احداث افغانستان الاخيرة كشفت انه بعد عقدين من أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة، قررت سحب قواتها بدون شروط من افغانستان، وهو ما سيفعله شركاؤها في الناتو أيضا، ولكن ما السبب وراء انسحاب الادارة الامريكية الآن من كابل وتركها لحركة طالبان ، قبل شهرين، أشارت وثيقة الدليل الإستراتيجي المؤقت للأمن القومي التي نشرها البيت الأبيض، إلى أن الولايات المتحدة 'لا ينبغي أن تنخرط، ولن تشارك، في حروب إلى الأبد، كلفت آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات. وسنعمل على إنهاء أطول حرب تشنها أميركا في أفغانستان على نحو مسؤول، مع ضمان ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذا آمنا للهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة'.
معضلة احداث افغانستان في هذا السياق، أكد 'ديفيد دي روش' الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع ، والمحارب السابق في افغانستان، عدم وجود حل عسكري سحري للمعضلة في افغانستان.
وفي تصريح خاص لـ' اهل مصر'، اكد دي روش أن المشكلة مع الغزو الأميركي في احداث افغانستان هي 'أننا غيرنا أهدافنا أثناء وجودنا هناك، فقد كانت أهدافنا الأولية هي تقييد الأشخاص الذين شنوا هجمات 11 سبتمبر والتأكد من أنه لا يمكن استخدام افغانستان لشن المزيد من الهجمات على امريكا، وقد تحققت هذه الأهداف خلال بضعة أشهر، وجرى التوصل إلى نتائج إيجابية في هذا الصدد'.
واضاف 'دي روش' عن ضياع بوصلة الوجود في افغانستان حيث تم 'توسيع نطاق أهدافنا لتشمل تمكين حكومة ديمقراطية تحترم حقوق المرأة وحقوق الأقليات العرقية، ولكن من المؤسف أنه عندما وسعت الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون الأهداف بالنسبة لأفغانستان، لم تتضمن الأدوات والوسائل الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف، وخاصة في المناطق النائية، شاركنا رجالاً أقوياء إقليميين كانوا ذوي طابع مشكوك فيه ولهم علاقات بحركة طالبان'.
والآن اكتفت الولايات المتحدة من الحرب، ولا ترى بأي شكل من الأشكال أن الحكومة الأفغانية سوف تتطور إلى ما كانت واشنطن تأمل منها، لذلك جاء قرار بايدن بالانسحاب.
المنافسة مع الصين و ازمة ايران وراء احداث افغانستان
قال الدكتور طارق فهمي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن الرئيس الامريكي جو بايدن اعلن أن هناك حاجة لإعادة توجيه اهتمام وقدرات الولايات المتحدة إلى أولويات السياسة الخارجية الأمريكية الأكثر إلحاحًا والتى يأتى على رأسها المنافسة مع الصين، ومن ثم كان من البديهى أن يتخذ 'بايدن' قرارًا منذ ما يقرب من شهرين لانسحاب القوات الأمريكية بشكل نهائى من افغانستان للحد من تقيد الولايات المتحدة فى حرب يبدو أنه لا نهاية لها، لكى يتفرغ لمواجهة التحديات المنبثقة من الصين، خلال احداث افغانستان .
واضاف 'فهمي' في تصريح خاص لاهل مصر أن الأسباب التى تروج لها الإدارة الأمريكية حول الانسحاب العسكرى من افغانستان، والتى تتمثل فى تعزيز القدرة التنافسية مع الصين، ليست مقنعة؛ حيث إن ملامح استراتيجية الولايات المتحدة تجاه افغانستان لفترة ما بعد الانسحاب تثير الشكوك والغموض بشأن قدرة واشنطن على التنافس الفعال مع بكين، حيث يبدو أنها ستقوض من القدرة الاستراتيجية للولايات المتحدة فى مواجهة الحزب الشيوعى الصينى، وارجح أن الامر وكأنه يعاد مرة اخرى فامريكا بدأت تخرج من سوريا وترفع يدها عن الامر، لإعطاء الفرصة لتنظيم داعش ان يضم للمنظمين في العراق، وهذا ما سيحدث في افغانستان حيث يتحركة قادة طالبان الآن نحو إيران وهذا ما تريده امريكا للمفاوضة على الاتفاق النووي الايراني أو وضع عقوبات اكثر تشدداً، وبالتالي سيتم تسليم كافة المتعاونين مع ايران من طالبان.
امريكا تترك تركيا للسيطرة على الامور في افغانستان
في هذا السياق، قال محمد سلامة استاذ القانون الدولي إن العرض التركي بالبقاء في كابل، يحظى برضا أمريكي، لأن واشنطن تريد أن تترك بديلا ولو مؤقتا، تعتمد عليه في السيطرة على ما ستتركه من أماكن استراتيجية داخل افغانستان، حتى لا تتهم بالتخلي عن دورها في الحرب على الإرهاب، وحتى يسجل التاريخ أن سيطرة طالبان على افغانستان، كانت في وجود قوة أخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية.
واشار في تصريح خاص لاهل مصر إلى أن تركيا تعمل على إنشاء محور تابع لها يبدأ من الشرق الأوسط في سوريا، مرورا بالتحالف مع إيران، ووصولا إلى وجود قوي في أفغانستان، على أن يكون هذا المحور مدعوم اقتصاديا، بالأموال والبترول الليبي.
وأشار إلى أن تركيا منذ تلقت من الولايات المتحدة إشارة انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، وهي تعد العدة للقفز مكان هذه القوات، لذا تتداول حاليا معلومات عن أن أنقرة، تبرم عقود مع أعداد ضخمة من المرتزقة إلى أفغانستان، مقابل رواتب شهرية، كما تفعل حاليا في ليبيا.