أمين البحوث الإسلامية: نعيش عصرًا شديد القسوة.. وأكثر ما يوجه إلى الدين اتهام القائمين على أمره بالانعزالية
«كبار العلماء»: تراث الأزهر ليس مخالفًا للشرع.. والمتطاولون عليه لم يدركوا شيئًا عن الإسلام
العوارى: جميع مؤسسات الدولة مسؤولة عن تنفيذ توصيات مؤتمر الأزهر
فجر خلاف الرؤى الذى حدث بين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، فى مؤتمر الأزهر العالمى، حول تجديد التراث، عاصفة من الجدل التى ألقت بظلالها على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إذ انقسم المجتمع كله بين فريقين، واحد مؤيد لما طرحه رئيس جامعة القاهرة، والفريق الآخر مساند لما قاله شيخ الأزهر.
ولكن الفريق الذى أيد رئيس جامعة القاهرة فى طرحه، انتقد الأزهر فى مسألة تجديد التراث ورأى أن الأزهر دائمًا يتمسك ببعض الأفكار الرجعية، لذلك حاورت «أهل مصر» عددًا من قيادات الأزهر الشريف، وفتحت معهم نقاشًا حول التراث وتجديده وحول مسألة تجديد الفكر الإسلامى بصفة عامة خاصة بعد أن لقى مؤتمر الأزهر العالمى صدى واسعًا فى العالم كله.
عين على التراث والأخرى على المستقبل
وفى هذا قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، التابع للأزهر الشريف، إن الأزهر مؤسسة علمية ودعوية تجمع بين الجانب التعليمى والدعوى، كما أنه موكل إليه الحفاظ على هوية الأمة وتراثها.
وأضاف عياد خلال حديثه لـ«أهل مصر»، أنه من بين الأمور التى يتم بها المحافظة على الهوية نقل التراث للأجيال اللاحقة، مشيرا إلى أن هذا التراث البعض ينظر إليه نظرة عدم تقدير وعدم إجلال والبعض الآخر يقدسه.
الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
وأوضح أمين مجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر ينظر إلى التراث نظرة موضوعية، ويوقن بأن هذا التراث لا بد من المحافظة عليه ونقله للأجيال اللاحقة بصورة علمية موضوعية تؤكد التواصل المعرفى بين الأجيال، خصوصا وأن الأمم الفاضلة تبنى الحضارات من خلال تراث أسلافها.
وعن مركز الأزهر للتراث والتجديد، قال عياد، إنه عنوان يجمع بين الأصالة والمعاصر ويؤكد أن الأزهر ينظر بعين إلى تراث أجداده وفى ذات الوقت ينظر إلى التطلعات التكنولوجية الحديثة وإلى واقع الأمة وكيفية استغلال هذا التراث وتقديمه بصورة علمية واقعية تتجاوب مع الواقع بل تتخطى الواقع باعتبار أن ذلك خصيصة من خصائص الإسلام.
مؤتمرات بصفة دورية
وأكد، أن مؤتمر الأزهر الذى انعقد مؤخرا لم يحص كل القضايا التى تحتاج إلى رؤى تجديدة وأطروحات تجديدية، وإنما ناقش أبرز هذه القضايا التى شكلت عقولا وأفرز أفكارا أضرت بالأمة والإنسانية جمعاء، متابعا أنه سيعقد مؤتمرا بصفة دورية، وسيكون من بين اهتمامات مركز الأزهر للتراث والتجديد النظر فى كل ما يتعلق بالقضايا العالقة، وربما يكون المؤتمر بشكل سنوى.
وعن الانتقادات التى توجه إلى الأزهر بشأن التجديد، قال إن الأزهر دائما عبر عصوره لا يميل إلى الصراع أو الصدام أو الدخول فى جدالات كلامية أو مشادات، مؤكدا أن الأزهر يقوم بالرد العلمى الموضوعى بشكل واضح.
تجديد المناهج
وأضاف، أن تدريس الأزهر للثقافة الإسلامية عبر المراحل التعليمية المختلفة خير شاهد على هذا الأمر، وفى هذا رد على أولئك الذين يتهمون الأزهر بالتشدد والانغلاق والعيش فى عصور الظلمة.
