صنعاء – مقديشو: أعلن زعيم جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) في اليمن، عبد الملك الحوثي، أن أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيُعد هدفًا عسكريًا لقوات الجماعة، محذرًا من تداعيات ما وصفه بـ“الخطوة العدوانية” الإسرائيلية على أمن المنطقة والبحر الأحمر. وجاءت تصريحات الحوثي، الأحد، في بيان ردًا على إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل رسميًا بإقليم أرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة.
وقال الحوثي إن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال “يستهدف الصومال ومحيطه الإفريقي، كما يستهدف اليمن والبحر الأحمر والدول المطلة على ضفتيه”، معتبرًا أن الخطوة تمثل جزءًا من “برنامج عدائي” يهدد أمن المنطقة بأكملها. وأضاف أن إعلان إسرائيل “باطل ولا قيمة له لا من ناحية الحق ولا القانون”، مؤكدًا أن الجهة التي تصدر عنه “مغتصِبة ولا تملك مشروعية لنفسها، فكيف تمنح الشرعية لغيرها”، على حد تعبيره.
وأشار زعيم الحوثيين إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الخطوة إلى جعل إقليم أرض الصومال موطئ قدم لأنشطتها العسكرية والأمنية، بما يسمح لها بتهديد الصومال واليمن ودول المنطقة، وتهديد أمن البحر الأحمر وخليج عدن. وشدد الحوثي على موقف جماعته الداعم للشعب الصومالي، قائلاً: “نؤكد وقوفنا الثابت مع الشعب الصومالي الشقيق ضد العدو الإسرائيلي، وسنتخذ كل الإجراءات الممكنة لدعمه، وعلى رأسها اعتبار أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفًا عسكريًا لقواتنا المسلحة، باعتباره عدوانًا على الصومال واليمن وتهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة”.
وأكد أن جماعته لن تقبل بتحول أي جزء من الصومال إلى قاعدة أو موطئ قدم لإسرائيل، داعيًا دول البحر الأحمر والعالمين العربي والإسلامي إلى اتخاذ خطوات عملية لمنع ما وصفه بـ“الاستباحة الإسرائيلية” للصومال والدول الإسلامية.
في المقابل، أعلنت الحكومة الصومالية رفضها القاطع للاعتراف الإسرائيلي بإقليم أرض الصومال. وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في خطاب ألقاه أمام البرلمان وبثه التلفزيون الرسمي، إن بلاده لن تقبل بهذه الخطوة التي “تنتهك سيادة الصومال ووحدة أراضيه”.
وأضاف محمود أن الصومال ستستخدم كل الوسائل المتاحة للدفاع عن سيادتها عبر القنوات الدبلوماسية، مؤكدًا أن “لا أحد يستطيع تقسيم الشعب الصومالي”، وأن أرض الصومال “جزء لا يتجزأ من الدولة الصومالية”.
ويتمتع إقليم أرض الصومال، الواقع في شمال غربي الصومال، باستقلال فعلي منذ عقود، إذ أعلن انفصاله عام 1991 عقب سقوط نظام الرئيس الصومالي الأسبق سياد بري ودخول البلاد في حالة من الفوضى. ويبلغ الإقليم مساحة تقارب 175 ألف كيلومتر مربع، وله عملته الخاصة وجوازات سفر وجيش محلي.
ورغم استقراره النسبي مقارنة ببقية مناطق الصومال، التي تواجه تمرد حركة الشباب وصراعات سياسية مزمنة، فإن أرض الصومال لم تحظَ حتى الآن باعتراف دولي رسمي، ما أبقاها في حالة عزلة سياسية واقتصادية نسبية. ويحظى الإقليم بموقع استراتيجي مهم على خليج عدن، قرب مضيق باب المندب، أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، والذي يربط المحيط الهندي بقناة السويس.
ويرى محللون أن أي تقارب إسرائيلي مع أرض الصومال قد يمنح تل أبيب موطئ قدم استراتيجيًا على البحر الأحمر، بما يسمح لها بتعزيز نفوذها العسكري والاستخباراتي في المنطقة، وربما توجيه ضربات ضد الحوثيين في اليمن.
وكانت إسرائيل قد شنت غارات متكررة على مواقع في اليمن منذ اندلاع حرب غزة في شهر أكتوبر 2023، ردًا على هجمات نفذها الحوثيون تضامنًا مع الفلسطينيين. غير أن الحوثيين أعلنوا وقف هجماتهم بعد بدء الهدنة الهشة في غزة في أكتوبر من العام نفسه.
كما أثارت تقارير إعلامية سابقة جدلًا حول احتمال طرح أرض الصومال كوجهة محتملة لاستقبال فلسطينيين قد تسعى إسرائيل إلى تهجيرهم من قطاع غزة، وهو ما قوبل برفض واسع.
وأثار الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال ردود فعل مستنكرة في عدد من الدول الإفريقية والإسلامية، فيما شدد الاتحاد الأوروبي، السبت، على ضرورة احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه، داعيًا إلى حوار هادف بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات أرض الصومال لحل الخلافات القائمة منذ سنوات طويلة.