يمثل عبق الصوفية رائحة خاصة لكردستان العراق، وتنفذ تلك الطرق في عمق الحياة بما في ذلك العمل السياسي نفسه، وخاصة الطريقتين النقشبندية والقادرية، فالتكايا والزوايا منتشرة في القرى ولكنها تتمركز في حول مدينة السليمانية، ولذلك بعيدًا عن السياسة سنأخذكم في جولة في الصوفية في كردستان العراق.
كشف زكريا عبد الجواد الروائي المصري في استطلاعه المصور عن زيارته إلى كردستان العراق، أنه تنتشر القادرية بين العامة والسبب في ذلك هو أنها تعتمد على رياضة المخاطر، بينما تنتشر النقشبندية بين أوساط المثقفين لأنها تكتفي المدائح والموسيقى الدينية في حلقات الذكر.
البارزانية.. طريقة زعماء كردستان
الطريقة البارزانية
وكانت المنطقة، شهدت قبل ذلك انتشارا واسعا لطرق مثل السعودية والبكتاشية والبريطانية، والتي سميت على اسم المنطقة التي ولد فيها القائد الكردي المعروف الملا مصطفى بارزاني، وتفرعت الطريقة البرزانية عن الطريقة النقشبندية ولكنها اختلفت عنها في بعض التفاصيل.
النقشبندية.. الأصل نقاش والمزار بين الجبال
نقشبندية كردستان
تأتي كلمة النقشبندية من الكلمة الفارسية نقشبند وتعني النقاش، وهي كلمة أطلقت مجازا عن مؤسسها الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري، الذي عرف بالنقشبندي، ومعناها النقاش، وليس النقشندي نسبة إلى حرفة القماش، وتاريخ هذه الطريقة يعود إلي القرن الثامن الهجري، وقد وصلت تلك الطريقة إلى كردستان العراق على يد الشيخ ضياء الدين النقشبندي (1779-1821)، بعد عودته من الدراسة في الهند إلى مسقط رأسه قرداغ في السليمانية، بعدها درس في بغداد الطريقة القادرية.
مزار بهاء الدين النقشبند
يعقد رواد هذه الطريقة حلقات الذكر أسبوعيا لعدة مرات، أما أهم مزارات النقشبندية فتقع في ناحية بيارا في منطقة هورمان التي تضم سلسلة ضخمة من الجبال يقع بالقرب منه مزار الشيخين علاء الدين وسراج الدين، اللذين يقال أنهما رسخا وجود الطريقة في المنطقة.
وتعتمد النقشبندية ٣ طرق للوصول المراد وهي الدوام على الذكر القلبي، والمراقبة وطاعة المرشد، في الوقت الذي يبنى عملها الصوفي على اليقظة عند النفس، النظر إلي القادم، السفر في الوطن، الخلوة في الجلوة، حراسة القلب من الغفلات، حفظ آثار ذكر القلب الوقوف الزماني، الوقوف المكاني، الوقوف العددي، الوقوف القلبي.
تعتبر طريقة القادرية أول من نشرها في كردستان هو الشيخ إسماعيل الولياني، ويطلق على مكان القادرية التكية، وتتكون من كلمتين 'تاك' وتعني العزلة و'كاه' وتعني المكان، أي مكان العزلة أو الخلوة، بينما يسمى مكان النقشبندية الخانقاة، وتعني بيت الأمراء أو السلاطين، في الخان بمعنى الأمير أو السلطان وكاه بمعنى المكان، وتوجد لدى النساء عند القادرية مكان خاص وحلقات خاصة تديرها امرأة تعرف بـ'خليفة الشيخ'.
القادرية في كردستان
الدرباشية
وتعتمد القادرية على الدريشة وهي مقصورة على الرجال فقط، لصعوبتها وخطورتها، وتتم بإشراف الشيخ ومنح الأذن في ذلك، وتعني 'الدريشة' الخوارق، تصل إلى درجة إدخال خنجر في الجمجمة بمساعدة مطرقة، وبلغ الزجاج أو مقاومة لدغات الافاعي والعقارب، وأكل رأس الأفعى، ومقاومة الصدمات الكهربائية بعد أن يتعرض لها الجسم عدة دقائق، ويؤكد اتباع الطريقة ان الهدف منها هو إرجاع الناس إلي طريق الحق والصواب، لكنها ليست أمرا لابد للمريد من فعله.