قطْع طرق وأعمال عنف واعتقالات، هذا ما شهدته العاصمة العراقية بغداد اليوم بعدما قرر المتظاهرون تجديد احتجاجاتهم عقب توقف مؤقت دام لأسابيع، لتشهد هذه التحركات مواجهات مباشرة مع قوات الأمن التي سعت إلى منع المحتجين من غلق الطرق، ولكن المتظاهرين الغاضبين رفضوا الاستسلام، ما دفع قوات الأمن إلى اعتقال بعضهم، وذلك وسط فشل الكتل السياسية في التوافق على مرشح لرئاسة الحكومة يرتضيه الشعب.
اعتقالات في بغداد
واعتقلت قوات الأمن العراقية مجموعة أشخاص حاولوا قطع الطريق أسفل جسر محمد القاسم، في بغداد، حسبما أعلنت قيادة عمليات العاصمة؛ ونقلت 'السومرية نيوز' بيان لقيادة العمليات قالت فيه: 'حاولت مجموعة خارجة عن القانون في تمام الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم، قطع طريق أسفل جسر 600 على سريع محمد القاسم في منطقة الصليخ'، مضيفة أن 'القوات الأمنية توجهت إلى المكان وأعادت افتتاحه'، مشيرة إلى أنها 'ألقت القبض على هذه المجموعة وأحالت أفرادها للقضاء'.
قطع طرق في بغداد اليوم
'أزمة ثقة'
وعلى خلفية تجدد المظاهرات في العراق وما يتخللها من أعمال شغب ومواجهات مع قوات الأمن، صرحت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلا سخارت، بأنه يجب أن تبقى المظاهرات سلمية، مشيرة إلى أن القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله.
جانب من مظاهرات العراق
ونقلت 'السومرية نيوز' عن بلاس خارت، قولها: 'في الأشهر الأخيرة، خرج مئات الآلاف من العراقيين من جميع مناحي الحياة إلى الشوارع للتعبير عن آمالهم في حياةٍ أفضل، خالية من الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الأجنبي'، مضيفة أن 'مقتل وإصابة متظاهرين سلميين إلى جانب سنوات طويلة من الوعود غير المُنجزة قد أسفر عن أزمة ثقةٍ كبيرة'، معتبرة أن 'أي خطوات اتُخذت حتى الآن لمعالجة شواغل الناس ستبقى جوفاء إذا لم يتم إكمالها'، لافتة إلى أن 'الوحدة الداخلية والتماسك والتصميم عوامل تتسم بالضرورة العاجلة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة المصالح الحزبية الضيقة والتدخل الأجنبي أو العناصر الإجرامية التي تسعى بنشاط إلى عرقلة استقرار العراق'.
وأكدت: 'من الواضح أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيداً عن العمل المحلي العاجل غير المنجز'، مشددة على ضرورة أن 'لا تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من غضب الرأي العام وانعدام الثقة'.
وحثت الممثلة الخاصة السلطات العراقية 'على بذل قصارى جهدها لحماية المتظاهرين السلميين'، مؤكدة أن 'القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله ويجب تجنبه بأي ثمن، فليس هناك ما هو أكثر ضرراً من مناخ الخوف، والمساءلة والعدالة للضحايا أمر حاسم لبناء الثقة والشرعية والقدرة على الصمود'.
دعوة إلى الكتل السياسية
من جانبه، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مساء أمس، الكتل السياسية إلى اختيار مرشح 'غير جدلي' لرئاسة الوزراء؛ وقال الصدر، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على 'تويتر': 'أحترم قرار التصعيد الذي اتخذه الثوار، وأتمنى أن يلتزموا بالسلمية وعدم الإضرار بأمن الشعب وتعريض البلاد لحرب أهلية طاحنة'.
زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر
وأضاف: 'احترم قرار الحكومة إن وجدت في التصدي للمخربين وأعمال الشغب، لكن يجب التمييز بين السلميين والمخربين، كما يجب عدم زج الحشد الشعبي في التصدي لهم فهذا يسيء لسمعتهم'، مشددا على 'الإسراع في اختيار مرشح غير جدلي وتقديمه إلى رئيس الجمهورية ليتم تكليفه بتشكيل حكومة، داعيا السياسيين إلى عدم المماطلة ولأن الشعب والعراق في خطر، مبينا أن 'أمنيتنا الإصلاح والسيادة.. لا شرقية ولا غربية.. ثورة ثورة إصلاحية'.
تفويض بالاعتقال
وبدأ محتجون في مناطق من شرقي بغداد، مثل مخرج حي المعلمين، وطرق رئيسية من مدينة الصدر، والبلديات، وشارع فلسطين، وغيرها، بالاستعداد لإغلاقها بعد منتصف ليلة اليوم. ولعل ذلك ما دفع مجلس الأمن الوطني إلى تخويل القوات الأمنية باعتقال من يقوم بقطع الطرق وغلق الدوائر الحكومية وحرق الإطارات.
متظاهرون خلال محاولتهم قطع طرق في بغداد
ودعا الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم خلف، خلال تصريحات لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، 'المتظاهرين إلى الالتزام بساحات التظاهر التي تم تأمينها وعدم الخروج إلى الطرقات وقطعها لتجنب الاعتقالات'، محذرا من أن 'استمرار تواجد تلك المجاميع سيعرضهم للاعتقال والمساءلة القانونية'.
'الوضع تحت السيطرة'
ورغم تهديد المتظاهرين بقطع الطرق والتصعيد حال عدم تنفيذ مطالبهم والتي حددوا لها مهلة، أكدت وزارة الداخلية سيطرتها على الوضع الأمني في العاصمة وعدد من المحافظات، مضيفة أن الطرق لم تشهد أي قطع أو إغلاق بعد انتهاء المهلة التي حددها المتظاهرون.
إلقاء قنابل غاز على المتظاهرين في بغداد
وبحسب جريدة 'الشرق' المحلية، قال اللواء خالد المحنا، المتحدث باسم الوزارة، في تصريحات اليوم: 'إن بعض المجموعات حاولت قطع طريق محمد القاسم وعدد من الطرق الأخرى لكن القوات الأمنية تدخلت لإعادة فتحها ومنع عرقلة السير فيها'، مؤكداً أن 'حركة المارة والسير طبيعية وبدت فيها انسيابية كبيرة'.
حصيلة ضحايا جديدة
وفي حصيلة لتلك المواجهات اليوم، قُتل متظاهرين اثنان، وأصيب 50 في بغداد ومدن أخرى، وذلك حسبما نقلت وكالة 'سبوتنيك' الروسية عن مصدر في مفوضية حقوق الإنسان العراقية، والذي أوضح أن أحد القتيلين سقط في بغداد والثاني في البصرة.
كانت بغداد شهدت، أمس الأحد، ازدحامات مرورية خانقة، بعد خروج الطريق السريع 'محمد القاسم' عن الخدمة، وسط استعدادات لإعلان عصيان مدني، اليوم الاثنين.
ويواصل المتظاهرون في بغداد، ومحافظات الوسط، والجنوب، الاحتجاجات الشعبية الكبرى حتى الآن، منذ مطلع أكتوبر العام الماضي، لتغيير الحكومة، وإجراء انتخابات مبكرة تحت إشراف دولي.