مكافحة غسل الأموال المشار إليه حتى يُراعى ما أسفر عنه التطبيق العملي لقانون مكافحة غسل الأموال وتتوافق أحكامه مع المعايير الدولية وذلك بأن استبدلت عبارة "والمتحصلات الناتجة" بكلمة "الناتجة".
(المادة الثالثة)
جاءت بإضافة مواد وفقرة إلى قانون مكافحة غسل الأموال المشار إليه بأرقام (9 مكررًا 1، 14 الفقرة الأخيرة، 15 مكررًا، 17 مكررًا 1، 17 مكررًا 2)، فاستحدثت أحكامًا جديدة، وذلك على النحو التالي:
حيث ألزمت المادة (9 مكررًا 1) المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية وأي شخص طبيعي أو اعتباري آخر بتنفيذ الآليات التي تتخذها وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إعمالاً لحكم المادة (21) من هذا القانون.
ولم تشترط المادة (14 الفقرة الأخيرة) صدور حكم بالإدانة فى الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع لمتحصلات الجريمة.
ورصدت المادة (15 مكررًا) عقوبة لكل من يخالف أحكام المادة (9 مكررًا 1) والتي توجب على المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية وأي شخص طبيعي أو اعتباري آخر تنفيذ الآليات التي تتخذها وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تنفيذًا للاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأوجبت المادة (17 مكررًا 1) على جهات إنفاذ القانون وسلطات التحقيق فى قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وجرائم تمويل الإرهاب إجراء التحقيقات المالية الموازية بنفسها أو بالاستعانة بمن تراه من الجهات الأخرى المختصة لتحديد مصدر هذه الأموال أو الأصول إن وجدت.
وخصت المادة (17 مكررًا 2) المحكمة المختصة بنظر الجريمة الأصلية بنظر الجريمة المنصوص عليها فى المادة (2) من قانون مكافحة غسل الأموال.
وإذا كانت الجريمة الأصلية جنحة تختص المحكمة التي تنظر جريمة غسل الأموال بنظرها، وفي كل الأحوال يقضى استقلالاً فى كل منهما.
(المادة الرابعة)
ألزمت المادة الرابعة المحاكم المختصة بالاستمرار فى نظر الدعاوى المشار إليها بالمادة (17 مكرراً 2) التي لم يقض فيها بعد بحكم نهائي.
(المادة الخامسة)
ألغت المادة الخامسة من المشروع المادة (2) من قرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 2002 بشأن وحدة مكافحة غسل الأموال، بعد أن تم تضمين أحكامها بالمادة (3) من قانون مكافحة غسل الأموال فى صيغتها المستبدلة بموجب المادة الأولى من المشروع.
(المادة السادسة)
وهي المادة الخاصة بنشر القانون في الجريدة الرسمية، والعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره.
ثالثاً: القواعد الدستورية والاتفاقيات الدولية الحاكمة لمشروع القانون:
1- الدستور:
- مادة (27/ الفقرتين الأولى والثانية):
يهدف النظام الاقتصادي، إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبيئياً، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك.
مادة (93):
تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة.
مادة (237):
تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة.
وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.
2- أبرز الاتفاقيات الدولية:
أ. اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي أقرها مؤتمر باليرمو الدبلوماسي في إيطاليا في الفترة من 11-15 ديسمبر 2000.
ب. الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الموقعة في القاهرة بتاريخ 21/12/2010.
رابعاً: التعديلات التي أدخلتها اللجنة المشتركة على مشروع القانون:
(المادة الأولى)
ارتأت اللجنة استبدال نص المادة (2) من القانون القائم، علاوة على استبدال نص المادة (3)، لتصبح المادة الأولى من المشروع، على النحو التالي:
يُستبدل بنصي المادتين (2، 3) من قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002، النصان الآتيان:
مادة (2):
"جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة عن الجريمة الأصلية.
ويُعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال أو الأصول متحصلة من جريمة أصلية، وقام عمداً بأي مما يلي:
1- تحويل متحصلات أو نقلها، وذلك بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلية.
2- اكتساب المتحصلات أو حيازتها أو استخدامها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو التلاعب في قيمتها أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية لها أو لمصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها.
ولا يشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع طالما توافرت أدلة على أن تلك المتحصلات ناتجة عن أفعال من شأنها الإضرار بأمن البلاد من الداخل أو الخارج أو بالمصالح الاقتصادية للمجتمع أو إفساد الحياة السياسية فى البلاد أو تعريض الوحدة الوطنية للخطر."
* وذلك لضبط الصياغة وتحديد الأفعال على وجه الدقة ضمن النص، استجابة لرأي السادة أعضاء اللجنة.
مادة (3):
- استبدال عبارة "رئيس مجلس الوزراء" بعبارة "الوزير المعني بالشئون الاقتصادية" الواردة فى البند (6) من الفقرة الثانية من المادة (3).
- لتحقيق المرونة وتحديد المختص على وجه الدقة.
- إعادة صياغة الفقرة الأخيرة من المادة (3) لتصبح على النحو التالي:
-يصدر بتشكيل مجلس الأمناء، ونظام عمله قرار من رئيس الجمهورية، ويحدد القرار اختصاصات مجلس الأمناء، ونظام إدارة الوحدة، وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد المعمول بها فى الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام، ولضبط الصياغة، ولتضمين قرار رئيس الجمهورية نظام عمل مجلس الأمناء واختصاصاته.
(المادة الثالثة)
إعادة صياغة المادة الثالثة من المشروع، لتصبح على النحو التالي:
"يُضاف إلى قانون مكافحة غسل الأموال المشار إليه تعريفان برقمي (ك، ل) إلى المادة (1)، ومواد بأرقام (3 مكرراً، 9 مكرراً 1، 15 مكرراً، 17 مكرراً 1، 17 مكرراً 2)، نصوصها الآتية:
مادة 1/ بندين (ك ، ل):
- جهات إنفاذ القانون: (مستحدث)
الجهات التي يدخل ضمن اختصاصها قانوناً القيام بأعمال المكافحة والتحري وجمع الاستدلالات فى جميع الجرائم بما فيها جرائم غسل الأموال وجرائم تمويل الإرهاب والجرائم الأصلية.
- التحقيقات المالية الموازية: (مستحدث)
إجراء التحريات حول الجوانب المالية المتعلقة بنشاط إجرامي بغرض تحديد نطاق الشبكات الإجرامية أو نطاق الجريمة، وتحديد وتعقب متحصلات الجريمة والأموال الإرهابية أو أية أصول أخرى تخضع للمصادرة، وتطوير أدلة يمكن استخدامها في الإجراءات الجنائية.
* وذلك لحسن صياغة، منعاً لحدوث لبس بشأن اختصاصات السلطة القضائية فى التحقيق.
مادة (3 مكرراً): (مستحدثة)
يكون للوحدة مدير تنفيذي يعين بقرار من رئيس مجلس الأمناء بعد موافقة المجلس ويتضمن القرار تحديد مهام واختصاصات وظيفته.
وذلك لأن المدير التنفيذي للوحدة، ضمن تشكيل مجلس أمناء الوحدة، فكان من الضروري استحداث نص بشأن آلية تعيينه وتحديد مهام واختصاصات وظيفته.
- كما وافقت اللجنة على نصوص المواد (9 مكرراً 1، 15 مكرراً، 17 مكرراً 1، 17 مكرراً 2) كما وردت فى مشروع القانون المقدم من الحكومة دون تعديل.
خامساً: رأي اللجنة المشتركة:
بعد أن استعرضت اللجنة المشتركة مشروع القانون المعروض وما دار بشأنه من مناقشات، ترى اللجنة أن مشروع القانون المعروض جاء متفقاً مع أحكام الدستور خاصة المادتين (27/الفقرتين الأولى والثانية، 237) منه، والأطر والمعايير والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وما أفرزه الواقع العملي من إفلات العديد من مرتكبي تلك الجرائم الخطرة، حيث تعد تلك الجرائم ذات طابع خفي يلجأ المجرمون فيها إلى وسائل الخداع.
وتشير اللجنة المشتركة إلى أن تلك الجرائم تؤثر على الاقتصاد الوطني للدولة، حيث إن من شأنها إفساد المناخ الاستثماري باعتبار أن الأموال غير ناتجة عن نشاط اقتصادي حقيقي.
كما أن تلك الجرائم تؤثر على مركز الدولة ومكانتها السياسية والاقتصادية، كما أن هناك العديد من الدول قد انتهجت نفس النهج للحد من تلك الجرائم الخطرة.
وتنوه اللجنة المشتركة إلى أن مشروع القانون المعروض جاء مراعاةً للمتغيرات السياسية والقانونية والاقتصادية للدولة، ولتفويت الفرصة على الجناة من استفادتهم من تلك الأموال غير المشروعة، مما يسهم في الحد من ارتكاب مثل تلك الجرائم، في إطار حركة التداول المشروع لرأس المال.
لـذلك قررت اللجنة المشتركة الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002، بالصيغة المرفقة، واللجنة المشتركة إذا تعرض تقريرها على المجلس الموقر، ترجو الموافقة على ما انتهت إليه.