نظرة سخرية من زبون دفعتني للتعليم.. قصة ترزي قضى على أميته وحصل على الدكتوراه

دكتور إبراهيم الشاهد
دكتور إبراهيم الشاهد

'كنت ارتدي القميص والبنطلون نظرًا لتواجدي في القاهرة منذ الصغر وعملي بها كترزي، وعندما عدت إلى قريتي بالفيوم، عملت بها ولم تتغير ملابسي، فنظر إلي أحد الزبائن بسخرية وتعجب، وكان في ذهنه كيف يرتدي ملابس أفندي وهو جاهل لا يعرف القراءة والكتابة؟ من هنا تحرك حلم بداخلي فقررت في الالتحاق بفصول محو الأمية'.. هكذا بدأ إبراهيم الشاهد 52 عامًا، ابن قرية معصرة صاوي بمركز طامية بالفيوم، أحد النماذج المشرفة الذي تحدى الصعاب، من أجل حلمه بعد مشقة وعناء نفسي ومعنوي، ليحصل على الدكتوراه في عام 2019 بعد رحلة علم كبيرة بدأها بفصول محو الأمية.

دكتور إبراهيم الشاهددكتور إبراهيم الشاهد

ضعف الإمكانيات المادية تحول بينه وبين التعليم

ويحكي إبراهيم الشاهد قصة كفاحه: 'لم استطع الالتحاق بالابتدائية مع الأطفال التي تتساوى معي في العمر، بسبب الظروف الصعبة التي عشتها مع أسرتي وعدم توفر الأموال للإنفاق، فانفصل والديّ عندما كنت في العام الخامس، واضطررت للعمل من أجل الإنفاق على شقيقي المعاق بعدما ترك لي والدي إرثًا من الهموم المشقة، ومسؤولية لا يتحملها إلى أولى القوة'.

الشاهد ترك حلمه خلفه بالتعلم أصدقائه والأطفال من أبناء قريته، وبدأ عمله ترزيًا في أحد المحال بالقاهرة، من أجل لقمة العيش وحتى يستطيع الإنفاق على نفسه وعلى شقيقه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم رحلة كفاحه في العمل إلا أن حلمه ظل يراوده حتى بلغ عامه الـ 25، ليبدأ رحلته من الابتدائية وحتى حصوله على الدكتوراه في 2019.

دكتور إبراهيم الشاهددكتور إبراهيم الشاهد

سخرية أحد زبائنه دفعته للالتحاق بالتعليم

ويسرد: 'لم أفكر في عملية التعليم بعدما استغرقت نصف عمري في العمل والكفاح والعناء، وبدأ حلمي مع التعليم يتلاشى، حتى جاءت اللحظة الفارقة، والشرارة التي غيّرت حياتي، وجعلت حلمي ينبض مرة أخرى، فظللت في القاهرة أعمل ترزيًا حتى وصلت لـ25 عامًا، وبعد زواجي بـ3 سنوات، عدت إلى الفيوم، وفتحت محلًا للخياطة وكان أهم شئ وقتها هو الدخل المادي لي، وفي أحد الأيام جاء لي زبونًا، وظل ينظر إليً بسخرية وتعجب، لارتدائي البنطال والقميص، على كوني لا أعرف القراءة والكتابة، فقررت من حينها الالتحاق بفصول محو الأمية'.

يضيف الشاهد: 'بالفعل التحقت بمحو الأمية، وتعلمت القراءة والكتابة، و كافحت بكل إصرار على اللحاق بمن سبقوني بل والتفوق عليهم، وبدأت رحلة كفاحي من أجل العلم، وحصلت على الشهادة الابتدائية، بعدما فزت بالمركز الأول على مستوى مركز طامية، وحللت ثانيًا على مستوى المركز في الشهادة الإعدادية، وكنت وقتها أدرس بالمنزل بسبب السن.

ويستطرد: 'كنت أحلم بتخطي الثانوية العامة، لكني فشلت بسبب عدم توافر المال وعملي في محل الخياطة بشكل دائم، فقررت التحويل من الثانوية العامة للثانوي التجاري، وحصلت على الدبلوم بترتيب 26 على مستوى الجمهورية'.

دكتور إبراهيم الشاهددكتور إبراهيم الشاهد

بداية رحلته مع دراسة الإعلام

يقول إبراهيم: 'كنت اقتطع جزء من أموال الطعام والمواصلات لشراء الصحف والمجلات، ومن هنا جاء عشقي وحبي للإعلام، فقررت دراسة الإعلام بنظام التعليم المفتوح، والتحقت بجامعة القاهرة عام 2000 وأنهيت دراستي بعد 4 سنوات بتقدير جيد، ولم اكتف بذلك، بل أكملت الدراسات العليا، حتى حصلت على دبولة الدراسات العليا في الإعلام من جامعة الزقازيق، وفي عام 2014 حصل على الماجستير في رسالة بعنوان 'دور البرامج الدينية في الفضائيات في تشكيل اتجاهات طلاب الجامعات نحو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية' من جامعة عين شمس، ومنها أصبح الطريق ممهدًا حتى حصل على الدكتوراة التي حصل عليها في 2019.

مأساة في عمله وراتب ضعيف

ويبين الشاهد، أنه تقدم لوظيفة باعتباره من حملة الماجستير، وجرى تعيينه بقطاع المحليات عام 2015، فكان مسؤول التنمية البشرية بمجلس مدينة سنورس عام 2016، ثم عين رئيسا للوحدة المحلية لقرية زاوية الكرادسة التابعة لمركز الفيوم، وهناك حقق طفرة في التصدي لمخالفات البناء، وتهريب البوتاجاز، وحاربت الفساد، ما تسبب في شن حملات ضده، ليقرر ترك العمل بها والعودة كموظف بالوحدة المحلية بمدينة الفيوم، مشيرا إلى أنه يتقاضى 2000 جنيه فقط.

دكتور إبراهيم الشاهددكتور إبراهيم الشاهد

رفض العمل بالمحليات ولوحة مشرفة لأبنائه

يبين الشاهد، أنه رفض العمل رئيسا لوحدة محلية مرة أخرى، وأنه ادعى المرض كي لا يعين رئيس قرية من جديد، وتفرغ لتعليم أبنائه، فنجله 'عثمان' مدرس فرنساوي، و'أسماء' مدرسة لغة إنجليزية، و'فاطمة' مدرسة دراسات اجتماعية، و'مريم' طبيبة أسنان، و'منى' طالبة بكلية الطب البيطري، وآخر العنقود 'محمد' طالب بالمرحلة الإعدادية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً