في سابقة تاريخية، ناقش مجلس النواب التونسي، اليوم، سحب الثقة من الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية، بعد تقديم عريضة استوفت النصاب القانوني من الموقعين والبالغ 109 من إجمالي عدد النواب الـ217.
وأفادت قناة 'سكاي نيوز عربية'، اليوم الخميس، بسقوط لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، مُشيرة إلى أن 97 نائبًا صوّتوا لصالح سحب الثقة بعد محاولات العديد من نواب حزب 'النهضة' الإخواني بتونس، اليوم الخميس، إلى عرقلة جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي على خلفية تورطه في التخابر وخدمة أجندات خارجية مشبوهة.
وكانت الحركة الإخوانية أعلنت أمس، عقب اجتماع استثنائي لمكتبها التنفيذي برئاسة راشد الغنوشي، التباحث في آخر المستجدات، عن تهنئتها المشيشي بالتكليف، ودعته إلى توسيع دائرة المشاورات مع الأحزاب والمنظمات الوطنية، ووضع برنامج وطني للإنقاذ، لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة.
لماذا عقدت جلسة سحب الثقة من الغنوشي؟
جاءت هذه الجلسة، استجابة إلى طلب تقدمّت به عدة كتل نيابية لسحب الثقة من الغنوشي، بسبب سوء إدارته للبرلمان ومحاولته توسيع صلاحياته على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية، إضافة إلى تحركاته المشبوهة لخدمة أجندة تنظيم الإخوان المسلمين وحلفائه في الخارج والذين من بينهم تركيا وقطر.وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد قال أمام القوات الخاصة للجيش التونسي: إنه لن يقبل أن تكون تونس مرتعاً للإرهابيين، ولا أن يكون فيها عملاء يتآمرون مع الخارج ويهيئون الظروف للخروج عن الشرعية قائلاً: 'من يتآمر على الدولة ليس له مكان في تونس'.
من جانبها، أكدت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر في البرلمان التونسي أن النصاب القانوني لسحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، سيكون متوفرا في الجلسة المقررة.
وأشارت عبير موسي إلى أن الراغبين في إسقاط الغنوشي من رئاسة البرلمان، يعملون على جمع أكبر عدد ممكن من الأصوات، مضيفة أن البرلمان التونسي لن يشهد فراغا إثر سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي.
وذكرت موسي على أنه سيتم انتخاب رئيس جديد في مدة لا تتجاوز 15 يوما، مؤكدة أن الحزب الدستوري الحر لن يُقدم مرشحا لرئاسة البرلمان، وهدفه ليس خلافة الغنوشي وإنما 'موقف مبدئي وليس الحصول على الكرسي'، وفق تعبيرها.
وفي السياق، كشفت مصادر لصحيفة 'لوبيرنو' الفرنسية أن برلمانيين كثفوا من تحركاتهم في الساعات الأخيرة بهدف ضمان الغالبية المطلقة لسحب الثقة من الغنوشي وهي 109 أصوات.
وأكد نواب أنهم ضمنوا هذه الغالبية لإزاحة الغنوشي وفتحوا نقاشا بشأن الأسماء التي ستخلف الغنوشي في رئاسة البرلمان، فيما كثفت حركة النهضة وحلفاؤها من تحركاتهم للالتفاف على الجلسة ومنع إقامتها، وفق برلمانيين .
موقف حركة النهضة وماذا بعد سحب الثقة من الغنوشي؟
فيما قال موقع 'تينيزي نيميريك' أن حركة النهضة أصبحت في حالة من التيه، ولم تعد تدري ما الذي ينبغي فعله إزاء انحسار الخيارات.وواضتف الموقع أن حركة النهضة صارت تروج 'نظرية المؤامرة'، وذهبت إلى أبعد من ذلك فصورت مسألة سحب الثقة من الغنوشي بمثابة مدخل إلى الكارثة.
