تعتبر الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في مجالات الأمن السيبراني، أحد التحديات التي تواجه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تأهيل طلاب الجامعات بالتخصصات المعلوماتية على كفاءة عالية وتدريبهم وصقل مهاراتهم المعرفية ليكونوا قادرين على شغل الوظائف على أعلى مستوى.
وتشغل مصر المركز 23 بين 182 دولة بمؤشر "الأمن السيبراني" الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 2021، حيث تم إنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني الذي يختص باعتماد أطر واستراتيجيات وسياسات تأمين البنى التحتية للاتصالات، ووضع خطط وبرامج تنمية صناعة الأمن السيبراني، وإعداد الكوادر اللازمة لمواجهة التحديات والمخاطر السيبرانية، والتعاون والتنسيق إقليميًا ودوليًا مع الجهات ذات الصلة. كذلك
وتم إطلاق الاستراتيجية الخمسية الوطنية للأمن السيبراني 2023 – 2027 في إطار الجهود المبذولة لتأمين البنى التحتية للاتصالات والمعلومات لتوفير بيئة رقمية اَمنة، حيث تشمل عدد من البرامج لبناء إطار تشريعي متكامل، وتغيير ثقافة المجتمع حول الأمن السيبراني، وتشجيع البحث العلمي، وتعزيز الابتكار والنمو والتعاون الدولي.
وكانت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أطلقت مايو الماضي مبادرة "مهارات سيبرانية" التي تستهدف إعداد جيل جديد من الكوادر في مجال الأمن السيبراني الذي يعد من ضمن أكثر التخصصات طلبًا في سوق العمل، والتي تهدف إلى تأهيل ١٠٠٠ طالب جامعي سنويًا للتوظيف مباشرة بعد التخرج من الجامعة في هذا المجال وذلك من خلال توفير مناهج عملية تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، لتقليص الفجوة بين العرض والطلب على مستوى الكوادر البشرية المتخصصة في الأمن السيبراني.
ومن المقرر تنفيذ المبادرة أثناء الدراسة الجامعية للطلاب من خلال شراكات استراتيجية وأُطر تعاون بين جهات حكومية وأكاديمية وشركات القطاع الخاص، حيث سيتم دمج المواد الدراسية العملية والتدريب العملي في المعامل الموجودة بالجامعات، ومراكز التدريب الخاصة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقال الدكتور أكرم حسن رئيس الإدارة المركزية لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم البحث العلمي للتحول الرقمي، أن مشكلة الفجوة في سوق العمل ليست محلية فقط وإنما عالمياً أيضا مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني العام الحالي من فجوة تصل إلى 500 ألف كادر وظيفي مطلوب في مجال الأمن السيبراني، بينما في السوق المحلي تتجه كافة الكوادر للعمل في الأسواق الخارجية فتزداد الفجوة بشكل دائم ومستمر ويزداد التحدي أمام الشركات المحلية لاجتذاب الكوادر المناسبة.
وأكد أكرم في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن فجوة المهارات تعتبر مشكلة كبيرة وتتعلق بالعقليات والقناعات الخاصة بالطلاب بالإضافة إلى أهدافهم الشخصية من التعليم الجامعي بحيث لا يصبح مجرد اجتياز اختبار نهاية العام والحصول على شهادة التخرج فقط، بل يجب أن يبحث الطالب دائماً عن التعلم والمعرفة الحقيقية للاستفادة من تواجده داخل منظومة التعليم.
وطالب أكرم بإعادة النظر إلى الاستدامة التعليمية، في ظل افتقاد الكثير من العناصر في المهارات التعليمية أولها اللغة وكذلك الإدارة والأهم من ذلك هو كيفية التعلم واكتساب المزيد من المهارات بشكل مستمر مشيرا إلى أن الطلاب في حاجة إلى المهارات والنمو في العمل، مع ضرورة زيادة حجم الوعي المعرفي والثقافة العامة في مختلف المجالات.
من جانبها مروة زاغو مدير استراتيجيات الأمن السيبراني للشرق الأوسط بإحدى شركات التكنولوجيا ضرورة نشر ثقافة التغيير وسد الفجوة بين احتياجات القطاع والمخرجات الأكاديمية،
مؤكدة على دور الابتكار والمعرفة في وضع إستراتيجيات تعليمية منوطة بالأمن السيبراني والتوعية بها لتطوير عمليات التدريب والتعليم بهدف إحداث طفرة معرفية بالتحضيرات الجامعية لمناهج الأمن السيبراني.
كما أشارت مروة في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" على دور التعاون بين المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات القطاع الخاص في دعم مخرجات التعليم السيبرانية، مشددة إن مجال الأمن السيبراني يجب أن يتضمن تصور أخر يتعلق بالاستفادة من خبرات الأمن السيبراني داخل الشركات الكبرى مثل دل تكنولوجيز حيث يجب نقل تلك الخبرات إلى الطلاب من خلال حالات واقعية واضحة بما يدعم تعريف الطلاب بالمفاهيم والمصطلحات العملية الجديدة.
وذكرت مروة أن الأمن السيبراني يتعلق بشكل رئيسي بمشكلة الوعي والمهارات وليس البرامج والحلول الرقمية فقط مطالبة برفع درجات الوعي بالتوازي مع إغلاق كافة الثغرات الأمنية الرقمية على جميع المستويات، بدءاً من العميل وصغار الموظفين حتى وصولاً إلى الإدارات العليا كل في تخصصه.
وأوضحت مروة أهمية الاستمرار في تطوير التعليم لمواكبة التطورات المستمرة في مجالات الأمن السيبراني لأنه قطاع متطور باستمرار والعاملين بالقطاع في تطور مستمر من حيث اكتساب المهارات الجديدة والتعلم والابتكار المستمر، ولذلك فإن التعليم يجب أن يستمر في التطوير كل عام، مؤكداً أن الشركات والمؤسسات العاملة في التكنولوجيا تعتمد بشكل رئيسي على العنصر البشري الكفء المؤهل صاحب الخبرات والمهارات الكافية للقيام بمهام عمله على الوجه الأمثل، مطالباً بضرورة تدريس الأمن السيبراني منذ المراحل الدراسية الأولى في التعليم الأساسي.