واصلت وسائل الإعلام الإسرائيلية كشف الخدعة الكبرى التي تعرضت لها إسرائيل من جاسوسها الأشهر المصري أشرف مروان والذي كانت تطلق عليه لقلب "الملاك".
وقالت القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي، إن أشرف مروان - الملقب بـ"الملاك" - والذي يُعتبر الجاسوس الذي حذّر تل أبيب من حرب أكتوبر 1973 كان هو نفسه "رأس حربة" عملية خداع مصرية متطورة، وساهم بشكل كبير في تعتيم وتضليل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي بأكمله.
وقال المحلل العسكري الإسرائيلي بالقناة العبرية، عوزي باروخ، إن التحقيق الشامل الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يؤكد أن أشرف مروان (الملاك) خدع إسرائيل وكان جزءًا من خطة خداع مصرية مُحكمة التخطيط، أسفرت عن مقتل حوالي ٢٤٠٠ جندي إسرائيلي في حرب أكتوبر.
ووفق القناة العبرية فقد أستند التحقيق الذي أعده الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان، إلى ثروة من المعلومات الاستخباراتية غير المعلنة سابقًا، ويكشف أن مروان كان في الواقع يعمل لصالح مصر وليس لإسرائيل كما كانت تدعي تل أبيب من قبل.
وأكد المحلل العسكري الإسرئايلي أن "الملاك" لم يكن أفضل "عميل للموساد" بل تشير الأدلة إلى عكس ذلك تمامًا، فقد كان أشرف مروان، جزءًا من عملية خداع شاملة ومعقدة ساعدت المصريين على مفاجأة إسرائيل، وأن كل هذا حدث بسبب سلسلة من الإخفاقات الجسيمة للموساد في تشغيل "الملاك"، وتجاهله للتحذيرات الوامضة بشأنه.
وأكد تقرير القناة العبرية أن "الملاك" غرس ثقة زائفة في جهاز المخابرات الإسرائيلي بشكل عام وفي قسم الأبحاث بشكل خاص، وبالتالي فإن استنتاجات التحقيق الصحفي حول فشلهم تنطبق عليهما أيضًا.
وقالت القناة الـ 7 العبرية إنه على سبيل المثال، ابتداءً من أواخر أغسطس 1973، شارك "الملاك" في اجتماعاتٍ حدّد فيها رئيسا سوريا ومصر كيفية إدارة الحرب، وأن الهجوم سيبدأ في 6 أكتوبر 1973- يوم الغفران 5734 - . ولكن بدلًا من إبلاغ مشغليه بالموساد بذلك، أرسل "الملاك" إلى إسرائيل سلسلةً من التحذيرات الكاذبة حول تواريخ أخرى، وتوقع أن الحرب لن تندلع في النهاية، وكان التحذير الذي أطلقه عشية الحرب غامضًا أيضًا، وجاء بعد فوات الأوان.
وأشارت القناة العبرية إلى مروان كان قد وجّه التحذير في منتصف ليل الليلة التي سبقت الهجوم خلال اجتماع مع رئيس الموساد تسفي زامير في لندن.
وصدر تحذير "الملاك" قبل 12 ساعة فقط من الهجوم، عندما كان المصريون يعلمون تمامًا أن إسرائيل بحاجة إلى 48 ساعة على الأقل لتركيز قواتها في القناة وجلب وحدات الاحتياط إليها، خاصةً مع وجود جبهة أخرى في الشمال.
كما نصب المصريون كمينًا بصواريخ أرض-جو لسلاح الجو على طول القناة، ولم يخشوا هجومًا مضادًا استباقيًا، وعندما بدأ سلاح الجو العمل، ورغم حشده قبل ساعات، تكبد خسائر فادحة ولم يتمكن من تقديم أي مساعدة تُذكر.
وكان قد ذكر تحقيق "يديعوت أحرونوت" أن مروان تم تكريمه كملكًا في مصر، حيث أنه بعد وفاته الغامضة، أُقيمت له جنازة مهيبة لم يُكرم بها إلا قلة من المصريين، فبدلًا من أن يُعامل كخائن، عومل كبطل قومي.
فيما صرح اللواء شلومو غازيت، الذي كان يُعتبر من أفضل رؤساء جهاز المخابرات، والذي أعاد تأهيل الجهاز بعد حرب أكتوبر ، في محادثة لم يُسمح بنشرها إلا بعد وفاته: "تم زرع مروان في مؤخرة وعمق جهاز المخابرات الإسرائيلي، وجنّد رئيس الموساد تسفي زامير ببراعة، وتلاعب به كما يشاء، وكان عمليًا بمثابة المحرك الرئيسي في خطة الخداع المصرية".
وأثار تحقيق "يديعوت أحرونوت" وموقعها الإلكتروني "واي نت" حول "الملاك" ضجة في مصر، حيث غطت وسائل الإعلام المصرية التحقيق الذي كشف أن مروان، "أفضل جاسوس إسرائيلي"، كان يعمل لصالح القاهرة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير لها حول متابعة الإعلام المصري للتحقيق الذي نشرته، إن المصريون لم يكتفوا بنشر ترجمة تحقيق "يديعوت أحرونوت" و"واي نت"، بل أنهم أكدوا على بطولة أشرف مروان التي طالما كانت تنكرها تل أبيب وتدعي أنه جاسوس عمل لصالحها، حيث كتب أحد الإعلاميين المصريين أن هذا "دليل إضافي على عبقرية أجهزة الاستخبارات المصرية".
.
ووفقًا لأنور، فإن المنشور الإسرائيلي "يؤكد أن مزاعم إسرائيل عنه بأنه عميل مزدوج أو جاسوس ليست سوى حملة تشويه متعمدة، تهدف إلى تقويض رمزية عائلة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (كان مروان متزوجًا من ابنة الرئيس الراحل) وإخفاء الدور الحقيقي الذي لعبه مروان لمصر".
فيما نشرت قناة "إكسترا نيوز" المصرية فيديو قصيرًا بعنوان: "اعتراف إسرائيلي: أشرف مروان خنجر مصري في قلب تل أبيب".
وقالت يديعوت أحرونوت إنه في الذاكرة المصرية الجماعية، تُعتبر حرب يوم الغفران انتصارًا، وتُحيي مصر كل عام في شهر أكتوبر "يوم النصر"، وفي اليوم السابق لهجوم 7 أكتوبر 2023، احتفلت مصر بالذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973.
وفي العام الماضي، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين للحرب، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "في هذا اليوم، حققت مصر نصرًا سيبقى خالدًا في ذاكرة الأمة وفي صفحات تاريخها المجيد.. نصر سيُذكر الجميع دائمًا بأن هذه الأمة، بوحدة شعبها وقيادتها وجيشها، قادرة على تحقيق المستحيل مهما عظم".