وإذا نجحت مساعي البرلمانيين التونسيين في الحصول على 109 أصوات في جلسة سحب الثقة، فإن مغادرة الغنوشي ستكون ضربة قاسية للنهضة.
لكن متاعب حركة النهضة لا تقف عند جلسة سحب الثقة في البرلمان ، بل هناك قرارات الرئيس قيس سعيد والحكومة التي سيحيلها إلى التصويت في البرلمان برئاسة هشام المشيشي.
في المقابل، تسعى الكتل المؤيدة لسحب الثقة من الغنوشي إلى حشد جهودها للوصول للنصاب القانوني الضروري لإزاحة الغنوشي من قيادة المؤسسة التشريعية (109 أصوات) من خلال محاولة استقطاب النواب المستقليّن إلى صفها وإقناع كتلة 'قلب تونس' (27 مقعداً) للالتحاق بها، حيث لم توضّح هذه الكتلة بعد موقفها من التصويت على سحب الثقة، والذي سيكون حاسماً في بقاء الغنوشي أو مغادرته
اجتماعات سرية لإنقاذ موقف إخوان تونس
بعد زيارة أدروغان لتونس، كشفت مصادر تونسية لصحيفة liberation الفرنسية أن الاجتماع كان اتفاقاً بين 'الغنوشي' و'اردوغان' حول مساندة إخوان تونس للميلشيات في ليبيا، وهذا كان واضحاً عند عودة اردوغان إلى أنقرة، أعلن الرئيس التركي أنه سيقدّم إلى البرلمان في أوائل الشهر المقبل اقتراحاً بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، لدعم حكومة الوفاق الوطني، لذلك كان الصراع مع جارة تونس الكبرى على رأس المناقشات في تونس بين الرئيس المنتخب حديثاً، قيس سعيد، ورجب طيب أردوغان، حتى لو كانت، رسمياً، تتعلق بـ 'التبادل التجاري' بين البلدين، وقد انضم رئيس الوزراء الليبي في حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، إلى اجتماع تونس بين الرئيسين؛ التركي والتونسي.
كما أجرى 'راشد الغنوشي' بالفترة الأخيرة، زيارات سرية إلى تركيا التقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان، وتدخل في الملف الليبي عبر مكالمات مع قيادات إخوانية، في مخالفة للدستور التونسي الذي يعطي حصريًا صلاحية العلاقات الخارجية للرئيس قيس سعيد.
الغنوشي على غرار اخوان مصر
وفي سياق متصل، لجأت الحركة الإخوانية في تونس مثلما تفعل في وقت الازمات دائما إلى التفجيرات الإرهابية، كنوع من إثارة الفوضى والتمسك بالأمل الواهي ، حيث أحبطت السلطات التونسية عملية إرهابية كانت تستهدف مطعماً سياحياً بمدينة الحمامات السياحية في محافظة نابل.وأوضحت مصادر أمنية نقلت عنها مواقع محلية، أنه لولا الأمن التونسي لكانت وقعت حادثة إرهابية كبيرة جداً في تونس.
وكانت حركة النهضة في تونس قد هدّدت، الثلاثاء الماضي ، بشكل شبه علني بزعزعة استقرار البلاد، في حال استبعادها من الحكومة المقبلة.
وقد أوضحت 'الداخلية' التونسية، في بيانها، أنّ 'الإرهابي يتواصل افتراضيّاً عبر القنوات المشفرة مع أطراف أخرى من أتباع التنظيم الإرهابي بالخارج للالتحاق بهم بساحات القتال، إلا أنه تمّ إلقاء القبض عليه قبل الشروع في مخططاته في محافظة أريانة.
ويذكر أن الغنوشي انتخب رئيساً للبرلمان التونسي في 13 نوفمبر 2019 بأغلبية 123 صوتاً، وخضع مذ توليّه المنصب إلى جلستين للمساءلة حول تحركاته الخارجية في محيط الدول الداعمة والموالية لتنظيم الإخوان، وتعمقت خلالها الأزمة السياسية وتوسعت دائرة الخلافات والصراعات الحزبية