ads

اليمن يغرق في دوامة الحرب: تصاعد التوترات ومواجهة إقليمية ودولية

الحوثيون_ارشيفية
الحوثيون_ارشيفية

لم يعد اليمن 'السعيد' سعيدًا على الإطلاق، حيث يغرق اليمنيون منذ عام 2014 في ويلات حرب طاحنة، تفتك بهم الأمراض والعوز المدقع، وتحصد أرواحهم القذائف والصواريخ. تفاقمت الأزمة مع قرار جماعة أنصار الله الحوثية جر اليمنيين إلى مواجهات يائسة في البحر الأحمر، مهددين الملاحة الدولية.

يستخدم الحوثيون أسلحة ثقيلة في شن هجمات تعد الأكبر على الملاحة الدولية منذ عقود، مما أثر على حوالي 15 بالمئة من حركة التجارة البحرية العالمية. يشير برادلي بومان، الخبير العسكري الأميركي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، هي التهديد الأساسي للشحن البحري وحرية الملاحة في الشرق الأوسط.

تطرح الأوضاع الراهنة تساؤلات حول كيفية تمكن الحوثيين من جر اليمن إلى حرب أهلية مدمرة ومواجهة مع دول إقليمية، ثم مع الولايات المتحدة والدول الغربية في البحر الأحمر.

يوضح وولف كريستيان بايس، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن الحوثيين هم حركة تمرد تنشط في شمال اليمن منذ نحو عشرين عامًا، وبرزوا بقوة عام 2015 عندما استولوا على السلطة في صنعاء، ليصبحوا الحكومة الفعلية ويسيطرون على حوالي 80% من سكان اليمن.

بدأت الحركة في بداية التسعينيات بتشكيل 'الشباب المؤمن'، كرد فعل على التهميش الذي كانت تعانيه مناطق الزيديين، مطالبة بحقوق أبناء تلك الطائفة. ارتبط زعيمها الأول، حسين بدر الدين الحوثي، بحزب 'الحق' وفاز بمقعد في برلمان اليمن عام 1993.

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، تبنى حسين الحوثي نهجًا فكريًا جديدًا يجمع بين 'إحياء العقيدة' و'معاداة الإمبريالية'، متأثرًا بالثورة الإسلامية في إيران. تحولت الحركة إلى تنظيم مسلح عام 2004، وهو العام الذي قُتل فيه حسين الحوثي، ليخلفه شقيقه الأصغر عبد الملك.

استقرت الحركة على اسم 'أنصار الله'، وشكلت هاجسًا أمنيًا للحكومة اليمنية، التي اتهمت إيران بتشجيع 'الإرهاب والتمرد'. خاضت الحركة صراعًا مسلحًا مع حكومة علي عبد الله صالح بين عامي 2004 و2010.

الانقلاب والتدخل الإقليمي وجذور الحركة الحوثية

بعد سقوط حكم صالح عام 2012، عزز الحوثيون نفوذهم. في خريف 2014، انقلبوا على السلطة الشرعية واستولوا على صنعاء، وبدعم إيراني، سيطروا على مدن كبرى مثل مأرب وعدن. في ربيع 2015، بدأ تحالف تقوده السعودية عمليات عسكرية لإعادة الحكومة المعترف بها دوليًا.

يؤكد ستروان ستيفنسون، نائب سابق في البرلمان الأوروبي، أن 'الحرس الثوري الإيراني هو الرعاة والمدربون والمزودون الرئيسيون بالأسلحة للمتمردين الحوثيين'.

وفقًا لتقارير عسكرية، وسع الحوثيون أنشطتهم خارج اليمن باستخدام صواريخ باليستية مضادة للسفن وأنواع مختلفة من الأسلحة التي زودتهم بها إيران. يشير برادلي بومان إلى أن إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وتمتلك شبكة واسعة من الوكلاء في المنطقة.

في 11 يناير 2021، صنفت الولايات المتحدة الحوثيين منظمة إرهابية.

مع اندلاع الحرب في غزة في خريف 2023، تحرك وكلاء إيران في المنطقة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن. في نوفمبر 2023، استولى الحوثيون على سفينة 'غالاكسي ليدر' في جنوب البحر الأحمر، لتكون هذه العملية بداية لاعتداءاتهم على خطوط الملاحة الدولية.

يفيد دجون ستاوبرت، مسؤول في الغرفة الدولية للنقل البحري، بأن هناك بين 120 و 130 حادثًا في المنطقة منذ عام 2014، والغالبية العظمى ناتجة عن عدوان الحوثيين.

التدخل الدولي وعملية 'حارس الازدهار':

في أواخر عام 2023، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي لصد هجمات الحوثيين. أعلن لويد أوستن، وزير الدفاع الأميركي وقتها، إطلاق عملية 'حارس الازدهار'، التي تجمع أكثر من 12 بلدًا للقيام بدوريات مشتركة في البحر الأحمر وخليج عدن.

رغم الجهود الدولية، استمر الحوثيون في شن هجماتهم البحرية، ليرتفع عددها بحلول نهاية عام 2024 إلى 129 هجومًا على أكثر من 300 سفينة.

يشير فريز نديمي، خبير الشؤون العسكرية الإيرانية في معهد واشنطن، إلى أن الحوثيين تلقوا مكونات رئيسية للصواريخ من الإيرانيين، ويتلقون تدريبات في سوريا ولبنان وإيران.

تصعيد أميركي وعملية "الفارس الخشن":

بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، قرر تكثيف الضربات الجوية على الحوثيين، وأعلن في 15 مارس بدء الحملة العسكرية 'الفارس الخشن' للقضاء على المنظمة.

ردت الولايات المتحدة بهجمات صاروخية، بينما حشدت جماعة 'أنصار الله' قواتها استعدادًا لما تسميه معركة 'الحرب المقدسة'. صرح شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاغون، بأن الحوثيين اختاروا عدم وقف هجماتهم، وأن الحملة ستكون 'بلا هوادة لإضعاف قدراتهم وفتح ممرات الشحن والدفاع عن الوطن'.

منذ بداية الحملة، استهدفت الولايات المتحدة أكثر من 1000 هدف في اليمن، ما أسفر عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين. وأعلن مركز القيادة الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان بتاريخ 28 أبريل 2025، أن عملية 'الفارس الخشن' دمرت العديد من منشآت القيادة والسيطرة وأنظمة الدفاع الجوي ومرافق تصنيع وتخزين الأسلحة المتقدمة للحوثيين، مما قلل من معدل هجماتهم وفعاليتها.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً