«الأسوأ لم يأت بعد».. خبير اقتصادي يتوقع ارتفاع التضخم العالمي

رمزي الجرم خبير اقتصادي
رمزي الجرم خبير اقتصادي

قال الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إن العقوبات الاقتصادية المُتصاعدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبعض الدول الأسيوية على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية؛ أحدثت أكبر أزمة تُهدد كافة الاقتصادات العالمية بشكل عام، إضافة إلى تصاعد أسعار النفط والغاز الطبيعي بشكل خاص، حيث تَخطى خام برنت حاجز 115 دولارا للبرميل.

وأوضح الجرم في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر"، أن العقوبات أثارت المزيد من التخوف والقلق، من أن تكون هناك عقوبات أخرى تستهدف صادرات النفط والغاز الطبيعي الروسي، فضلا عن الآثار السلبية على خلفية التحديات التي تواجها السفن الروسية في الإبحار في البحر الاسود، والذي يُلقي بظلاله على تقليل كمية النفط والغاز الطبيعي التي تصل للأسواق العالمية، بما في ذلك الإمدادات غير الروسية التي ستنقل بحراً عبر دول أخرى مثل كازاخستان.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تلك الأزمة وانعكاساتها السلبية على أسعار النفط والطاقة، ربما تُعيد للأذهان (صدمة النفط الأولى) عام 1973، على الرغم من أن الوضع الآن، يختلف كثيراً عما كان عليه في حقبة السبعينات، حيث لم يُكن هناك اعتماد كبير ومُتعاظم على النفط والطاقة، كما هو الحال اليوم.

وأضاف الجرم، أن ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، بخلاف ارتفاع مباشر في أسعار القمح والحبوب الغذائية الأخرى، من مُنطلق أن أوكرانيا، كانت تمثل سلعة الغذاء الأوربي من القمح، بخلاف اعتماد روسيا على صادراتها من القمح والذرة والحبوب لكثير من دول العالم المختلفة؛ أدت إلى ارتفاع مُتصاعد في أسعار كافة السلع عالمياً، وبشكل خاص أسعار السلع الغذائية مما أدى إلى عودة شبح التضخم مرة أخرى، وبشكل أكثر تسارعاً، ليُهدد كافة الاقتصادات العالمية، خصوصاً أن العالم كان يواجه، قبل نشوب تلك الأزمة، حالة من الركود التضخمي.

وأشار إلى أن ارتفاع اسعار النفط والغاز الطبيعي على المستوى العالمي، انعكاسات سلبية اكثر شدة على الاقتصاد المصري، خصوصا بعد تبني الفيدرالي الأمريكي، رفع الفائدة الأمريكية ثلاث مرات منذ بداية العام الجاري، وتوقعات بالاستمرار في هذا النهج حتى نهاية هذا العام، وربما بداية العام القادم، مما سيلقي بظلاله على زيادة وتيرة معدلات التضخم بشكل كبير، حيث تجاوزت معدلات التضخم في الاقتصاد المصري مع نهاية يونيو الماضي نحو 15%، ومازالت هناك توقعات بزياده تلك المعدلات بشكل أبعد من ذلك بكثير، إذا ما استمرت النزاعات المسلحة قائمة، وبما يشير إلى أن الأسوء لم يأت بعد، خصوصا ان احتمالية دخول الاقتصاد العالمي فيما يطلق عليه في الادبيات الاقتصادية بالركود التضخمي بات قريبا، وهي تلك الحالة التي قد تتعرض لها الاقتصادات العالمية بعد مرحلة شديدة من الضغوط التصخمية، وبما سينتج عنها انخفاض معدلات النمو الاقتصادي بشكل كبير، مع زيادة معدلات التضخم، وفي نفس الوقت، زيادة حدة البطالة بشكل ملموس، وبما يشكل تحديات عديدة أمام صانعي السياسة النقدية والاقتصادية في الاقتصادات المقارنة، على خلفية أن كافة الحلول، سيكون لها آثار جانبية سلبية أكثر شدة على بعض المتغيرات الأخرى، بالمقارنة بالحلول التقليدية في حالة الركود الاقتصادي أو التضخم الاقتصادي، كلٍ على حده.

وقد يبدو أن أفضل الحلول المتاحة، للخروج من النفق المظلم، هو تبني السياسات التي تدعم زيادة الإنتاج، خصوصا فيما يتعلق بالغذاء والطاقة مع تخفيض حدة الإنفاق، واقتصاره على الحاجات الأساسية فقط، بشكل غير محدود في ظل تسعير برميل النفط في الموازنة العامة للدولة عند مستوى 60 دولار فقط، حيث سيؤدي استمرار هذا الأمر، إلى رفع أسعار البترول والطاقة من قبل لجنة التسعير التلقائي في المرة القادمة، وربما تتجاوز الأسعار إلى ما يقرب من ضعف الأسعار الجارية، مما سيؤدي إلى تصاعد معدلات التضخم بشكل كبير للغاية، وإلى حدوث موجة عارمة من الغلاء، مما سيدعو الحكومة إلى التدخل لدعم مظلة الحماية الإجتماعية للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً، وما يترتب عليه من تخصيص موارد مالية باهظة في هذا الشأن.

إلا أن هناك جانبا آخر، ربما يدعو إلى التفاؤل إلى حد ما، في خصوص قُرب انتهاء تلك الحرب، نظراً لتحقيق معظم أهداف روسيا في أوكرانيا، فضلا عن وجود توقعات تشير إلى عقد اتفاق نووي بين إيران والغرب، في مقابل ضخ المزيد من النفط الإيراني في الأسواق العالمية، مما سيؤدي إلى تقليل حدة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، بالاضافة إلى قيام وكالة الطاقة الدولية بسحب نحو 60 مليون برميل من احتياطاتها النفطية للدول الأعضاء من أجل تهدئة مخاوف الأسواق بشأن تصاعد أسعار النفط العالمية، وكذا، انخفاض حجم الاستهلاك الأوربي للغاز والطاقة المستخدمين في التدفئة، مع دخول فصل الصيف خلال الفترة القليلة القادمة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً