ads
ads

نار حي الصبرة تعيد التاريخ بعد 50 عاماً: أبو الشباب ودغمش يسترجعان شبح "سعد حداد".. وترامب يمنح حماس تفويضًا للسيطرة على الفوضى

غزة
غزة
كتب : سها صلاح

تشهد مدينة غزة، وتحديدًا حي الصبرة، توترًا أمنيًا متصاعدًا بعد اشتباكات عنيفة بين أجهزة الأمن التابعة لحماس ومسلحين من عائلة دغمش، وهي إحدى أبرز العائلات المعروفة بنشاطها المسلح في القطاع.

تُعد عائلة دغمش من أكبر العشائر في غزة، واشتهرت منذ منتصف العقد الأول من الألفية بتأسيسها لجماعة 'جيش الإسلام' التي كان يقودها ممتاز دغمش، والتي تورطت في عدة عمليات أبرزها اختطاف الصحفي البريطاني ألان جونستون عام 2007.

رغم أن علاقات العائلة بحماس شهدت فترات من التعاون، فإنها تحولت لاحقًا إلى توتر وصدامات متكررة بسبب رفض العائلة الخضوع الكامل لسلطة الحركة في غزة.

أحداث حي الصبرة ووفاة صالح الجعفراوي

أصدر المجلس المركزي لعائلة دغمش، اليوم الاثنين، بيانًا بشأن الاشتباكات المسلحة التي وقعت أمس الأحد في حي الصبرة جنوب مدينة غزة بين أفراد من العشيرة وحركة المقاومة حماس والذي أسفر عن مقتل 4 أشخاص وعدد من الجرحى.

وتبرأت العائلة من 'قلة من أبنائها لا يتجاوزون الـ10' لمخالفتهم الاجماع الوطني الفلسطيني، وحذرت من أنها تتعرض حاليا لحملة قتل وترويع وتعذيب وحرق منازل يستهدف الأبرياء من أبنائها.

وتابعت العائلة في بيانها: 'في الوقت نفسه، نؤكد أمام الله وأمام شعبنا الكريم أن ما صدر من قلةٍ قليلةٍ لا يتجاوز عددهم عشرة أشخاص من تجاوزات فردية خارجة عن قيمنا وأخلاقنا وديننا ووطننا لا يُمثل عائلة دغمش لا من قريب ولا من بعيد'.

واستنكرت عائلة دغمش 'ما جرى من مقتل المواطن محمد عقل والصحفي صالح الجعفراوي'، وأكدت أنها غير مسؤولة عن هذه الحوادث بأي شكلٍ من الأشكال، وأنها أفعال فردية لا تمت للعائلة بصلة، وتخدم الاحتلال وأجنداته.

علاقة عائلة دغمش بأبو الشباب

مصادر ميدانية لموقع فلسطين اليوم أشارت إلى أن 'أبو الشباب'، وهو ياسر أبو الشباب، قائد جماعة القوات الشعبية المعارضة لحماس، كان متواجدًا داخل منازل تابعة لعائلة دغمش أثناء الحصار الأخير الذي فرضته حماس على الحي.

تربط أبو الشباب بالعائلة علاقات تنسيق ميداني، إذ يتشاركان في معارضة سيطرة حماس، خاصة في المناطق الجنوبية من غزة، ويُعتقد أنه وجد في دعم دغمش له غطاءً مسلحًا وشعبيًا في مواجهة نفوذ الحركة لدعم إسرائيلي.

ووترى بعض الصحف الفلسطينية أن هذه المواجهات تمثل تصعيدًا داخليًا خطيرًا يعكس عمق الانقسام المسلح داخل القطاع، ويشير إلى إعادة تشكل التحالفات بين الفصائل والعائلات المسلحة بعيدًا عن الإطار الرسمي الذي تمثله حماس.

هل أبو الشباب المعارضة المسلحة الجديدة؟

ياسر أبو الشباب، يمثل نموذجاً مختلفاً للمعارضة المسلحة في غزة، فهو لا ينتمي للفصائل التقليدية، بل يقود تشكيلًا يُعرف بـ “القوات الشعبية”، يعتمد على عناصر منشقة أو مستقلة، تتبنى خطاباً معارضاً لسياسات حماس وممارساتها الأمنية بدعم إسرائيلي.

أبو الشباب اكتسب زخماً بعد تصاعد الغضب الشعبي من الأوضاع الداخلية، واستطاع بناء شبكة علاقات مع عائلات نافذة، من بينها عائلة دغمش، التي وفرت له غطاءً اجتماعياً وميدانياً في مواجهة حملات الملاحقة التي تنفذها حماس.

تقاطع المصالح وتبادل الحماية

العلاقة بين دغمش وأبو الشباب ليست تحالفاً عقائدياً بقدر ما هي تفاهم ميداني يقوم على تبادل المصالح؛ فالعائلة تمتلك القوة والسلاح لكنها تفتقر إلى خطاب سياسي واضح، في حين يمتلك أبو الشباب التأثير الشعبي والقدرة على التحشيد الإعلامي والسياسي، ما يجعل التعاون بين الطرفين تحالف بقاء في مواجهة خصم مشترك هو حماس.

ما يجري اليوم في غزة يعكس تحولاً في ميزان القوى الداخلي، فحماس تواجه ليس فقط خصوماً سياسيين، بل بنى اجتماعية مسلحة ذات جذور عشائرية يصعب تفكيكها، معظمها ارتبط اسمها بإسرائيل.

