اعلان

بعد الحكم بعدم الاختصاص.. أزمة "الطلاق الشفوي" تعود للمربع (صفر)

الشيخ الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر
الشيخ الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر

من جديد، عادت قضية الطلاق الشفوي إلى الأضواء ثانيا، والسبب هذه المرة هو الحكم الصادر قبل يومين من محكمة القضاء الإداري بعدم الاختصاص الولائي بنظر دعوى إلزام وزير العدل، بإصدار قرار بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، ينص فيه على أن الطلاق لا يعد شرعيًا للمتزوجين بوثائق رسمية، إلا بموجب وثيقة ومستند رسمي.

الرئيس السيسي، ألقى الضوء في 2017، على قضية وخلاف الطلاق الشفوي، عندما طلب من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خلال كلمته باحتفالات عيد الشرطة، الرأي الشرعي في مسألة الطلاق الشفهي بهدف وضع حلول مناسبة لهذه الظاهرة للحد منها، إلا أن رد الأزهر جاء عقب اجتماع هيئة كبار العلماء عدَّة اجتماعاتٍ لبحثِ قضية الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وأعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد في 5 من فبراير 2017م، وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلى عدد من القرارات الشرعية ومنها: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونما اشتراط إشهاد أو توثيق.

كما استقر مجلس هيئة كبار العلماء على أنه 'على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة.

فى عام 2018، عاد الداعية الإسلامي خالد الجندي وتحدث عن القضية خلال لقاء تليفزيوني، أوضح فيه أن الطلاق الشفهي لا يناسب العصر الراهن، مشيرا إلى أن عقد الزواج سابقًا كان يتكون من طرفان الزوج والزوجة، ولكن بعد تطور مفهوم الدولة أصبح عقد الزواج مكون من زوج وزجة والدولة الممثل في ختم المأذون، مؤكدًا أن الطلاق الشفهي لا يجوز في حالة عدم وجود الطرف الثالث وهو الدولة.

أقيمت دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، اختصمت شيخ الأزهر، وطالبت بإلزام وزير العدل، بإصدار قرار بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، حتى قضت المحكمة بعدم اختصاها بنظر الدعوى من الأساس.

تفاصيل الدعوى التي اختصمت شيخ الأزهر

ذكرت الدعوى أنه وإذا كان الشعب المصري قد حسم أمره في عدم الاعتراف بالطلاق الشفوي للمتزوجين، بدلالة استكمالهم للحياة الزوجية، مع إكثار الأزواج من ألفاظ الطلاق الشفوي التي يندفعون إليها بسبب ضغوط الحياة، بدون إرادة الطلاق الحقيقى، وقبول كثيرين منهم أدنى المبررات الفقهية التي تقضي بعدم احتساب لفظ الطلاق الشفوى طلاقًا شرعيًّا، كما أن الطلاق الشفوي طلاق شرعي، وأن الطلاق الرسمي طلاق قانوني، وأن العبرة في الدين بالشرع لا بالقانون، ما يدفع بهؤلاء الضعفاء إلى الاستسلام لظاهرة المحلل المقيتة بعد الطلقة الشفوية الثالثة بما يكثر كبرياء الزوجين ويهين كرامتهما.

وأضافت الدعوى، أن كبار علماء الدين والفقهاء اتفقوا جميعًا على أنه لا أثر ولا حجية للطلاق الشفوي ولا يعتد به، وأنه يتعين أن يكون موثقًا كما يتم توثيق وثيقة الزواج، مطالبة بإصدار حكم بإلزام وزير العدل، بإصدار قرار بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية المصرى بأن يثبت فى وثائق الزواج الرسمية، ليعلمه الزوجان عند إبرام عقد زواجهما، وينص فيه على أنه لا يعتبر طلاقًا شرعيًا للمتزوجين بوثائق رسمية إلا ما يتم إثباته بوثيقة.

استند قرار المحكمة إلى أن المذاهب الفقهية ولا سيما المذهب الحنفي الذي اعتد بالطلاق الشفوي، ومن ثم ينحسر عن اختصاصها في المنازعات ذات الوصف الإداري بأي شكل من الأشكال، كما أن الدعوي المرفوعة تضمنت طلب تعديلا في آراء مذهب معتد ومحال إلي آرائه حال عدم وجود نص في القانون يحكم المسألة الشرعية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعد اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيا بنظر هذا الطلب دون إحالته إلي أي جهة قضائية آخري لعدم الاختصاص بالأمور الشرعية.

مقترحات التشريع

الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، علق في تصريحات صحفية له على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، مشيرا إلى أن الأمر متعلق بالعمل التشريعي، وخارج عن اختصاص القضاء برمته، وينص القانون في حالة إصدار حكم بعدم الاختصاص أن يتم إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، لكن في تلك القضية فإن محكمة القضاء الإداري لم تحل القضية إلى محكمة أخرى، لأن الأمر لا يختص به القضاء بجملته، سواء كان القضاء العادي أو الإداري.

ولفت أستاذ القانون الدستوري إلى أن مقترحات التشريع يختص بها رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أو أحد أعضاء مجلس النواب، وما قضت به محكمة القضاء الإداري هو تطبيقا وحكما صحيحا، لأن القضاء بجهتيه الإداري والعادي ليس مختصًا بهذه الموضوعات لأن مقترح القانون هو بداية إعداد القانون الذي ينطلق من فكرة الاقتراح وهو الأمر المناط بالبرلمانات، وبالسلطة التنفيذية على سند من وجود علاقة تعاون بين السلطات.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً