يشهد المجتمع الأمريكي منذ صعود ترامب تحولات عميقة ومقلقة. فها هي 'الترامبية' تفرض نفسها كأيديولوجية جديدة، تنهش في أركان النظام السياسي الأمريكي التقليدي. هذه الحركة، التي تجمع بين الشعبوية المتطرفة والقومية المتعصبة، تمثل تحولاً جذرياً في المشهد السياسي الأمريكي، وتثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية الليبرالية في مهدها. وفي صراع أيديولوجي محتدم، تبرز 'الترامبية' كظاهرة سياسية فريدة، تمزق النسيج الاجتماعي الأمريكي. هذه الأيديولوجية التي تتغذى على الخوف والكراهية، تمثل تحدياً وجودياً للقيم الليبرالية التي لطالما ارتبطت بالولايات المتحدة. فهل ستتمكن هذه الحركة من فرض رؤيتها، أم ستتلاشى مع مرور الزمن . لكن مع ذلك تثير 'الترامبية' جدلاً واسعاً حول مدى اقترابها من الفاشية الجديدة. فالشعبوية المتطرفة، والكراهية للأقليات، والرغبة في القيادة القوية، كلها عناصر تشترك فيها الحركتان. هذا الأمر يجعل من 'الترامبية' ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل، فهي تهدد ليس فقط الولايات المتحدة، بل العالم أجمع.'
الترامبية .. أيديولوجية جديدة تنهش في أركان النظام السياسي الأمريكي وهذا هو التفسير العلمي لها !
لا تعدّ 'الترامبية' ظاهرة أمريكية محصورة، بل هي فيضٌ سياسي اجتاح العالم، حاملاً معه فكرة أن الزعيم فوق القانون. فمن ترامب إلى بولسونارو، ومن أردوغان إلى بوتين، تتشابه ملامح هذه الزعامات التي تستمد شرعيتها من إرادة الزعيم الفرد، متجاوزةً بذلك مؤسسات الدولة والقانون. هذه الحركة، التي تتغذى على الشعبوية والقومية المتطرفة، تشكل تهديداً حقيقياً للديمقراطية والنظام العالمي القائم، وتجمع الزعماء الذين يحملون فكر 'الترامبية' صفات مشتركة: الشعبوية المتطرفة، والقومية المتعصبة، والاستهانة بالقانون والمؤسسات. هؤلاء الزعماء، الذين يرون أنفسهم فوق القانون، يشكلون تهديداً خطيراً للديمقراطية والحريات العامة. فهل نحن أمام نموذج جديد للقيادة السياسية، أم أن هذه الظاهرة ستزول مع مرور الزمن، ولذلك لا تعدّ 'الترامبية' ظاهرة أمريكية محصورة، بل هي فيضٌ سياسي اجتاح العالم، حاملاً معه فكرة أن الزعيم فوق القانون. فمن ترامب إلى بولسونارو، ومن أردوغان إلى بوتين، تتشابه ملامح هذه الزعامات التي تستمد شرعيتها من إرادة الزعيم الفرد، متجاوزةً بذلك مؤسسات الدولة والقانون. هذه الحركة، التي تتغذى على الشعبوية والقومية المتطرفة، تشكل تهديداً حقيقياً للديمقراطية والنظام العالمي القائم.
الترامبية .. أيديولوجية جديدة تنهش في أركان النظام السياسي الأمريكي وهذا هو التفسير العلمي لها !
لقد ظهرت 'الترامبية' كفيروس سياسي غريب، انتشر بسرعة البرق خلال حملة ترامب الانتخابية. هذا الفيروس، الذي تغذى على مخاوف وخيبات الأغلبية الصامتة، حمل معه خطاباً ساماً مليئاً بالكراهية والعنصرية. ففي كل خطاب لترامب، نجد جرعة زائدة من السموم الموجهة ضد الأقليات، خصوصاً السود والمسلمين والمهاجرين. هذا الخطاب، الذي يعتمد على تبسيط القضايا وتقديم حلول شعبوية ساذجة، نجح في استقطاب شريحة واسعة من الأمريكيين الذين شعروا بالتهميش والإهمال. وسرعان ما تحولت 'الترامبية' إلى أيديولوجيا متكاملة، تقوم على فكرة تفوق العرق الأبيض، وعلى رفض الآخر المختلف. ففي عالم ترامب، لا مكان للتسامح والتعايش، بل يسود قانون الغاب، والقوة هي الفيصل. ورغم محاولات ترامب لتجميل صورته، وتقديم نفسه كمدافع عن الطبقة العاملة، إلا أن حقيقته تكمن في كونه زعيمًا عنصريًا، يسعى إلى تقسيم المجتمع الأمريكي، وإعادته إلى عصر الظلام .
الترامبية .. أيديولوجية جديدة تنهش في أركان النظام السياسي الأمريكي وهذا هو التفسير العلمي لها !
لكن مع ذلك فمن وجهة نظر علم النفس السياسي فإن ترامب جسد في حملته الرئاسية ' الذكورة المهيمنة '، و كان ترامب معاديًا بشكل علني للنساء ولذلك كان من الطبيعي أن يجذب ترامب إلى صفوفه ملايين الرجال المحبطين من علاقاتهم الفاشلة في الحب أو الزواج، وهو عامل نفسي وسياسي لا يمكن أن يظهر له أثر إلا في المجتمع الأمريكي غريب الأطوار، حيث يصوت الناس لرئيس لا شك في فساده الأخلاقي وسجله في الجرائم التي تتعلق بالتحرش بالنساء، ولم يكن ترامب هو أول من يستخدم متغير ( الذكور المهيمنة ) استخداما سياسيا من وجهة نظر علم النفس الاجتماعي، لكن سبقه في ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق بل كلينتون، الذي كان فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في الدورة الثانية له أسهل من فوزه في الدورة الأولى، لا لشئ إلا أن في الدورة الثانية كان محاطا بالأضواء بسبب فضيحة مونيكا، والتفاصيل المذهلة عن سلوك كلينتون الجنسي مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي ، وهذا هو الدرس الذي استفاد منه ترامب بعد أن استخدم متغير ( الذكور المهيمة ) ليجعل كل رجل أمريكي أبيض محبط يجد في ترامب الأمل في أن يكون في مقدوره القول بينه وبين نفسه : 'أستطيع بناء أي شيء أريده. أستطيع أن أفعل أي شيء أريده. أستطيع أن أحصل على النساء اللواتي أريدهن'.
الترامبية .. أيديولوجية جديدة تنهش في أركان النظام السياسي الأمريكي وهذا هو التفسير العلمي لها !
وفي كل التعليقات على سلوك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد وُصِفَت الترامبية بأنها شعبوية استبدادية يمينية، ويُنظَر إليها على نطاق واسع بين العلماء على أنها تشكل تهديدًا وجوديًا للديمقراطية الأمريكية. وهذا ما يفسره موقف ترامب المتطرف من نظرية السلطة التنفيذية الموحدة، بحجة أن المادة الثانية أعطته الحق في 'فعل ما أريد'. وهذا هو ما جعل عالم الاجتماع في جامعة ييل فيليب س. جورسكي يحذر من تهديد ( الترامبية) بقوله : 'انتخاب دونالد ترمب ربما يشكل أعظم تهديد للديمقراطية الأميركية منذ الهجوم الياباني على بيرل هاربور ، مع الأخذ في الاعتبار أن الموجة الشعبوية اليمينية المتطرفة ... لم تأت في الواقع من العدم، ذلك إن موجات الاستبداد ليست مجرد جنون مفاجئ، أو فيروس، أو موجة مد، أو حتى مجرد ظاهرة مقلدة ــ تشجيع المتعصبين والمستبدين من خلال النجاحات الانتخابية للآخرين. بل إنها شيء يقع تحت سطح أي مجتمع بشري ــ بما في ذلك الديمقراطيات الليبرالية المتقدمة في قلب العالم الغربي ــ ويمكن تنشيطه من خلال عناصر أساسية من الديمقراطية الليبرالية نفسها وهو ما يمكن أن ينتقل إلى دول أخرى .