ابتسامة عريضة رسِمت على وجه طفلة صغيرة، وفرحة كبيرة تملكت قلبها، وهي تتشبث بيد أمها، حريصة على الذهاب لرحلة بحرية للتنزه، برفقة أطفال كثيرين، أثناء الطريق والطفلة ببرائتها يدور في خيالها المركب الذي سوف تستقله برفقة عائلتها، والاستمتاع بالرحلة وسط البحيرة، حتى الوصول إلى الجزيرة وقضاء وقت ممتع، لم تكن تعلم الطفلة الصغيرة أنها رحلة إلى الموت.
مشهد حزين يدمي القلب ويدمع العين، ضمن مشاهد عدة في حادث غرق مركب ببحيرة مريوط بالإسكندرية، راح ضحيته 9 أشخاص من عائلة واحدة، بينهم 5 أطفال كان كل حلمهم التنزه فقط، لكن كان الموت ينتظرهم على الجزيرة التي كانوا يقصدونها في الملاحات.
طفل لم يتعد عمره سنوات، اصطحبه والده لرحلة في الملاحات ببحيرة مريوط على ظهر مركب، ضمن 19 فردا من ذات العائلة، الطفل الذي ظل طوال الطريق للجزيرة في الرحلة "المشئومة" يتحدث مع رفقائه الصغار عن جمال الرحلات البحرية كما عرفها على يد أستاذه في مدرسته الإبتدائية، ذلك الطفل الذي كان يحلم بالوصول إلى الجزيرة للعب مع أصدقائه وسط مياه البحيرة.
فجأة تغير كل شيء، وانقلب الموقف رأسًا على عقب، وانتهت الرحلة بموت الطفل وأقاربه الصغار، ولعل الأستاذ نسي أن يخبر تلاميذه بأن الموت أحيانا يخطف أعمار الذاهبين إلى رحلة للتنزه، ولكن حتى لو أخبرهم، هل كان بمقدور الطفل الذي ودع أستاذه وزملاءه في المدرسة، بل والحياة بأكملها، أن يغير وجهته إذا علم أن الموت ينتظره قبل أن يصل إلى الشاطئ؟.
الموت لا يفرق بين كبير وصغير، حقيقة نعلمها جميعًا وظهرت جلية في هذا الحادث البشع، فخطأ من سائق مركب قام بتحميل 19 شخصا على متن القارب، أثناء رحلة العودة من الجزيرة، مما أغرق المركب في مياه البحيرة وأزهق أرواح 9 أفراد منها، كان كفيلًا بإنهاء حياة 5 أطفال لم يرتكبوا أي جرم، سوى أنهم أرادوا تحقيق حلمهم بوقت من الفرحة! وللأسف، فالحياة ربما تعطيك وقتًا للفرحة والاستمتاع حقًا، ولكنها تجبرك في نفس اللحظة أن تعيش أوقاتا من الحزن والبكاء.
البكاء والعويل كانا هما المسيطرين على المشهد أثناء انتشال جثث الضحايا وإنقاذ المصابين في حادث الإسكندرية، فالدموع كانت تنهمر من أعين الصيادين وبعض الأهالي الذين عاونوهم في انتشال الضحايا قبل وصول الشرطة، ورغم أن هناك ناجين من الغرق، لكن هؤلاء عندما يفيقون ويستوعبون ما حدث ربما يتمنون الموت، إذا علموا أن أطفالهم وأطفال أقاربهم وذويهم غرقوا في البحيرة في هذه الرحلة المشئومة، لكن الأكيد أن هذا اليوم وتلك اللحظة وستظل ذكرى حزينة لهذه العائلة المنكوبة إلى ما شاء الله.