من 3 عواصم أفريقية، بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جولته الخارجية الأولى خارج أوروبا منذ إعادة انتخابه قبل نحو 3 أشهر.
وإن كانت الملفات الأمنية مثل الحرب على الإرهاب من الملفات الكلاسيكية والدارجة في زيارات رؤساء فرنسا إلى أفريقيا، إلا أن وقود الاقتصاد تحديدا هو الذي حرّك هذه المرة طائرة ماكرون نحو واحدة من بين الدول الأفريقية الغنية بثرواتها النفطية والغذائية والمعدنية.
جولة وإن لم يخف الإعلام الفرنسي إطارها الأمني خصوصاً بعد الأحداث المتتالية في مالي وبوركينافاسو وقرار باريس إعادة تحريك قواتها لمكافحة الإرهاب من مالي إلى النيجر، وسط مساعٍ فرنسية لـ"تحصين نفوذها المتجذر" في هذا الجزء الكبير من القارة السمراء ومستعمراتها السابقة من المنافسة المحتدمة مع قوى أخرى على رأسها روسيا – بحسب الخبراء الأمنيين - .
إلا أنه بالحديث عن روسيا التي تخوض حرباً في أوكرانيا منذ نحو 5 أشهر، فإن جولة ماكرون الأفريقية – وفق المراقبين – لا تخلو من "الحرب الباحثة على موارد الغذاء" بمختلف أنواعه، والتي باتت مصدر قلق دولي بالغ، نتيجة صراع مسلح بين أباطرة القمح والغاز في العالم.
جولة أمنية وغذائية
الإعلام الفرنسي، كشف عن عناوين أوراق جولة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى 3 دول أفريقية وهي الكاميرون وغينيا بيساو وبنين.
ووفقاً لوسائل إعلام فرنسية حكومية، فإن جولة ماكرون الإفريقية "غير العادية" تركز على إعادة التموقع الأمني من خلال إعادة تفعيل الشراكات الاستراتيجية الأمنية مع هذه العواصم الإفريقية.
كما تركز أكثر على أزمة الغذاء الناجمة عن تداعيات الحرب في أوكرانيا ومشكلة الإنتاج الزراعي.
ولا يمكن إغفال "شعرة" الأهداف الأمنية والغذائية المترابطة وحتى المعقدة في جولة ماكرون الإفريقية، خصوصا وأن الرئيس الفرنسي سبق له التصريح بأن التدخلات العسكرية للقوة الاستعمارية السابقة ستتحول إلى "أجهزة أقل هدوء وأقل تعرضاً لتجنب تغذية مشاعر شديدة الاشتعال مناهضة للفرنسيين".
ومن هنا يُفهم الترابط الواضح والعلني في أجندة وأهداف زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى هذه الدول الإفريقية تحديدا بين الأمنية والاقتصادية التي "لا تقبل أي هامش للخطأ" في الوقت الذي انتقلت فيها رياح الحرب الروسية في أوكرانيا على جميع القارات، وخصت القارة الأوروبية بـ"توقف غازي" والإفريقية بـ"ممهلات غذائية".
لكن اختيار الرئاسة الفرنسية هذه العواصم الإفريقية الـ3 لتكون أول محطات ماكرون الخارجية، يحمل من الدلالات الاقتصادية المكافئة للأمنية، وفق خبراء الأمن والاقتصاد، في خضم حرب عالمية ثالثة غير معلنة بجذور الغذاء وأنابيب الغاز.
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" أسباب اختيار الرئيس الفرنسي الكاميرون وغينيا بيساو وبنين لتكون على رأس جولته الخارجية بعد إعادة انتخابه، بحثاً عن شراكات اقتصادية أكثر تعوض هوامش ارتفاع أسعار الطاقة، من خلال الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية لكل بلد من دول الجولة "الماكرونية" في زيارة الـ4 أيام.
وتعد الكاميرون من أبرز الدول الأفريقية الغنية بالثروات النفطية والمعدنية الزراعية، لا سيما النفط والألماس الذهب والألمنيوم والفضة والمنتجات الفلاحية.
والكاميرون ضمن أكثر الدول الأفريقية الـ10 المنتجة للنفط في أفريقيا بمعدل سنوي وصل إلى نحو 67 ألف برميل يومياً، وهو الإنتاج الذي وضعها في المركز العاشر أفريقياً، ومعظم الحقول النفطية تقع على جهة المحيط الأطسي.
ومع ذلك تبقى المنتجات الزراعية المورد الأول للاقتصاد الكاميروني، ويأتي على رأسه "الكاكاو" والموز والبن والأرز والسكر والأسماك.
غينيا بيساو ورغم أنها ضمن قائمة أكثر الدول الـ10 في العالم "الأكثر فقرا"، لكنها في المقابل مدرجة على قائمة أكبر الدول المنتجة للنفط في أفريقيا.
وفي المرتبة الثامنة أفريقياً، يصل الإنتاج اليومي للنفط في غينيا بيساو إلى نحو 148 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى كميات غير محددة من الغاز البحري.
ورغم "فقرها المدقع" إلا أرض غينيا بيساو زراعية بامتياز، حيث يعتمد اقتصادها على صادرات الجوز والكاجو ذات الأثمان الباهظة في الأسواق العالمية، وكذا الثروة السمكية، فيما أن الكاجو يمثل نحو 80 % من صادراتها.
وتبقى أرض هذا البلد الإفريقي أيضا من الأراضي العذراء المنتجة للخضر والفواكه الاستوائية والذرة والسكر وغيرها، والقادرة على إنتاج كميات هائلة من القمح.
جمهورية بنين مستعمرة فرنسية سابقة أيضا، و"لا علاقة لها بمنتجي النفط"، لكنها أيضا من أغنى البلدان الإفريقية بالذهب "الأبيض" وهو القطن، كما أنه البلد الإفريقي المربوط اقتصاده بـ"اليورو" وليس الدولار.
وتعد بنين أكبر منتج ومصدر للقطن في غرب أفريقيا والتي تمثل 40 % من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 80 % من عائدات صادراتها.