من سعد حداد إلى ياسر أبو شباب .. خيط واحد من التعاون مع إسرائيل

في جنوب لبنان خلال الحرب الأهلية، كان سعد حداد ضابطًا في الجيش اللبناني، وُلد في بلدة مرجعيون عام 1936، ومع تصاعد المواجهات بين الفصائل اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، انشق عن الجيش عام 1976 وشكّل قوة محلية أسماها لاحقًا 'جيش لبنان الحر'، ومع الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان عام 1978، دخل حداد في علاقة تعاون مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، تلقى خلالها السلاح والدعم والتمويل، وتحوّل إلى حليف ميداني لإسرائيل ضد الفصائل الفلسطينية والقوى اللبنانية المناهضة لها،ومع مرور الوقت، أعلن من منطقته في الجنوب ما سماه 'دولة لبنان الحر'، وهي كيان صغير تديره ميليشياته تحت الحماية الإسرائيلية، وامتدت سلطته على ما عُرف لاحقًا بـ'الشريط الحدودي'.

خلال سنوات نشاطه، نفذ جيش لبنان الحر عمليات أمنية مشتركة مع القوات الإسرائيلية، وشارك في مداهمات واعتقالات بحق لبنانيين وفلسطينيين، ورغم تقديمه نفسه على أنه حامٍ للجنوب، فقد اعتبره غالبية اللبنانيين خائنًا متعاونًا مع الاحتلال،وبعد وفاته عام 1984، واصل خليفته أنطوان لحد المهمة حتى انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، حين انهارت هذه الميليشيا نهائيًا، تاركة إرثًا من الانقسام والدماء.

وبعد 50 عاماً، يظهر في غزة اسم ياسر أبو شباب في ظروف مختلفة لكن بخطوط متقاربة، برز اسمه خلال عام 2025 بعد حرب 7 أكتوبر حين قاد مجموعة مسلحة أطلقت على نفسها اسم 'القوات الشعبية'.

قدمت هذه المجموعة نفسها كجهة محلية تسعى إلى حماية السكان وتأمين المساعدات الإنسانية، لكن صحيفة النيويورك تايمز اكدت من خلال مصادرها أن هذه الحركة خرجت لتكون فصيل جديد بعد انتهاء الحرب بتمويل إسرائيلي مثل داعش في العراق.

وتقول التقارير إن جماعة أبو شباب تلقت دعمًا وتسليحًا إسرائيليًا محدودًا، واستفادت من حالة الفوضى التي صاحبت العمليات العسكرية في رفح لتوسيع نفوذها.

ورغم أن أبو شباب لم يكن ضابطًا رسميًا أو قائداً في مؤسسة منظمة كما كان حداد، إلا أن أوجه التشابه بين التجربتين واضحة، فكلاهما استغل فراغًا أمنيًا في منطقة مضطربة، واعتمد على قوة الاحتلال لتثبيت وضعه الميداني، وقدم نفسه بصفته بديلًا أو مكملًا للسلطة القائمة.

إسرائيل فشلت في كسر شوكة حماس

من الناحية التاريخية والسياسية، يعكس التشابه بين حالتي حداد وأبو شباب نمطًا واحدًا في إدارة إسرائيل لعلاقاتها داخل المناطق المتوترة، ففي كل مرة لاتستطيع إسرائيل أن تكسر النظام القائم تبحث عن وكلاء محليين يوفرون لها معلومات أو دعمًا ميدانيًا دون الحاجة إلى احتلال مباشر طويل المدى، هذه الصيغة تمنحها نفوذًا سياسيًا وأمنيًا بأقل كلفة، لكنها غالبًا ما تنتهي بانهيار هؤلاء الوكلاء بمجرد تراجع الدعم الخارجي أو تبدّل الموازين الميدانية.

في المحصلة، تكشف التجربتان أن الارتباط بقوة خارجية على حساب الانتماء الوطني لا يمكن أن يستمر طويلاً، وأن أي قوة محلية تراهن على الاحتلال لتحقيق نفوذ مؤقت تُصبح مع الوقت عبئًا عليه وعلى نفسها، تجربة سعد حداد انتهت بانهيار جيشه واندثاره من الذاكرة اللبنانية إلا كرمز للخيانة، وتجربة ياسر أبو شباب إن ثبتت الاتهامات حولها تسير في الطريق ذاته داخل غزة، فالرهان على القوة الإسرائيلية لتحقيق مكاسب محلية قد ينجح مرحليًا، لكنه ينهار دائمًا أمام قوة المجتمع وذاكرته التي لا تنسى من تعاون مع العدو في زمن الاحتلال.

ترامب يمنح حماس تفويضا مؤقتا لضبط الأمن في غزة

ردّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سؤال لمراسلة حول تقارير تفيد بأن حركة حماس 'تُعيد تنظيم صفوفها كقوة شرطة وتطلق النار على منافسيها، خاصة بعد حادث الصبرة،وقال الرئيس الأمريكي أثناء توجهه لإسرائيل منحنا الموافقة، هم يقومون بذلك لأنهم يريدون إنهاء الفوضى، ونحن تفهّمنا ذلك ومنحناهم الإذن مؤقتًا، طلبنا منهم مراقبة الأوضاع لضمان عدم وقوع جرائم كبيرة أو مشاكل في ظل هذه الظروف الصعبة، هدفنا أن يكون الوضع في غزة أكثر أمنًا واستقرارًا'.

وتابع الرئيس الأمريكي، أن حركة حماس 'تعيد تنظيم صفوفها وتسليح نفسها' بهدف استعادة النظام في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن واشنطن منحت الحركة 'تفويضًا مؤقتًا' للقيام بذلك.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً