خشب أبيض عزيزي وعروق بعض أجزاء شجر الجزوارين، تدار وتدفع المياه من منسوب أدنى إلى منسوب أعلى، في مشهد جمالي طبيعي مع صوت ونعير يطرب الآذان، ولكن هذا المشهد بعد 2000 سنة منذ نشأته يتحول إلى رمزًا سياحيا لـ محافظة الفيوم، يأتي إليه زوار من الداخل والخارج، ليرون مشهد 'سواقي الفيوم'.
وبعد أن كانت سواقي الفيوم رمزا سياحيا يأتي إليها السياح من كل مكان، صارت الأن منطقة مهجورة يحيطها الفراغ وتتسلط عليها أشعة الشمس في النهار، وفي الليل ظلام الليل يكسوها، لتفقد السواقي خطوة بخطوة دون اهتمام.
سواقي الفيوم
السواقي في طريقها للاختفاء
يقول محمد عادل أحد مواطني الفيوم، إن منطقة السواقي بوسط الفيوم من أهم مناطق المحافظة: 'دائمًا عندما ننزل من مركزنا بطامية لابد أن نقف بجوار السواقي ونأخذ الصور التذكارية، ونجلس على النجيل المحيط بها في هواء نقي مع سماع صوت السواقي وهي تهدر بالماء من أدنى لأعلى، لكن الآن المنظر غريب وإهمال كبير يلحق بها'.
ويبين عادل، أن السواقي تبدأ في فقد هيبتها وجمالها مع مرور الوقت، ومع كل عام جديد تتغير للأسوأ دون معرفة السبب، فهلا لا يوجد من يصمم بمحيطها شكل جمالي يزيد من رونقها وأهميتها ويجذب الزوار لها كالماضي.
مناشدة للمحافظ بالاهتمام بالسواقي
وتعلق هاجر مسلم خريجة بالفيوم، أن منطقة السواقي بوسط البلد كانت منذ سنوات جميلة والأشجار والخضرة تحيط بالسواقي، لكن بعدها غيرت المحافظة كل ذلك وقامت بإزالته وتم تأجيرها لمستثمر قام ببناء أسوار ووضع كراسي ومقاعد لتصبح منطقة تشبه الكافيتريا.
وأضاف المستثمر بها منطقة للترفيه وألعاب الأطفال، لكن فوجئنا الفترة الحالية بإزالة كل ذلك مجددًا، وأصبحت منطقة السواقي مهجورة وخالية، وشكل السواقي بها لا يليق بتاريخها.
من جانبه يناشد محمود صوفي، مواطن بالفيوم، الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، بالاهتمام بالسواقي وبالمنطقة المحيطة بها، وأن يلقي نظرة على الشكل الجمال، مبينا أنها منطقة مميزة، وهي عنوان المحافظة ولابد من الاهتمام الشديد بها، وإعادة تجميلها من جديد.
السواقي معلم المحافظة تفقد أهميتها مع الوقت
من جانبه، يقول الدكتور نبيل حنظل، المستشار السياحي للمحافظة، إن سواقي الفيوم هي معلم المحافظة والمعروفة به، وهي كالمقر والاستضافة التي تستقبل من خلالها المحافزة زائريها وضيوفها، لكن الفيوم تفقد السواقي خطوة بخطوة دون اهتمام، لافتا إلى أنه منذ فترة قريبة اصطحبته قناة فضائية عربية شهيرة للتصوير في سواقي الفيوم وحتى يبعدهم عن مشهد سواقي وسط المدينة ويكون المشهد أفضل اصطحبهم إلى سواقي الهدير، ولكنه فوجئ بتكسيرها والممشى السياحي الذي أنفق عليه ملايين الجنيهات واختفى تماما.
ويوضح أن سواقي ميدان قارون 4 سواقي وهي قيمة ثقافية وتاريخية، وهي آلة ري قديمة أنشأت في الفترة اليونانية الرومانية لحل مشكلة انحدار مياه الري، وفي عهد الملك فؤاد بدأ توليد الكهرباء عليها، لافتا إلى أنه لا يوجد سواقي في الوطن العربي إلا في الفيوم وسوريا.
حكاية الفيوم مع السواقي
وتشتهر محافظة الفيوم بأنها بلد السبع سواقي حيث يوجد بها أكثر من 200 ساقية موزعة في جميع أنحاء المحافظة، ووضعت السواقي المحافظة على الخريطة السياحية وأصبحت المحافظة الوحيدة المميزة بالسواقي.
وعمر السواقي عن 2000 عام، والتي تم ابتكارها في العصر البطلمي، بعد أن اتجه المصري القديم إلى الزراعة في الفيوم، حيث تعتبر المحافظة الوحيدة منخفضة ولحاجة الفلاح القديم إلى ري الأرض من منسوب أدنى إلى منسوب أعلى، كان عليه أن يفكر في وسيلة لرفع الماء إلى الأرض الزراعية، فاستغل البطالمة شلالات بحر يوسف، في دفع سواقي الهدير، لتجلب هذه السواقي المياه من أسفل إلى أعلى بفعل قوة دفع المياه ذاتها.
وهي عبارة عن منحدرات تبدأ في الجنوب عن ارتفاع 26 متراً فوق سطح البحر، وتنتهي بارتفاع 44 مترا تحت سطح البحر شمال المحافظة عند شواطئ بحيرة قارون، ولحاجة الفلاح القديم ري أراضيه من منسوب أدنى إلى منسوب أعلى كان عليه أن يفكر في وسيلة لرفع الماء إلى الأرض الزراعية، وتعتبر أهم ساقية منهم التي تقطن في وسط المدينة.