فيما لا زال ملايين المتضررين من الزلزال المدمر وتوابعه المتواصلة في تركيا وسوريا، ممن فقدوا ذويهم وأحباءهم وممتلكاتهم، يحاولون كفكفة دموعهم ومعالجة ما لحق بهم من مصائب ومآس، وتجاوز ما مروا به من تجربة أليمة، حتى وقع زلزالين جديدين، الإثنين، في العديد من المناطق المنكوبة أصلا من جراء الزلزال الأول الذي وقع في 6 فبراير الجاري.
ففي سوريا، أعلن عن وقوع وفيات ومئات الإصابات والحالات الحرجة، جراء الهلع والتدافع والقفز من الشرفات والمباني والانهيارات النفسية والصدمات العصبية، في عدد من المحافظات كحلب وطرطوس واللاذقية.
وفاة طفلة
حيث توفيت طفلة تبلغ 12 عاما، في مدينة صافيتا جراء تعرضها لصدمة عصبية عنيفة، بسبب الخوف لحظة وقوع الزلزال.وفي التفاصيل كشف رئيس الطبابة الشرعية في مدينة طرطوس الساحلية الدكتور علي سيف الدين بلال، عن 'وفاة الطفلة نور داود في صافيتا بسبب إصابتها بصدمة عصبية أدت لتوقف قلبها نتيجة الخوف من الهزة، وإصابة العديد من المواطنين برضوض وكسور نتيجة سقوطهم أثناء الخروج من منازلهم وسط الخوف والهلع وإسعافهم للمشافي للعلاج'.
وفاة مسنة
وفي مدينة حماة، كشفت وكالة الأنباء السورية نقلا عن مشفى حماة الوطني عن وفاة 'امرأة مسنة توفيت جراء سكتة قلبية مفاجئة ناجمة عن الهلع والخوف الشديدين، جراء الهزة الارتدادية التي ضربت البلاد'.
ويحذر معالجون وخبراء سيكولوجيون من مغبة التهاون في تقديم الرعاية الطبية النفسية للناجين والمتضررين من سكان المناطق المنكوبة، وخاصة الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال وكبار السن .
منبهين من خطورة انتشار مشاعر الخوف والسلبية والقلق، وسيطرتها على الناس في ظل مثل هذه الكوارث والأزمات، حيث قد يودي الانهيار العصبي والصدمة النفسية الحادة بحياة المصاب وفقهم .
رأي الطب النفسي
يقول الاختصاصي النفسي حسام الضرير، المقيم في مدينة حلب وهي مركز إحدى أكثر المحافظات السورية تضررا، في لقاء مع موقع 'سكاي نيوز عربية':
مع الأسف بفعل تواصل التداعيات النفسية لدى الناس بفعل الزلزال الأول، وقعت وفيات وحالات صحية طارئة كالولادات المبكرة في عدد من المناطق السورية، جراء الزلزال الجديد الذي حصل الإثنين، وأبرز تلك التداعيات هي انتشار متلازمة الكرب الحاد ورهاب الزلازال، ونوبات الهلع والوسواس القهري الذي يجعل المصاب يشعر باهتزاز مستمر وغيرها من أعراض تختلف درجة حدتها تبعا لحالة كل شخص.
ضرورة المعالجة النفسية
ولهذا لا بد من معالجات نفسية للمصابين والمتضررين، كبارا وصغارا، لكن بالنسبة للأطفال فإنه لا بد من تقديم رعاية صحية ونفسية مضاعفة لهم، كونهم أكثر تأثرا لدرجة أن بعض الأطفال باتوا يجسدون حدث الزلزال المأساوي في ألعابهم التخيلية، علاوة عن تعرضهم إلى الكوابيس واضطرابات النوم وطغيان ذكريات الحدث عليهم، وقد تتطور بعض الحالات إلى ردود أفعال تفارقية كفقدان الوعي الكامل بالمحيط، والشعور بتكرار الحدث الصادم.الناس يخافون الآن بشكل مضاعف أكثر من المرة الأولى، بفعل ما شاهدوه من مآس وكوارث طيلة أسبوعين عقب الزلزال الأول، وعمليات الانقاذ ورفع الأنقاض وما تخللها من قصص حزينة ومؤلمة، وهكذا فحتى المتلقون في مناطق بعيدة عن المناطق المنكوبة باتوا يعيشون تلك الحالة المأساوية، وهنا فقد كان للشبكات الاجتماعية دور سلبي في إظهار مشاهد وقصص موجعة ارتدت سلبا على صحة الناس النفسية، وإن أسهمت كذلك في تعزيز حال من التعاضد وتشارك الألم.