تتواصل أزمة العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان العراق، وتحديداً حول تقاسم الموارد المالية وملف رواتب الموظفين، لتتخذ شكل 'كرة الثلج' المتدحرجة نحو مزيد من الانقسام والتصعيد. اللافت في هذا الصراع المستمر منذ عقد من الزمان هو لجوء كل طرف إلى الدستور والقانون كمرجعية، في حين يظهر أن النصوص الدستورية ذاتها قد لا تكون كافية لحل هذه الخلافات المتجذرة.
أبرز مقترحات الحلبوسي ... خارطة الطريق
في ظل هذه الأجواء المشحونة، فجّر اقتراح 'خريطة طريق' تقدم بها رئيس البرلمان العراقي السابق، محمد الحلبوسي، لحل الأزمة، مستوى جديداً من التوتر في العلاقة العربية-الكردية. لم يلقَ الاقتراح ترحيباً في أربيل، بل أثار غضباً واسعاً، وصل إلى حد اتهام شخصيات سياسية كردية بارزة للحلبوسي بـ'عدم قراءة الدستور' أو معرفة نصوصه بشكل كافٍ.
ويقوم جوهر طرح الحلبوسي على قناعته بأن 'الخلاف المستمر والمتصاعد' بين بغداد وأربيل لن يجد حلاً ما لم 'يُحلّ من جذوره'. وفي تدوينة له عبر منصة 'تويتر'، أشار إلى أن الحل يكمن في مجموعة من الإجراءات التي من شأنها أن تسهم في حل المشكلات بين الجانبين. وتتمحور هذه الإجراءات حول إعادة تعريف الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية في مجالات رئيسية، وهي النقاط التي لطالما كانت مصدر نزاع مع الإقليم.
النفط والغاز والثروات الطبيعية: يشدد الحلبوسي على أن 'استخراج واستخدام وتسويق وتصدير النفط والغاز والثروات الطبيعية' يجب أن يكون 'من صلاحية واختصاص الحكومة الاتحادية حصراً'. هذه النقطة بالذات هي قلب النزاع بين بغداد وأربيل، حيث يصر الإقليم على حقه الدستوري في إدارة ثرواته النفطية ضمن حدوده.
إدارة الحدود والمنافذ: اقترح الحلبوسي أيضاً أن تكون 'إدارة وحماية الحدود والمنافذ وفرض الرسوم والتعرفة الجمركية من صلاحية واختصاص الحكومة الاتحادية حصراً، وتتولَّى المسؤولية الكاملة لمنع التهريب'. وهو مطلب يهدف إلى إحكام سيطرة بغداد على الموارد القادمة من المنافذ الحدودية التي يديرها الإقليم حالياً.
الموازنة وتوزيع التخصيصات المالية: تقترح خريطة طريق الحلبوسي أن 'تتحمَّل الحكومة الاتحادية نفقات الشعب العراقي، وتوزيع التخصيصات المالية في أبواب الموازنة (للوزارات والمحافظات والإقليم) وحسب التمثيل السكاني بعدالة، مع احتساب نسبة مئوية متفق عليها من العائدات للإقليم والمحافظات المنتجة، والمحافظات التي توجد بها منافذ'. هذا المقترح يهدف إلى ربط التخصيصات المالية بالمعايير السكانية والعائدات، وهو ما قد يعني إعادة النظر في النسبة المئوية المخصصة للإقليم.
تحليل هذه المقترحات يكشف أن الحلبوسي يميل إلى مركزية السلطة والقرار في يد الحكومة الاتحادية، وهو ما يتعارض مع رؤية إقليم كردستان الذي يرى في هذه الصلاحيات جزءاً لا يتجزأ من حكمه الذاتي الدستوري. رد الفعل الغاضب من الشخصيات الكردية البارزة ليس مفاجئاً، فهم يرون في هذه المقترحات تجاوزاً للدستور الذي يحدد العلاقة بين المركز والإقليم، ويخشون من أي محاولة لتقليص صلاحيات الإقليم أو المساس بكيانه الدستوري.