يتسائل بعضا من الأطفال والشباب في عصرنا الحالي عن سيرة أبو الحجاج الأقصري وسبب حب المواطنين له وحرصهم على إقامة احتفالية كل عام بمولده، وسبب مشاركة الأهالي فيها من كل مكان فى جمهورية مصر العربية، سياح العالم أيضا، وحرصت 'أهل مصر' على أن تقدم خدمة لقرائها وتنشر السيرة الذاتية لأبو الحجاج في الأسطر التالية:
الإحتفال
الاسم الحقيقي لأبو الحجاج
يقول أحد الأهالي إن الاسم الحقيقي لصاحب هذا المقام هو يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد، يرجع نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب ابن عم النبي 'صلى الله عليه وسلم' لقب بأبو الحجاج الأقصري، حينما استقر في المحافظة وظهرت عليه العديد من الكرامات كما أنه بنى مسجدا بجوار كنيسة، وهو مسلم صوفي.
مولده أبو الحجاج
ولد أبو الحجاج الأقصري في أوائل القرن السادس الهجري ببغداد في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، لأسرة كريمة، ميسورة الحال، عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية، فترك عمله وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية فالتقى بأعلام الصوفية فيها، خاصة اتباع الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولي، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه.
صاحب المسجد الشهير بقنا
وعاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى بالشيخ عبد الرحيم القنائي 'صاحب المسجد الشهير بقنا'، ثم أقام واستقر بالأقصر حتى وفاته، ودفن في ضريح داخل مسجد سمي باسمه بني فوق أطلال معبد الأقصر، ظل الناس يذهبون إلى مقامه ويتبركوا به.
ويذكر أن أبو الحجاج كان له مجلس علم يحرص المواطنين من كل مكان على حضوره، والسماع إلى صاحب المجلس، الذي ترك تراثا علميا، أشهره منظومته الشعرية في علم التجويد، وحينما سُأل ذات يوم من أحد المريدين عن مجلسه من شيخك؟ أجاب:' شيخي أبو جعران' فاعتقد الحاضرين أنه يمزح فأخبرهم بأنه ليس مزحا وعندما سألوه كيف؟ قال :' كنت في ليلة من ليالي فصل الشتاء سهران، وإذا بأبي جعران يصعد منارة السراج فيزلق لكونها ملساء ثم يرجع فعددت عليه تلك الليلة 700 زلقة ثم يعود بعدها ولا يكل، فتعجبت في نفسي فخرجت إلى صلاة الصبح ثم رجعت، فإذا هو جالس فوق المنارة بجنب الفتيلة، فأخذت من ذلك ما أخذت' أي تعلم منه الثبات مع الجد والاجتهاد.
واحتفل أهالي الأقصر بعد وفاة أبو الحجاج الأقصري بمولده في يوم 14 شعبان كل عام، له طابع معين بعادات تعود للعصور الفرعونية مثل 'دورة أبو الحجاج' والتي هي عبارة عن تجمع آلاف المواطنين بساحة أبو الحجاج وتزين تابوت بالقماش المزركش، ووضعه على جمل، ثم يتحركون به من ميدانه إلى شوارع الأقصر، مهللين بأعلى أصواتهم بالمدح والإنشاد الديني، والصلاة على النبي، وسط فرحة مبهجة تغمر قلوب الصغير والكبير منهم.
ساحة أبو الحجاج الأقصري تمتلئ بزيارة المحبين والأهالي يوم الجمعة
ويشهد ميدان ساحة أبو الحجاج الأقصري، يوميا زيارة العديد من الأهالي وطلبة الجامعات والزائرين من السائحين الأجانب من كل دول العالم، والمحبين لأبو الحجاج الاقصري من كل محافظات الصعيد، للتمتع بالهواء النقي وسط أبراج الحمام التي تطوف بالميدان.
ويحرص العديد من أهالي الأقصر، على قضاء عطلة الجمعة بساحة أبو الحجاج، حيث تقوم كثير من الأسر بشراء تسالي وساندوتشات ومياه ومأكولات آخرى، ثم يصطحبوا أطفالهم ويغادرون منازلهم عقب صلاة الجمعة قاصدين ميدان أبو الحجاج الأقصري، من أجل الاستمتاع بعطلة الأسبوع وسط المناظر الخلابة التي تتواجد داخل الميدان من خضرا طبيعية وهواء نقي.
مولد أبو الحجاج
وتدخل احتفالات مولد أبو الحجاج الفرحة على قلوب العديد من الأطفال الذين يقوموا بشراء الألعاب ويمرحون بها وسط بهجة وسرور تعم قلوب الجميع، كما يقوم الأهالي بشراء القليل من غلة القمح من أجل رميها على الأرضية لنزول الحمام من أسرابه التي يسكن بها داخل معبد الأقصر، كي يلتقطوا العديد من الصور التذكارية في أثناء نزوله وتواجده حيث أنه يجعل الزائر يشعر وكأنه بأوربا من عظمة ما تشاهده عينه أمام حمام أبو الحجاج الأقصري.
وتحتل ساحة أبو الحجاج مكانة كبيرة في قلوب أهل صعيد مصر، منذ أعوام طوال وهذه الساحة شاهدة على جميع الأحداث والفعاليات الكبرى التي تنظم داخل المحافظة، كما تقام بها أكبر صلاة جامعة لعيدي الفطر والأضحى ويجري فيها تنظيم جميع الاحتفالات الوطنية منذ 50 عاماً'، لوقوعها بين حضارات متنوعة، حيث تقع بين مسجد القطب الصوفي، وبين معبد الأقصر الفرعوني أحد أقدم المعابد في العالم، كما تظهر صالة الأعمدة الفرعونية الشاهقة، الأمر الذي يعزز فضول كثير من السياح لزيارة المكان والتعرف إلى حال التنوع الفريدة به.
وتقام حلقات تحطيب ولعب عصا في ميدان أبو الحجاج أيام الإحتفال بمولده بمشاركة الأجانب ومشايخ لعبة التحطيب من كل محافظات الصعيد الجواني، إضافة إلى حلقات الذكر والمديح ليلا في كل أرجاء المدينة.