وشدد على أن مادة كمادة الثقافة الإسلامية بمفرداتها ومقرراتها يتم عرضها بصورة توضيحية تتناسب مع الشخص والمكان والحدث، وهذا يؤكد أن الأزهر مؤسسة علمية أصولية تجديدية.
وتابع، أن النزعة الفكرية الحضارية لا تقام من فراغ، مؤكدا أن علماء الأزهر حملوا لواء التجديد عبر عصور مختلفة قبل أن يظهر مصطلح التجديد أصلا، وقبل أن ينادى به هؤلاء الذين يتشدقون بكلمة التجديد.
المواطنون وتجديد الفكر الإسلامى
وعن دور الأزهر ودعاته فى نقل التجديد للشعب، قال إن هذا الأمر يوليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بنفسه اهتماما كبيرا، مشيرا إلى أن الأزهر لديه أكاديمية عالمية لتدريب الدعاة والوعاظ، ويتم تقديم مجموعة من البرامج ذات الاهتمامات المختلفة والمتعددة، بقصد تأهيل الوعاظ بما يتناسب مع معطيات العصر ومتطلباته.
وأكد، أننا نعيش فى عصر شديد القسوة، وأن الدين أكثر ما يوجه إليه هو اتهام القائمين على أمره بالانعزالية والبعد عن الواقع، لذلك الأزهر يعالج ذلك من خلال التدريبات، إضافة إلى تزوديد الدعاة بالكتب التى تجمع بين العلوم الأصولية وعلوم الدين والدنيا والكتب الفكرية التى تكون الوجدان.
توجيهات السيسى
وقال الدكتور أحمد معبد، عضو هيئة كبار العلماء، إن جميع الموضوعات التى طرحت بمؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية، كان مخططا لها من قبل بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشيرًا إلى أن الأزهر يقوم بواجبه الشرعى برسم معالم الطريق لكل من يريد أن يتكلم فى التجديد، لأن الكثير ممن يطرحون رؤيتهم فى التجديد يطرحونها بغير ما حدده الأزهر والرئيس فى أن التجديد يبنى على المتغيرات وينطلق من الثوابت.
الدكتور أحمد معبد، عضو هيئة كبار العلماء
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، فى تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن تراث الأزهر لم يكن مخالفًا لصميم الشرع والثوابت الإسلامية، حيث إن رسالته فى تجديد الفكر نابعة من حركة التنوير التى قادها العلماء السابقون، مؤكدًا أن من يتناول الهجوم ضد التراث وعلماء الأزهر لم يدرك شيئا عن الإسلام.
وأشار معبد، إلى أن إعلان فضيلة الإمام الأكبر بإنشاء مركز الأزهر للتراث والتجديد، والذى يضم علماء المسلمين من داخل مصر وخارجها، وعددا من العلماء المتخصصين الراغبين فى المساهمة فى تجديد الفكر الإسلامى، خطوة سبقها خطوات عدة تتمحور فى التجديد من خلال مؤتمرات وورش عمل وجولات خارجية وداخلية، إضافة إلى مناقشة أهل التعلم والتوصل إلى نقاط مجمع عليها من العلماء من كافة البلدان العربية والإسلامية ليقروا بها جميعًا.
الدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين
مؤسسات الدولة والتجديد
فى السياق ذاته قال الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين، إنه بعد انتهاء مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر والعلوم الإنسانية، وإعلان الإمام الأكبر عن التوصيات التى أقرها المشاركون فى جلسات المؤتمر والذين مثلوا 46 دولة من حول العالم، وإيضاح الموقف الشرعى الحاسم لعدد من القضايا الجدلية التى عادة ما يتم الربط بينها وبين قضية تجديد الخطاب الدينى، يقع العاتق على جميع المؤسسات لتنفيذ تلك البنود.
وأضاف عميد كلية أصول الدين فى تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن جميع المؤسسات الدينية المتمثلة فى الأزهر والأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وكذلك الوزارات المعنية بالفكر والنشأ من وزارة الثقافة والتربية والتعليم إذا سارت فى تطبيق توصيات المؤتمر أو نصفها فإنناسنسير على الطريق الصحيح فى مسار التجديد.