تتطور الروبوتات بشكل معاصر لحياتنا الحديثة، حيث باتت أجراس الخطر من أن تزاحم البشر في مجال أعمالهم، ومن هنا يجرى طرح العديد من الاستفهامات التي تسأل عن إمكانية تمتع الروبوت بالإحساس والشعور والرأي الذي يتمتع به الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، وتجيب السطور القادمة عن هذه الاستفهامات.
كشفت قناة ناشيونال جيوجرافيك الأمريكية، أنه قبل أن يتمكن الأبناء الروبوتيون من التفاعل مع الأمهات من البشر كما يفعل أبناؤهم الحقيقيون، فإن الأمر سيتطلب أكثر من مجرد استنساخ متقن لصفات الأبناء الحقيقيين.
هل يمكن أن يكون للروبوتات مشاعر الأمومة
وأكدت الدراسة التي عرضتها القناة، أن نيلانجان ساركار دكتور بجامعة فانديربيلت، وزميلته السابقة ويندي ستون تعمل في جامعة واشنطن، طورا نظاما روبوتيا نموذجيا يلعب لعبة كرة بسيطة مع الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد، ويقوم هذا الروبوت بمراقبة انفعالات الأطفال عن طريق قياس بعض التغيرات الدقيقة في نبضات القلب، والتعرق، والنظر، وغيرها من الإشارات الفسيولوجية الاخرى، وعندما يحس بأن الطفل بدأ يشعر بالضجر أو الانزعاج، فإنه يقوم بتغيير اللعبة حتى تظهر مؤشرات تدل على أن الطفل استعاد مرحه مرة ثانية.
هل يمكن أن يكون للروبوتات مشاعر الأمومة
وأضافت القناة، أنه رغم أن هذا النظام ليس متطورا بالقدر الذي يمكنه من التعامل مع التفاعلات اللغوية والبدنية المعقدة للعلاج الفعلي لمرض التوحد، إلا أنه يمثل خطوة أولى باتجاه استنساخ صفة من الصفات البشرية الفارقة، وتكمن في معرفة أن الآخرين لديهم أفكار وأحاسيس، وتعديل سلوكاتنا استجابة لتلك الأفكار والأحاسيس.
وبينت ناشيونال جيوجرافيك، أن هناك بحث نشر عام 2007 تحت العنوان الاستفزازي: 'ما هو الإنسان؟'، اقترح خلاله عالم النفس التطوري بيتر كان، من جامعة واشنطن، إلى جانب ايشيغورو وزملاء اخرين، 9 سمات نفسية أخرى لقياس مدى النجاح فى تصميم روبوتات مشابهة للبشر، ولم يكن تركيز هؤلاء الباحثين على القدرات التقنية للروبوتات، وإنما على كيفية النظر إليهم ومعاملتهم من قبل البشر، لتأخذ بعين الاعتبار صفة 'القيمة الأخلاقية الجوهرية'، ونرى ما إذا كان الروبوت جديرا بالاعتبارات الأخلاقية الأساسية التي تمنحها عادة لأناس آخرين.
هل يمكن أن يكون للروبوتات مشاعر الأمومة
وأشار التقرير إلى أنه ذات يوم جعل 'كان'، أطفالا ومراهقين يلعبون ألعاب التخمين مع روبوت صغير وظريف يدعى روبوفي، وبعد بضع جولات تدخل أحد المختبرين في نفس اللحظة التي جاء فيها دور الروبوت للتخمين، قائلا إن الوقت قد حان لوضع الروبوت في خزانة، فأحتج روبوفي معتبرا أنه ليس من العدل عدم السماح له بأخذ دوره في اللعب.
لا يهم أنت مجرد 'روبوت'، إجابه الشخص المختبر، لكن روبوفي واصل الاحتجاج بشكل يائس بينما كان يسحب بعيدا، وبطبيعة الحال، فإن ما يهم في هذه التجربة ليس رد فعل الأطفال والمراهقين المشاركين في التجربة، وذلك لكون أكثر من نصف الأشخاص الذين اختبرناهم، قالوا إنهم يتفقون مع روبوفي على أنه لم يكن من العدل وضعه في الخزانة، مما يعد رد فعل لخلافة في حد ذاته، على حد تعبير 'كان'.
وأردفت الدراسة، بأن تعاطف بني البشر، خاصة الأطفال، مع روبوت عومل معاملة غير عادلة قد لا يكون أمرا مستغربا، فالأطفال كما هو معلوم يرتبطون عاطفيا بالدمى والمجسمات المتحركة، لكن أن يصبح الروبوت نفسه قادرا على إصدار الأحكام الأخلاقية يبدو هدفا بعيد المنال جدا، فهل يمكن يوما ما صناعة الروبوت تتمتع بالضمير، الذي يمكن القول بإنه السمة الأكثر تمييزا للإنسان عن غيره من المخلوقات؟.
ومن شأن الحس الاخلاقي لدى هذه الآلات، أن يكون مفيدا بشكل كبير في الحالات التي توضع فيها أخلاق البشر تحت المحك باستمرار في ساحة المعركة مثلا، إذ يتم حاليا إعداد روبوتات للقيام بأدوار معقدة على نحو متزايد في ساحات القتال، تتخذ فيها شكل طائرات من دون طيار ومركبات أرضية مزودة.