الزنا من أبشع الجرائم التي حرمها المولى سبحانه وتعالى، وتعتبر جريمة الزنا من الجرائم المنكرة والمحرمة في كل الأديان والثقافات، والزنا هو ليس فقط خيانة للزوج والأهل وأيضا خيانة للأسرة، بل هو أيضا خيانة لله سبحانه وتعالى، والزنا يبدأ بمقدمات منها يخلو رجل مع امرأة، ومن مقدمات الزنا أيضا الكلام العاطقي المنمق بين غير ذي محرم، أو القبلة واللمسة والنظرة، وهى مقدمات يجب الاحتراس منها ومن الضروري تجنبها حتى لا نقع في جريمة الزنا. ولقد تكرر في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة التحذير من فاحشة الزنا، وحيث حذر القرآن الكريم في أكثر من موضع من الوقوع في الزنا ، ومن الآيات التي حذرت من الزنا قول الله تعالى في سورة الإسراء . قال تعالى في سورة الإسراء: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . ( الإسراء 32 ) ووجه الدلالة في الآية القرآنية الشريفة هو أن الله سبحانه وتعالي ينهي عباده ليس فقط عن الزنا، بل أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة ينهي عباده الصالحين حتي عن مجرد الاقتراب بأى قول أو فعل من الزنا، وحيث يستدل من الآية الشريفة أن مجرد الاقتراب من الزنا هو كفيل بأن يؤدي لما يمثل الفاحشة وأسوأ السبل وهي جريمة الزنا المقيتة .
وفي الحديث الشريف قال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا جرير حدثنا سليم بن عامر عن أبي أمامة أن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله ائذن لي بالزنا”، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: “مه مه”، فقال: «ادنه»، فدنا منه قريبا فقال: «اجلس»، فجلس فقال: «أتحبه لأمك؟» ، قال: “لا والله, جعلني الله فداك”، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم» ، قال: «أفتحبه لابنتك؟» ، قال: “لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك”، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» ، قال «أفتحبه لأختك»، قال “لا والله, جعلني الله فداك”، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم» ، قال: «أفتحبه لعمتك؟» ، قال: “لا والله”, جعلني الله فداك قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» ، قال: “لا والله، جعلني الله فداك”، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» ، قال فوضع يده عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه” . ووجه الدلالة في هذا الحديث النبوي الشريف هو أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينهر الرجل البدوي الذي جاء للنبى صلى الله عليه ويسلم ليسأله في أن يأذن له بالزنا، بل أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أذن للنبى صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل بأن يقترب منه، ولم يقبل النبى صلى الله عليه وسلم من كبار الصحابة أن يزجروه أو ينتهروا الرجل، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل أن يقترب منه، وأن يجلس أمامه، وبدأ النبى صلى الله عليه وسلم في توضيح المسألة على نحو يقترب من فهم الرجل، فسأل النبى الرجل هل ترضى الزنا لأمك ، فقال الرجل لا ، قال هل ترضاه لابنتك فقال الرجل لا ، فقال النبى هل ترضاه لاختك قال الرجل لا، فقال له النبى أترضاه لعمتك قال الرجل لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أترضاه لخالتك ، فقال الرجل لا ، وفي كل مرة كان النبى صلى الله عليه وسلم يؤكد على الرجل بأن الناس لا يرضون الزنا لمحارمهم كما لم يرضى الرجل نفس الأمر لمحارمه سواء الأم أو البنت او الخالة او العمة أو الأخت، وهو ما يدل أيضا على أنه من الواجب على كل داعية من العاملين في حقل الدعوة إلى الله أن يحرصوا على دعوة الناس ومخاطبتهم بما يتناسب مع عقولهم ، ولا ينفرون الناس حتى لو ظهر منهم ما قد يصطدم بثوابت الدين .
اقرأ ايضا .. هل عدم وجود أربعة شهود يسقط جريمة الزنا ولماذا اشترط الله 4 شهود في الملاعنة ؟
ومن الأحاديث التي تروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أيضا فيما يتصل بفاحشة الزنا ما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان فكان كالظلة فإذا انقلع رجع إليه الإيمان' . ووجه الدلالة في هذا الحديث الشريف هو أن النبى صلى الله عليه وسلم قد نفى الإيمان عن المسلم الذي يقع في جريمة الزنا ساعة ارتكابه لجريمة الزنا، ويستدل من هذا الحديث النبوي الشريف أن الزنا والإيمان لا يجتمعان في نفس شخص واحد في نفس الوقت، وأن المسلم وإن وقع في جريمة الزنا وارتكب فاحشة الزنا، فإنه وقت ارتكاب هذه الفاحشة المقيتة ووقت وقوعه في الزنا، فإن الإيمان يفارقه ساعة ارتكابه لهذه الجريمة ، لكن في نفس الوقت فإن ارتكاب المسلم لجريمة الزنا لا تجعله خارجا عن الملة ولا تجعل من المسلم كافرا بما نزل على نبيه صلى الله عليه وسلم ولا تنفي عن المسلم الذي وقع في جريمة الزنا صفة الإيمان مطلقا، بل أن الإيمان يفارق وقت ارتكابه لجريمة الزنا ووقوعه في هذه الفاحشة، ثم يعود له الإيمان بعد أن يتوقف عن الزنا، وهو الحديث الشريف الذي يستدل منه أيضا على أن باب التوبة مفتوح وأن المسلم لا يقنت من رحمة الله وأن على الدعاة إلى الله تعالى ألا يغلقوا باب التوبة أمام المسلمين حتى وإن ظهرت منه بعض المعاصي.