أثار قرار المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية بتكليف أساتذة الجامعات للعمل ضمن خطة الدولة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، الغضب بين أساتذة الجامعات في المحافظات التي تم إرسال خطاب تكليف لهم، مؤكدين أن هذا العمل يختص به أطباء وزارة الصحة والسكان فلا يمكن الدفع بأستاذة الجامعات بشكل مفاجئ دون وضع خطة عمل محددة في الوقت الذي تستمر فيه الدراسة ولم يتم تعطيلها.
وتم إرسال خطاب من المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية بشأن إرسال أساتذة الجامعات للعمل في مستشفيات العزل ضمن خطة الدولة في مواجهة فيروس كورونا المستجد وجاء نص الخطاب كالتالي:
في إطار خطة الدولة المصرية لمواجهة فيروس الكورونا المستجد، برجاء التكرم بالتوجيه بما يلزم نحو تكليف السادة أعضاء هيئة التدريس والبيئة المعاونة للعمل في مستشفيات العزل التي حددتها وزارة الصحة والسكان وفق الجدول المرفق لمدة 14 يوم كاملًا وذلك مقابل مكافأة مالية مناسبة.
وتحديد التخصصات الآتية: ثلاثة تخصص أمراض صدرية- ثلاثة تخصص رعاية مركزة وتخدير – أثنين تخصص أمراض متوطنة وحميات-واحد تخصص باثولوجيا إكلينيكية وذلك في مدة لا تزيد عن 3 أيام من تاريخ الخطاب.
مستند بتكليف أساتذة الجامعات للعمل بمستشفيات العزل المخصصة لمصابي كورونا
وتواصلت 'أهل مصر'، مع عدد من أساتذة الجامعات الذين تم استدعائهم للعمل لمدة 28 يومًا داخل مستشفيات العزل التي تم تحديدها بمحافظات مصر للتعامل مع مصابي فيروس كورونا المستجد الذين يتم تحويلهم إليها، رافضين هذه القرارات التي من شأنها أن تهدد سير العملية التعليمية في الجامعات دون وجود قرار رسمي بتوقف الدراسة، بالإضافة إلى أن القرار يخص أطباء وزارة الصحة لأنهم المعنيين في المقام الأول بالأمر.
'الطبيب اللي رايح ميت ميت'، بهذه الجملة استهلت أحد اساتذة الجامعة الذين تم تكليفهم بالذهاب لمستشفى العزل، بأنه من المفترض أن يغطي مستشفيات العزل المخصصة لمصابي فيروس كورونا، أطباء وزارة الصحة والسكان، فالمشكلة أولا تتعلق بهم ومن ثم لا يوجد أي تدريب للأطباء المكلفين للتعامل مع الحالات المصابة، فضلاً عن عدم وجود حماية 'الطبيب اللي رايح ميت ميت'، فالقرار يفرض على الطبيب الذهاب لمستشفيات العزل لمدة 14 يوم، في حين أنه في حالة إصابة الطبيب باليوم الأخير سيذهب بعد ذلك إلى منزله ومباشرة عمله مرة أخرى في الجامعة فسيكون قد نشر العدوى لجميع المخالطين به، وعندما تم سؤال المسئولين عن هذا الأمر أوضحوا أن القرار جاء به أن التكليف لمدة 14 يوما ولكن سيتم تواجدهم لمدة 28 يوما.
وتساءلت أستاذ الجامعة التي رفضت ذكر اسمها، أين القطاع الوقائي في وزارة الصحة والسكان؟، مجيبة أن أساتذة الجامعات يتبعون وزارة التعليم العالي وليس وزارة الصحة حتى يتم تكليفهم للعمل بمستشفيات العزل، كما أن الجامعات ليس الخط الأول للدفاع عن الصحة في مصر، فأساتذة الجامعات دورهم استشاري وتعليمي أي جلوسهم في غرفة العلميات لوضع المهام والتكليف بها وليس لتنفيذها على أرض الواقع بأنفسهم، موضحًا إنه كيف لأستاذ جامعي ورئيس قسم ويوجد تحت أيديه أستاذ مساعد ومدرسين، ويقابل ذلك في وزارة الصحة استشاري أول واستشاري ثاني وأخصائي أول ومساعد أخصائي ونائب، فكيف يمكن الاستعانة بأساتذة الجامعات في حين وجود أطباء وزارة الصحة، متسائلًا ماذا يفعلون في المستشفيات؟.
وأضافت أن الأطباء الموجودين داخل مستشفيات العزل لم يرتدوا الملابس المخصصة للعزل بشكل كامل وأن تكون معزولة عليها قنوات أكسجين لأنهم يتعاملون مع فيروس في منتهى الخطورة حيث أن نسبة الوفاة من فيروس كورونا بالنسبة للمرضى تصل إلى 3% ولكن في الأطباء تصل إلى 30%، فهذا يعتبر بمثابة حكم إعدام على أساتذة الجامعات في حين أن المسئولين لن يتعرضوا إطلاقًا لهذه المخاطر الصحية التي يمكن أن تودي بحياتهم، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن تستمر الدراسة في هذا الوضع من انتشار وباء الكورونا وارتفاع عدد المصابين بين المصريين، في حين أن استمرار الدراسة في الجامعات يعني وجود محاضرات ومواد دراسية يتم تدرسيها، فمن سيحاضر الطلاب أثناء تكليف أساتذة الجامعات للعمل بمستشفيات العزل، مؤكدًا أن القرار متناقض تمامًا فعند طلب ايقاف الدراسة أوضحت وزيرة الصحة بأنه لا حاجة إلى ذلك.
ومن جانبه، قال أحد اساتذة الجامعات المكلف بالذهاب لمستشفى العزل في حديثه لـ'أهل مصر'، أن فيروس كورونا المستجد لا ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي ولكن عن طريق اللمس أو دخول أي رذاذ في الأنف أو الفم أو العينين، متسائلاً أيضًا اين أطباء وزارة الصحة والسكان، فأساتذة الجامعات لا علاقة لهم بالأمر من قريب أو بعيد فهم استشاريين مهمتهم الأولى والأخيرة التعليم وإرسال الأوامر والمتابعة فقط، لافتًا إلى أن من أصدر هذا القرار أطباء الجراحة بالمجلس الأعلى للجامعات وهم ليس لهم أي صفة، فمن يجب أن يصدر هذا القرار هم أطباء التحاليل أي باثولوجيا إكلينيكية، وأطباء مكافحة العدوى، وأطباء قسم الوبائيات الإكلينيكة بالجامعات فكان من المفترض أن يتم الاجتماع بهؤلاء الأطباء أولاً لاتخاذ مثل هذا القرار ليس أطباء الجراحة فلا علاقة لهم بالأمر، فكان من المفترض عمل اجتماع عن طريق لجنة إدارة الأزمات في كل محافظة ووضع فيها عميد الكلية وأقسام الباطنة والباثولوجيا الإكلينيكة ورئيس أقسام الصدر لوضع سياسات لتحديد من يتم إرسالهم وتحديد أليات عملهم.
وأوضح الأستاذ الجامعي، أنه يتم تهديد اساتذة الجامعات بضرورة تنفيذ قرار المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية بالذهاب إلى مستشفيات العزل وإلا سيتم اتخاذ اجراءات قانونية معهم، فالدراسة إذا استمرت من سيقوم بإعطاء المحاضرات للطلاب، فعند سؤال المسئولين عن الأمر أوضحوا أن الدراسة ستستمر رغم ذهابهم إلى مستشفيات العزل، موضحا أنه كان يجب تعطيل الدراسة وايقاف الفصل الدراسي الثاني عند هذا القدر وتأجيل امتحانات الثانوية العامة والجامعات حتى شهر أغسطس ومع دخول فصل الصيف سيقل انتشار فيروس كورونا، فهناك جامعات لا يوجد بها أعداد كبيرة من الأساتذة، فلا يمكن إصدار مثل هذه القرارات لأن الأمن القومي للمواطن أهم من أي شيء، فالأطباء وأساتذة الجامعات هم مواطنين في المقام الأول فلا يمكن التضحية بهم في أمر لا علاقة لهم به.
وتساءل أستاذ جامعي أخر، أين أطباء وزارة الصحة قسم الحجر الصحي؟، فكان من الأولى تكليفهم، موضحًا أنه تم اتفاق أساتذة الجامعات الذين تم تكليفهم بعدم الذهاب إلى مستشفيات العزل وعدم تنفيذ القرار المرسل إليهم بهذا الشأن، لافتًا إلى أنه كان يجب أن يخرج المسؤولين وتوضيح الأمر بعدم وجود إمكانيات لدينا، بدلًا من القرارات العشوائية التي تصدر دون دراسة، قائلاً ' قررنا عدم تنفيذ القرار بسبب هو عدم توفير الأمان داخل مستشفيات العزل لذا فمن الخطورة أن يتم تكليف أساتذة الجامعات للتعامل مع مصابين بفيروس كورونا بدلًا من تكليف أطباء وزارة الصحة لأنهم المعنيين بالأمر ومن ثم خروجهم لنشر العدوى بين أسرهم وجميع المخالطين بهم، مشيرًا إلى أن القرار مهين لأساتذة الجامعات حيث جاء به 'بعائد مادي مناسب'، فالقرار بذلك مُهين لهم من حيث المنطوق والتنفيذ، مؤكدين أن المسؤولين يريدون أن يظهر أساتذة الجامعات مقصرين برفضهم الذهاب إلى مستشفيات العزل ولكن الحقيقة أن أساتذة الجامعات لم تقصر إطلاقًا في القيام بعملها ولكن الدور الرئيسي لهم هو دور تعليمي ومن ثم خدمي وكان يجب الدفع بأطباء وزارة الصحة لأنهم المعنيين بالأمر.
وأضاف، أن هناك 168 حالة وفاة حتى الآن في إيطاليا وهي نفس الظروف المناخية والأجواء في مصر لأنهم دول البحر المتوسط، وهم يحافظون على مواطنيهم، وإلى الآن الدولة المصرية تستقبل وفود من الصين وعلى هذا الأساس قررت عدد من الدول منع دخول المصريين أراضيها خوفًا من فيروس كورونا المستجد.
وكانت وزارة الصحة والسكان قد حددت عددًا من المستشفيات في محافظات الجمهورية، لتكون مستشفيات العزل التي يتم فيها عزل المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد لتلقي الرعاية الطبية اللازمة فيها وذلك بعد ارتفاع أعداد المصابين في مصر ليصل إلى 60 حالة مصابة حتى الآن بينهم حالة وفاة، حيث أن مستشفى النجيلة بمطروح المخصصة للعزل لا تسع أكثر من 52 مصاب فقط.