في الوقت الذي تتطلع فيه الحكومة الإسرائيلية إلى رفع متدرج للتقييدات التي فرضتها على سوق العمل كإجراء وقائي للحد من انتشار فيروس كورونا حتى نهاية أبريل الجاري، فإنه لا يمكن بهذه المرحلة إحصاء حجم الخسائر الذي تكبدها الاقتصادي الإسرائيلي الذي سيدخل في ركود لم يشهده بالسابق، وخلا هذا كشف مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عن تقرير خلال الجلسة الطارئة التي عقدها 'مائير بن شبات'،لبحث تفاقم أزمة فيروس كورونا المستجد 'كوفيد 19'، وأزمة المجاعة والانهيار الاقتصادي التي تعاني منها دولة الاحتلال بسبب الإدارة الخاطئة لفيروس كورونا، ولكن ماذا يحدث تحديداً في دول الاحتلال الإسرائيلي؟
هل هناك فقر ومجاعة في دولة الاحتلال الإسرائيلي؟
يعتبر الفقر في إسرائيل مشكلة كبيرة ، ولكن غالبًا ما تكون القضية غير معلنة - أو الأسوأ - غير معروفة للجمهور، وخاصة الجاليات اليهودية في الخارج، وفقًا لبيانات معهد التأمين الوطني لعام 2018، فإن 21.2٪ من السكان الإسرائيليين يعيشون في فقر. كما لو أن هذا لم يكن مزعجًا بما فيه الكفاية ، فإن الإحصاءات أكثر رعباً عند التحدث عن الأطفال الذين يعيشون في فقر: 29.6 ٪ من السكان (تقريبًا 1 من كل 3 أطفال).
تقرير مجاعة إسرائيل
من يجب أن يتعامل مع قضايا الفقر في إسرائيل؟
حتى مع تدخل الحكومة وإعادة توزيع الموارد ، فإن معدلات الفقر في إسرائيل تصنف الدولة في أسفل قائمة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث الفقر.يعتقد موقع 'لاتت' العبري، أن المنظمة غير الحكومية الرائدة في مكافحة الفقر في إسرائيل ، أن الواجب المتأصل للحكومة الإسرائيلية هو وضع اللامساواة الاجتماعية وقضايا الفقر على رأس الأجندة الوطنية، للأسف ، على الرغم من أن الحكومة يجب أن تكون العامل الرئيسي المسؤول عن الحد من الفقر، فإن الحكومات الإسرائيلية لم تتخذ خطوات متسقة لحل هذه المشكلة ودور تقديم المساعدة للأشخاص الذين يعتبرون فقراء في إسرائيل يقع بشكل رئيسي على المنظمات الخيرية الإسرائيلية، تعتمد هذه بشكل أساسي على التبرعات والمشاركة من المجتمع المدني وقطاع الأعمال.
تقرير مجاعة إسرائيل
هل تفاقم الجوع في إسرائيل بعد فيروس كورونا؟
وفقا لمسح أجراه معهد التأمين الوطني الإسرائيلي (Bituach Leumi) ، يعاني ما يقرب من 25 ٪ من الإسرائيليين من انعدام الأمن الغذائي. واعتبر أكثر من 40٪ من هؤلاء أنهم يعانون من الجوع الشديد.
اقرأ أيضاً: فضيحة الموساد.. اتجار بالفتيات السوريات وتسجيل فيديوهات جنسية لقادة دول
يمتد انعدام الأمن الغذائي عبر القطاعات الديموغرافية في إسرائيل ، مما يؤثر على الأسر العاملة وكبار السن والأطفال. كشف تقرير حديث من Latet ، وهي منظمة مناصرة لمكافحة الفقر وشريك منحة MAZON ، أنه في عام 2013 ، كان 25٪ من الأطفال الإسرائيليين ينامون جوعًا عدة مرات في الشهر ، النسبة المئوية لكبار السن الذين كافحوا من أجل وضع الطعام على الطاولة أكثر من تضاعف ، وتلجأ بعض العائلات للبحث عن الطعام في صناديق القمامة أو تناول بقايا الطعام المهملة.
