شهدت العاصمة التركية أنقرة مراسم استقبال رسمية لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق عبدالفتاح البرهان، حيث برزت تحية خاصة بينه وبين رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، تميّزت عن التحيات التقليدية الموجهة لبقية المسؤولين، ما يعكس عمق التنسيق الأمني والسياسي بين البلدين.
وأظهرت مقاطع الفيديو الرسمية، التي نشرتها المنصات التركية والسودانية، لحظة نزول البرهان من سيارة التشريفات وهو يتبادل كلمات باللغة العربية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إشارة إلى حرص الجانبين على التواصل المباشر والتفاهم الثقافي والسياسي، وهو ما يعكس سعي كل من الخرطوم وأنقرة لتعزيز الثقة المتبادلة في ظل التحديات الراهنة.
وأكد أردوغان أن تركيا تولي أهمية قصوى لتحقيق الأمن والاستقرار في السودان، والحفاظ على وحدة أراضيه، مشددًا على دعم بلاده لوقف إطلاق النار في مناطق النزاع والعمل على تأسيس سلام دائم ومستدام. كما أشار إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات حيوية تشمل التجارة والزراعة والصناعات الدفاعية والتعدين، في خطوة تهدف لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة وتقوية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتأتي هذه الزيارة في وقت يعيش فيه السودان أزمات متعددة، إذ تواجه البلاد صراعات مسلحة داخلية بين القوات الحكومية والفصائل المختلفة، إضافة إلى انقسامات سياسية حادة داخل النخبة الحاكمة، أدت إلى نزوح واسع للأهالي وارتفاع معدلات الفقر وانهيار الخدمات الأساسية في العديد من الولايات، أبرزها دارفور وكردفان. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الصراع أدى إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني ملايين المدنيين من نقص الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية، بينما تتصاعد الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق النزاع، بما في ذلك عمليات قتل ونهب وتهجير قسري.
ولفت أردوغان إلى أن منطقة الفاشر في ولاية شمال دارفور تشهد استمرار انتهاكات ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، مؤكدًا ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وحازمة لمنع تكرار هذه الانتهاكات وحماية المدنيين، ما يعكس موقف تركيا الداعم للجهود الإنسانية الدولية في السودان.
من جهتها، أكدت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" أن زيارة البرهان جاءت تلبية لدعوة رسمية من الرئيس أردوغان، وشملت مراسم استقبال في المجمع الرئاسي التركي، ولقاءات موسعة تركزت على القضايا الإقليمية الملحة، بالإضافة إلى التشاور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والأمنية.
وتعكس هذه الزيارة حرص السودان وتركيا على تعميق التعاون السياسي والأمني والاقتصادي، في ظل التحديات الداخلية التي يواجهها السودان، والحاجة الماسة لدعم دولي فاعل يعزز الاستقرار والسلام، ويساعد على تجاوز الانقسامات والصراعات التي تهدد أمن البلاد ووحدة أراضيها. كما تمثل رسالة واضحة للطرفين بأن بناء شراكة متينة يمكن أن يسهم في تخفيف حدة الأزمات الإنسانية وتعزيز فرص التنمية المستقبلية في السودان.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
