شبح الاختفاء يُطاردها.. "جريس" قلعة صناعة الفخار بالمنوفية تصارع الموت.. الشباب يرفضون العمل في مهنة الأجداد بسبب ضعف العائد المادي والخوف من الأمراض (صور)

"جريس" قلعة صناعة الفخار بالمنوفية
"جريس" قلعة صناعة الفخار بالمنوفية

تمردوا على الواقع المرير، أملًا في تحقيق حاضر يعيشون فيه بكرامة ومستقبل زاهر لأبنائهم؛ إنهم أهالي قرية جريس التابعة لمحافظة المنوفية والذين رفض الكثير منهم البقاء في مزاولة مهنة صناعة الفخار التي توارثوها أبًا عن جد بحثًا عن عمل آخر يُدر عليهم أموالًا أكثر، وهو الأمر الذي جعل هذه الصناعة التاريخية في طريقها إلى .

جريس قلعة صناعة الفخار بالمنوفيةأوضح فوزي غنيم، شيخ مهنة صناعة الفخار بقرية جريس، أن القرية كانت من أكبر شخص فيها وحتى أصغرها تعمل في صناعة الفخار، بل وأى مادة تُستعمل بالفخار، لأنها تساعد في حفظ الطعام من الحموضة، وتعطيه نكهة مميزة أثناء طهيه في طواجن الفخار؛ قائلًا: «كانت جميع عائلات القرية تقضي وقتها كله في صناعة الفخار، وكنا نتحكم في السوق ونعتبر مصدر تصنيع وبيع الفخار الأوحد في المنوفية، أما الآن فقد أصبحنا تحت رحمة تجار البلاستيك والمعادن بعد أن استبدل الأهالي الفخار بهذه الأدوات، والسبب الرئيسي في هذا هو عدم رغبة كثير من شباب القرية في العمل بصناعة الفخار».

جريس قلعة صناعة الفخار بالمنوفيةيضيف شيخ الفخاريين بقرية جريس، أن كثرة إستبدال منتجاتنا بمنتجات أخرى هي السبب الذي دفع الكثيرين من أهل القرية إلى ترك العمل بمهنة الأجداد والبحث عن عمل آخر؛ فلم يعد أحد يعمل في صناعة الفخار داخل القرية سوى 10 أفراد فقط، والسبب الرئيسي في هذا هو أن المهنة «مبقتش تجيب همها».

جريس قلعة صناعة الفخار بالمنوفيةأما محمود غنيم، نجل شيخ الفخاريين، فيؤكد أنه ترك العمل في صناعة الفخار واتجه للعمل في مهنة أخرى بسبب عدم قدرتها على توفير حياة كريمة له، إضافة إلى أن غالبية شباب القرية إما خريجي الجامعات أو يدرسون في مختلف الكليات، ولذلك جميعهم يرفض العمل في هذه المهنة التي لا تتوافق مع تعليمهم؛ قائلًا: «العمل في الفخار يحتاج إلى الجلوس بطريقة معينة وذلك لصناعة المادة الطينية التي تتشكل منها المنتجات، وهذا يتسبب في تدمير عضلات الظهر، إضافة إلى الإصابة بآلام في العنق والذراعين، والعائد المالي من العمل لا يكفي لشراء الأدوية».

جريس قلعة صناعة الفخار بالمنوفيةوأشار غنيم، إلى أنه لم يعد هناك أملٌ في عودة مهنة صناعة الفخار إلى سابق عهدها، وذلك بسبب التطور الذي جعل الناس يقبلون على شراء الأدوات المنزلية المصنوعة من المعدن والبلاستيك، إضافة إلى تدني أسعار بيع الفخار مما جعلها مهنة لا تدر أي ربح على العاملين بها الذين يهدرون جهدهم ويخسرون أموالهم إذا استمروا في صناعة الفخار.

جريس قلعة صناعة الفخار بالمنوفية وتابع محمود قوطة، نقييب الحرفيين بمحافظة المنوفية، أن مهنة صناعة الفخار بدأت في الإختفاء شيئًا فشيئا، وذلك مع استغلال التجار للحالة المالية المتردية التي يعاني منها المواطنين العاملين في المهنة، مؤكدًا أن الحل الوحيد لإنقاذ هذه المهنة التاريخية يتمثل في إقامة سوق خاص لبيع المنتجات الفخارية؛ لأنه لم يعد يعمل في المهنة سوى عدد قليل للغاية وغالبيتهم من عائلة واحدة، وجميعهم كبار في السن، مما يعني أنه خلال سنواتٍ قليلة ستختفي مهنة صناعة الفخار تمامًا من محافظة المنوفية، خاصة في ظل اتجاه الحرفيين للعمل بالصناعات الأخرى، مثل: الأخشاب، والألمونيوم، لأنها صناعة المستقبل تاركين الفخار وراء ظهورهم.

نقلًا عن العدد الورقي..

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً