حذّرت دمشق بشدة من «مخططات تستهدف النسيج الوطني السوري»، داعيةً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لمنع المزيد من التصعيد. وحمّلت الحكومة السورية إسرائيل مسؤولية التصعيد الأخير، مؤكدةً رفضها فرض وقائع جديدة على الأرض. يأتي هذا التحذير في ظل توترات أمنية متصاعدة في عدة مناطق سورية، لا سيما في محافظة السويداء الجنوبية.
اجتماع أمني رفيع المستوى ومخاوف من استغلال التوترات
عقدت وزارة الداخلية السورية، يوم السبت، جلسة موسعة برئاسة وزير الداخلية أنس خطاب وبحضور المحافظين، لمناقشة الواقع الأمني في المحافظات واستعراض التحديات الراهنة. وبحث الاجتماع «سبل تعزيز التنسيق والتكامل بين مختلف الجهات المعنية»، ووضع «رؤى استراتيجية لتطوير أداء الأجهزة الأمنية والشرطية، بما يسهم في ترسيخ حالة الأمن والاستقرار»، وفقاً لبيان الداخلية.
في سياق متصل، كشف مصدر دبلوماسي مطلع على مجريات لقاء باريس الذي جمع وفداً سورياً مع الجانب الإسرائيلي بوساطة أميركية، عن رفض سوريا «بشكل قاطع أي وجود أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية، وأي محاولة لاستغلال فئات من المجتمع السوري في مشاريع التقسيم، أو خلق كيانات موازية تفتت الدولة وتغذي الفتنة الطائفية».
وأوضح المصدر، في تصريحات نقلتها قناة «الإخبارية السورية» الرسمية، أن الوفد السوري عبّر عن الرفض الكامل لـ«أي محاولات لجرّ البلاد نحو الفوضى أو العنف الداخلي»، وحذّر «من مخططات تستهدف النسيج الوطني السوري»، مؤكداً التزام الدولة السورية بـ«الدفاع عن وحدة أراضيها وشعبها، وأنها ترفض أي مشاريع للتقسيم أو جر البلاد إلى صراع داخلي جديد».
قلق من الداخل وتحذير تركي
من جانبهم، عبّر نشطاء في المجتمع المدني بدمشق عن مخاوفهم من هشاشة الأوضاع الأمنية، مشيرين إلى وجود «أطراف داخلية تسعى إلى تقويض الاستقرار بذريعة الخوف من ديكتاتورية الأغلبية». ورغم اعترافهم بمشروعية هذه المخاوف، إلا أنهم حذروا من استغلال إسرائيل لها «لإبقاء سوريا مفككة ضعيفة»، معتبرين أن ذلك «ينزع عنها الشرعية ويضعها في موقع خيانة البلاد والشعب الذي ثار على نظام الأسد، لأن الانزلاق إلى الفوضى لن ينجو منه أحد». ولفتت المصادر إلى ما حدث في أحداث السويداء وحملات التجييش التي أقصت «العقلاء ومبادرات السلم الأهلي»، معبرين عن أسفهم لاضطرار النشطاء المدنيين إلى العمل السري «لأن الجميع في سوريا يستهدف الجميع».
وعلى الصعيد الإقليمي، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مساء الجمعة، عن رصد بلاده «تحركات مريبة» في شمال وجنوب وشرق وغرب سوريا، عقب التوترات الأخيرة بين البدو والدروز في محافظة السويداء. وحذر فيدان من أن جهات خارجية تستغل هذه الأحداث «لدفع سوريا نحو التقسيم»، مؤكداً أن تركيا «تريد وحدة سوريا وسلامتها، وتعد أمنها جزءاً من أمننا القومي».
جهود إنسانية وإجلاء للمدنيين في السويداء
في تطور آخر، أعلنت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في السويداء عن تشكيل لجان قانونية وإنسانية متخصصة، بتوجيه من الشيخ حكمت الهجري. وتتكون هذه اللجان من نحو 44 محامياً ومحامية، وتهدف إلى الإشراف على توثيق الأحداث لحماية حقوق المتضررين، وضمان إيصال المساعدات بشكل عادل وشفاف بعيداً عن «المحسوبيات أو التسييس».
في غضون ذلك، أعلن الدفاع المدني السوري، يوم السبت، عن إجلاء نحو 300 مدني من الراغبين في مغادرة محافظة السويداء، بالإضافة إلى 20 جريحاً و8 جثامين لضحايا المواجهات، وذلك عبر معبر بصرى الشام باتجاه العاصمة دمشق. وتعد هذه قافلة الإجلاء الخامسة، حيث سبقها إجلاء 250 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كانوا محاصرين في منازلهم بقرية ريم اللحف في ريف السويداء، ونقلوا إلى مراكز إيواء مؤقتة في ريف درعا عبر معبر بصر الحرير.