ارتفعت إصابات ووفيات الأطباء بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 حتى وصل عدد الأطباء المتوفين إلى 114 بطلا شهيدًا حتى الآن، مما جعل الكثيرون يتساءلون عن أسباب ارتفاع الإصابات والوفيات على الرغم من التزامهم بالاجراءات الوقائية والاحترازية الكاملة.
قال الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، إن هناك أكثر من 100 طبيب توفوا بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 حتى الآن، وأن هناك حوالي 1000 طبيب مصاب بالمرض ومثلهم متواجدون بالعزل المنزلي دون عمل مسحات للفيروس بسبب أن حالاتهم الصحية بسيطة أو متوسطة، مؤكدًا أننا أعلى معدلات إصابة بفيروس كورونا في العالم بالفريق الطبي.
وأضاف عبد الحميد في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر"، أنه للأسف لا يوجد حصر كامل دقيق لأن وزارة الصحة هي من لديها الأرقام الصحيحة عن إصابات الأطباء بفيروس كورونا وتم مخاطبتها أكثر من مرة ولكنها رفضت التعاون معنا، وبناء على ذلك يتم عمل حصر من النقابات الفرعية لمعرفة المصابين بكل مستشفى وكل هذا يأخذ وقتا كبيرا جدا.
وتابع أمين صندوق نقابة الأطباء، أن أعراض المرض تظهر من يومين لـ 14 يوما يكون الطبيب قد تعامل مع عدد كبير جدًا من المرضى ويصبح الفريق الطبي بؤرة لانتشار المرض في مكان به المرضى من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، فإذا لم يتم الحفاظ على الفريق الطبي فإنه مهما كان هناك إمكانيات فهي لن تفيد، مطالبًا بالتأكيد على توافر كل وسائل الحماية الشخصية لمكافحة العدوى، والحرص على ارتدائها وعدم التعامل مع أي مريض سوى بها، سرعة إجراء تحليل pcr وهو التحليل الوحيد المؤكد على أي حالة مخالطة أو مشتبه إصابتها، ولابد من توافر الرعاية الصحية الكاملة للأطباء وبالتالي أماكن عزل سواء علاجي أو منزلي بخلاف منازلهم لأن هناك أسر كثيرة يعيش عدد كبير من أفرادها في حجرتين.
وقالت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء السابقة، إن آخر إحصائية لعدد وفيات الأطباء نتيجة الاصابة بكورونا ، نشرت على الموقع الرسمي لنقابة أطباء مصر بتاريخ 26 يونية كانت 93 طبيبا، من الزملاء الذين أصيبوا وتوفوا وهم يمارسون مهنة الطب داخل مصر، وأضافت: الأعداد لم تشمل الزملاء الذين أصيبوا بكورونا بعد اعتزال مزاولة المهنة أو الأطباء العاملين بالخارج، أو الزميل الشاب محمد أشرف الجمل طالب الطب الذي تطوع بالعمل في مستشفى عزل الخانكة وأصيب وتوفى من جراء الاصابة، موضحة أنه بالنسبة للإحصائية التي اعلنتها وزارة الصحة عن اجمالي وفيات المصريين حتى نفس التاريخ ، نجد أن نسبة وفيات الأطباء وحدهم وليس كل أعضاء الفريق الطبي، بلغت 3.5% من اجمالي وفيات المصريين، في حين أن نسبة وفيات الفرق الطبية في انجلترا وألمانيا وايطاليا وأمريكا تتراوح بين 0.5 % إلى 1.3 % أي أن أعلى نسبة عندهم لوفيات الفريق الطبي كله حوالي ثلث نسبة وفيات الأطباء وحدهم في مصر.
وأضافت مينا: يلاحظ أن الدراسة لم تستخدم أي بيانات عن نسب "الإصابات" لأنه أصبح من المستحيل حصر أعداد الاصابات سواء بالنسبة للفريق الطبي أو المواطنين، مع اتباع البرتوكول الجديد لوزارة الصحة، الذي يعتمد على التشخيص بالأعراض فقط بدون عمل تحليل pcr ، وإرسال المرضى للعزل المنزلي إلا للحالات التي تعاني من أعراض تنفسية شديدة وبذلك لا توجد أي طريقة حقيقية لحصر الاصابات كما أن الدراسة لم تعتمد على أعداد الوفيات وسط الفريق الطبي، مع كامل تقديري لتضحيات كل الزملاء من الفريق الطبي ، لأنني لم أجد بيانات رسمية عن أعداد الوفيات وسط الزملاء العاملين بالمستشفيات من الصيادلة أو الفنيين أو التمريض أو العمال أو المسعفين أو الإداريين.
ولفتت إلى أن أسباب ارتفاع وفيات الأطباء بكورونا إلى:
1- عانت الأطقم الطبية خلال شهر مارس (بداية انتشار الوباء في مصر) من نقص شديد في وسائل الحماية الشخصية، حيث كانت الشكاوى الخاصة بنقص وسائل الحماية عموما والكمامات والكحول خصوصا لا تنقطع، ولكن الوضع تحسن بالتدريج بدءا من اواخر مارس بدخول العديد من منظمات المجتمع المدني والمتبرعين لمجال التبرع بمستلزمات الوقاية للمستشفيات.
2- حاليا هناك -بالأغلب- توافر لمستلزمات الحماية، ولكن هناك مشاكل في نوعية الكمامات، بالإضافة للشكاوى العديدة هناك مخاطبة رسمية حول هذا الموضوع الخطير، من شعبة تصنيع المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات.
3- لم توضع في أغلب المستشفيات والوحدات الصحية نظم لتسيير العمل تمنع ازدحام المرضى، طبعا هناك مبادرات رائعة من إدارات بعض المستشفيات كانت قادرة بالفعل علي عمل نظم تمنع تكدس المرضى ، ولكنها حالات متناثرة معتمدة على المبادرات الفردية .
4- صدر قبل إجازة عيد الفطر بيومين قرار وزاري بضم 320 مستشفى تابع لوزارة الصحة لمستشفيات فرز و عزل كورونا ، وهو قرار كان ضروريا لأن المستشفيات التي كانت مخصصة للعزل قبل القرار (حوالي 17 مستشفى) كانت غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة للإصابة بكورونا ، ولكن المشكلة الخطيرة أن ضم هذه المستشفيات تم فور صدور القرار، دون أي تخطيط تفصيلي لكيفية تقسيم المستشفى بين مرضى كورونا وباقي الحالات المرضية ، ولا تقسيم الأطقم الطبية ، ولا تدريب الأطقم الطبية على برتوكول التعامل مع حالات كورونا، ولا حتى تدربيبهم على نظم مكافحة العدوى الخاصة بالتعامل مع حالات كورونا ، ولا وضع قواعد حازمة تمنع تجول أهالي مرضى كورونا (وهم حاملين محتملين للعدوى بحكم مخالطتهم لمرضى كورونا) وسط المستشفي وتزاحمهم حول الأطقم الطبية بعيدا عن اي قواعد لمكافحة العدوى، للاستفسار عن اقاربهم أو للاعتراض على شئ ما أو لمحاولة دخول أماكن العزل للزيارة، من هنا أصبحت المشاجرات و الاعتداءات المتكررة على الأطباء والأطقم الطبية قصة متكررة بمعدل متصاعد، وتابعنا في الأيام الأخيرة الاعتداء على مستشفى القناطر الخيرية وشبين القناطر والأزهر الجامعي بدمياط وكفر الشيخ العام ومستشفى الحمام بمطروح.
5- الضعف الشديد للأمن الموجود بالمستشفيات، والذي يتعرض أعضاؤه أنفسهم للإعتداء ولا يستطيعون فرض النظام او حماية المستشفى والأطقم الطبية ، وعدم توفير الحماية الشرطية للمستشفيات التي خصصت حديثا للعزل، بعكس المجموعة الأولى من المستشفيات، حيث كانت مستشفيات مغلقة يمنع دخولها إلا للفريق الطبي بالمستشفى وسيارات الاسعاف التي تنقل المرضى.
6- الصعوبة الشديدة في عمل تحليل PCR للطبيب أو عضو الفريق الطبي المشتبه بإصابته، وقصر التحليل على من تظهر عليهم اعراض شديدة، والصعوبة الشديدة في ايجاد مكان عزل وعلاج لائق للطبيب او عضو الفريق الطبي حال إصابته، عكس كل التصريحات الجميلة التي تصدر من وزارة الصحة.
7- زيادة نسبة إصابات بين الأطباء فوق سن المعاش العاملين بعياداتهم ، حيث لا يستطيع اغلب الأطباء اغلاق عياداتهم الخاصة رغم السن الكبير، للضعف الشديد للمعاشات، التي لا تكفل للطبيب حياة كريمة بعد الخروج على المعاش (يبدأ معاش الطبيب عن سن الستين عاما بحوالي 2000 جنيها و يزداد بتدرج بطيء).
وأشارت الدكتورة منى مينا إلى أن الحلول تكمن في التدقيق في نوعية مستلزمات مكافحة العدوى، والمتابعة الدقيقة لتوفيرها بانتظام كما ونوعا، ووضع نظم اكثر دقة للعمل و تقسيم دقيق للمستشفى وعمل مسارات أمنة، ونظم لمكافحة العدوى وتدريب العاملين عليها، في المستشفيات التي تعمل في فرز وعزل مرضى كورونا كورونا، مع الاهتمام بقواعد مكافحة العدوى في سكن الأطباء والتمريض، فضلاً عن توفير تأمين قوي للمستشفيات مع حماية شرطية، لمنع تجول أهالي المرضى والتكدس والفوضى والاعتداءات في مستشفيات الفرز والعزل، الإصدار الفوري لتشريع يشدد عقوبة الاعتداء على الأطقم الطبية (يلاحظ أن هذا مطلب متكرر لنقابة الأطباء منذ سنواتو لا يوجد اي مبرر للعدم الاستجابة له).
ولفتت عضو مجلس نقابة الأطباء السابقة، إلى أهمية العمل على تقليل الازدحام بالمستشفيات، عن طريق تأجيل اي اجراءات علاجية غير ضرورية، وتأجيل حملات الصحة العامة (مثل حملات صحة المرأة و ما شابه)، فيما عدا بالطبع جدول التطعيمات الاجبارية للأطفال لضرورتها، وعمل تحليل PCR للأطباء واعضاء الفرق الطبية المشتبه بإصابتهم (تعرضوا لأي سبب لمخالطة حالة ايجابية دون حماية كافية) حتى قبل أن تظهر أي أعراض، وذلك لتسهيل محاصرة وتقليل انتشار العدوى وسط الأطقم الطبية مع تخصيص أماكن لعزل وعلاج الأطقم الطبية.