يجري الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوج، اليوم الأربعاء، زيارة رسمية إلى تركيا، يلتقي خلالها نظيره رجب طيب أردوغان في زيارة تهدف لوضع العلاقات على مسار إعادة الزخم.
وتوصف زيارة هرتسوغ لأنقرة بالتاريخية، إذ إنها هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى هناك منذ 2007، وبعد سنوات من الشد والجذب على المستوى الرسمي.
وعادت مياه العلاقات الدبلوماسية إلى مجاريها بين البلدين في الشهور الأخيرة، وسط الإدلاء بما يمكن وصفه بـ"التصريحات الدافئة" من الجانبين.
وبحسب برنامج الزيارة التي تمتد ليومين، فإن هرتسوج سيلتقي أردوغان في أنقرة، كما يعقد لقاء مع ممثلي الجالية اليهودية في إسطنبول.
ومن المقرر أن يضع الرئيس الإسرائيلي إكليلًا من الزهور على قبر مصطفى كمال أتاتورك، الأب المؤسس لتركيا الحديثة، في ضريح أنيت كابير في أنقرة، كما سيقوم بجولة مع السيدة الأولى ميشال هرتسوغ بعد ذلك في متحف أنيت كابير أتاتورك.
وبدت العديد من المؤشرات على تحسن العلاقات بين البلدين قبل شهور، ففي لقاء للرئيس التركي مع أعضاء الجالية اليهودية التركية وأعضاء "تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية"، ديسمبر الماضي، قال إنه يولي اهتماما للحوار الذي تم إحياؤه مجددا، سواء مع الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
ولم يكن هذا فقط أول مؤشرات عودة العلاقات بين البلدين، ففي نهاية نوفمبر من العام الماضي جدد أردوغان رغبة بلاده في تحسين العلاقات مع إسرائيل ومصر، ردا على سؤال صحفي عن العلاقات مع القاهرة وتل أبيب.
وبدت الأمور أكثر انفتاحًا مع إفراج تركيا عن زوجين إسرائيليين احتجزتهما لمدة أسبوع تقريبا للاشتباه في تجسسهما، وهو ما نفته إسرائيل.
وعقب تلك الخطوة، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالا بالرئيس التركي على الإفراج عن الزوجين، في أول اتصال على هذا المستوى بين الدولتين منذ عام 2013.
وأوضح خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذه الزيارة جاءت بعد مغازلة متبادلة بين الجانبين وبعد طول جفاء في العلاقات، وتسعى أنقرة لإنهاء العزلة الاستراتيجية والإقليمية التي وقعت في الآونة الأخيرة.
وقال عبد الفتاح: إن القطيعة مع إسرائيل كلفت تركيا الكثير؛ لسببين أولهما أن تل أبيب هي جسر ما بين أنقرة والعالم الغربي وتحديدا الولايات المتحدة، ومن ثم فأي توتر في العلاقات التركية الإسرائيلية سينعكس سلباً على علاقات تركيا بالعالم الغربي وخاصة واشنطن وبروكسل.
الأمر الثاني، بحسب خبير الشؤون التركية، أن هناك تعاونا تجاريا واستخباراتيا وعسكريا ما بين تركيا وإسرائيل، فرغم عدم تأثر التعاون الاستخباراتي خلال فترة اضطراب العلاقات، لكن على المستوى العسكري هناك صناعات دفاعية تركية تحتاج لتكنولوجيا ودعم تقني إسرائيلي لكنها تعثرت بسبب العلاقات المتوترة.
وشدد على أن الجانب التركي يتطلع إلى إعادة الزخم للصناعات الدفاعية التركية التي تستفيد من التكنولوجيا الإسرائيلية بوساطة أميركية.
وذكر عبد الفتاح أن التعاون السياحي والنشاط التجاري تأثر كثيراً بسبب هذه القطيعة، فأرادت تركيا أن تعطي دفعة لاقتصادها من خلال إعادة الزخم للعلاقات الاقتصادية والتجارية، يضاف إلى ذلك قضية شرق المتوسط فتركيا بحاجة لمن يقرب المسافات بينها وبين بعض الدول.
قضية الطاقة أيضا على رأس الأولويات، فتركيا بحاجة إلى تنسيق إسرائيلي فيما يخص مد خطوط الأنابيب إلى أوروبا، بعدما وقَعت إسرائيل على اكتشافات كثيرة في شرق المتوسط مثل حقل رامتان وغيره من حقول الغاز الإسرائيلية وتريد أن تفكر في مشروعات لتوصيل الغاز إلى أوروبا، وبالتالي أن تكون طرفا في هذا الأمر، خاصة أن هذه المشروعات مدعومة من الولايات المتحدة في طريق إيجاد بدائل للغاز الروسي.
ويعود تدهور العلاقات بين تل أبيب وأنقرة إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008، التي وصلت إلى حد القطيعة أكثر عقب اعتراض البحرية الإسرائيلية "أسطول الحرية" في مايو 2012.
لكن ظل التأرجح في العلاقات سيد الموقف، ففي الوقت الذي أعلنت به تركيا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2016، عاد التوتر من جديد من جراء موقف تركيا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ومن وقتها أصبحت العلاقات الدبلوماسية على مستوى القائم بالأعمال.
وأوضح خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام، أنه من المؤكد أن القضية الأوكرانية ستكون على طاولة المباحثات خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا؛ لأن كلا الجانبين متأثر بشدة، إذ إن تركيا تعتمد على روسيا في الحصول على الكثير من احتياجاتها من الغاز، بخلاف الملفات الأخرى من تعاون عسكري واقتصادي، لذلك أتصور أن يحاول الطرفين إيجاد فرصة لتقريب المسافات ما بين كييف وموسكو.
وشدد على أنه بالفعل تمضي إسرائيل وتركيا في وساطة بين الطرفين المتنازعين، حيث من المنتظر أن تستقبل تركيا غدا وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في أول لقاء بينهما منذ اندلاع الأزمة.