'يدخل الليل عليا بسكونه ليكون هو 'الدفتر' الذى أراجع فيه يومياتى وأتذكر كل هموم الدنيا فأضع رأسى على الوسادة التى لم تكن إلا ملاذا لي في وحدتى بل فى عالم كله؛ تفكير فى المستقبل المجهول بالنسبة لنا وكأنها الصديق الذى يحمل همومى لم تنفر من كثرة الشكوى وأحيانا كثيرة تتحول الشكوى إلى بكاء 'فضفضة 'عما فى القلب من هموم فأنا لديّ خمسة أبناء كل يوم أتساءل كيف سيمر الغد علينا'، هكذا بدأت ناهد التهامى الأم التى تبلغ من العمر 54 عاما حديثها لـ 'أهل مصر'.
وتابعت: 'كان زوجى يعمل نقاشا قبل أن يداهم المرض صحته ويدمرها ورزقنا الله بخمسة من الأبناء، 4 بنات وولد وحيد؛ أعمار البنات 27 ،26، 25، 16 عاما أما عبد الحميد ابنى يبلغ من العمر 14 عاما، وهو يعانى من عجز 'إعاقة حركية ' فأثناء ولادته وقع على الأرض وكان إهمال كبير من الطبيب الذى أجرى عملية الولادة لي فهو وقع من بين يديه ولم يدفع ثمن إهماله بل ظللت طوال عمرى أدفع أنا وابني الثمن.
وأضافت الأم المكلومة: 'كان الله قد رزقنى بابنتي ياسمين التى تبلغ من العمر الآن '26' عاما ولدت متعافية دون أي مرض ولكن أثناء تطعيم الـ 6 اشهر اخذوا منها تحليل من العامود الفقرى أدى إلى إصابتها بضمور فى المخ وحدثت لها أضرار كبيرة سببت لها إعاقة حركية، وفى هذا التوقيت كنا فى ليبيا مع زوجى لأنه كان يعمل نقاشا وهناك واصطحبنا لنعيش معه وعندما ضاقت الأحوال علينا فى الغربة رجعنا إلى أم الدنيا 'مصر' لنعيش فيها حتى ولو هناكل عيش وملح وبالفعل استلمت وحدة سكنية بقرية المناصرة غرب بورسعيد وكان زوجى يعمل ليلا ونهارا من أجل توفير 'لقمة العيش' لنا وكنت سعيدة بأننا نعيش معا بين أربعة جدران تحمينا من عراء الشارع'.
وتابعت الزوجة: 'لكن تتبدل الأحوال إلى الأسوأ لأتحمل ألما جديدا يضاف إلى معاناتى حمل أثقل ألا وهو مرض زوجى فجأة أصيب بفشل فى الرئة وكان لابد من إجراء عملية جراحية له تكلفتها المادية تتعدى ثلاثون ألف جنيه، وتوقف تفكيرى وأصبحت عاجزة اليدين لم أستطع توفير جنيه من المطلوب فنحن نعيش اليوم بيومه ولو توفر قوت يومنا 'أبوس إيدى وش وضهر' وأحمد ربى على كل حال مر بنا بالإضافة إلى أعباء مرض اولادى الاثنين، لم يكن أمامى سوى بيع المنزل الذى يأوينا حتى أنقذ زوجى من الموت وبالفعل قمت ببيعه 'ما هو الغلبان ما بيشبعش غلب' وتم إجراء العملية لزوجى والحمد لله تحسنت صحته لكنه لم يعد يستطيع أن يبذل مجهودا كبيرا فى العمل مثل ما كان يفعل قبل مرضه فهو يسعى 'وربنا عليه التساهيل'.
واختتمت: 'قدمت أوراق أبنائى فى التضامن الاجتماعى ليستفيدوا من مساعدة 'كرامة' فأخشى عليهما من الزمن وأتمنى أن يكون لهما مصدر ثابت يعينهم على مرضهما، وأخشى أن ينهش الزمن فيهما من بعدى وهم ضعاف الحيلة لم يستطيعوا الحركة، نعيش الآن فى شقة مفروشة إيجارها يصل إلى 1300 جنيه يساعدنى إخوتى فى دفع الإيجار ولم أدرى كيف تمر الحياة بنا ونحن بلا مورد رزق ولكن أقول بأنها 'البركة' التى يبعثها الله لنا يبارك لنا فى القليل ليكفينا ولم يجعلنا نمد أيدينا لمخلوق ومع كل ضربات الزمن القاسية التى أتعرض لها فى حياتى إلا أننى استمد قوتى من الله سبحانه وتعالى وإيمانى وأدعوا ربى فى كل صلاة أن يقوينى ودعائى دائما بأن ألقى ربى بعد أولادى حتى لا يضيعوا من بعدى، ولن يستطيع أى إنسان أن يتحمل الأبناء سوى الأم ويكفى اننى كلما نظرت إليهما أجد دموعى على خدى ولكن الله دائما معى ويمنحنى الصبر على تحمل البلاء واعتبره دائما اختبارا من الله سبحانه وتعالى ولابد وأن أفوز فيه'.