تقرير مجاعة إسرائيل
بينما يتعمق وضع الفقر ويكافح المزيد من الناس من أجل إطعام أنفسهم ، ستظل الاستجابة الخيرية للجوع غير كافية. يجب على الحكومة الإسرائيلية قبول دور أوسع وأكثر استنارة ، ولدى MAZON دور فريد تؤديه.
وتجدر الإشارة بشكل رئيسي إلى نقص القدرة الاقتصادية والوصول المنتظم إلى التغذية الأساسية والعالية الجودة المطلوبة من أجل وجود سليم ومتوازن، في يوفر حلاً فريدًا لمشكلة الجوع في إسرائيل: بصفته منظمة جامعة لـ 180 جمعية محلية،وتوزع ما بين 25-30 مليون دولار من الطعام على الفقراء في إسرائيل (200.000 فرد).
ارتفاع البطالة في إسرائيل؟
ورغم الشلل الاقتصادي والخسائر الفادحة التي تهدد إغلاق نحو 250 ألف مصلحة تجارية بحال لم تحصل على دعم حكومي فإن وزارة الصحة الإسرائيلية لا تستبعد إمكانية عودة القيود على القطاع الاقتصادي إذا تفشى الفيروس مجددا، على أن تتواصل الإجراءات المشددة وحظر التجمعات والتجمهر والرحلات الجوية حتى مطلع سبتمبر المقبل.
اقرأ أيضاً: فتح الملاجئ ورفع حالة التأهب في مستوطنة غلاف غزة تحسبًا لرد فلسطيني على "الضم"
وساهم تعليق العمل في مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية والمتواصل للشهر الثاني على التوالي في ارتفاع معدلات البطالة بحوالي 26%، حيث وصل إجمالي المسجلين للحصول على مستحقات البطالة قرابة مليون و85 ألفا، أغلبيتهم من قطاعات السياحة والفنادق والطيران المدني والمطاعم، حيث يتوقع أن قرابة 250 ألفا ممن سجلوا بالبطالة لن تتم إعادتهم لسوق العمل، وسيتم الاستغناء عنهم من قبل المشغلين بالقطاع الخاص.
ويعتقد سيفر بلوتسكر محرر الملحق الاقتصادي في صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل ستعاني من أسوأ ركود اقتصادي في تاريخها هذا العام، بحيث سيقفز معدل البطالة مع انتهاء أزمة كورونا إلى 12% بحسب تقدير صندوق النقد الدولي، بينما يقدر بنك إسرائيل أن نسبة البطالة ستستقر عند 6% بعد أن توقفت قبل الأزمة عند 4%، فيما يتوقع انخفاضا بنسبة 5.3% في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن تقرير بنك إسرائيل الذي يظهر الفارق بالتوقعات والمعطيات التي نشرها صندوق النقد الدولي بشأن تداعيات كورونا على الاقتصاد الإسرائيلي لا يتضمن أي تفسيرات بل جداول فقط وتقديرات، مما يعني ضرورة الانتظار لأسابيع للحصول على صورة أوضح بخصوص حجم الخسائر وتأثير أزمة كورونا على الاقتصاد الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: إسرائيل: دخلنا موجة ثانية من كورونا قد تقتل المئات.. وربما نعاود فرض الإغلاق الشامل
وعلى الرغم من ذلك فإن بلوتسكر يتوقع صورة قاتمة للاقتصاد الإسرائيلي بسبب أزمة كورونا، مستذكرا أنه في الأزمة المالية العالمية في العام 2009 لم ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، ولم يكن الاقتصاد في حالة ركود ولا حتى ركود تقني، مما يعني أن الاقتصاد الإسرائيلي سيكون في الربعين المقبلين بحالة من النمو السلبي، وفقط في العام 2021 سيشهد نموا بنسبة 5%، علما أن توقعات بنك إسرائيل كانت قبل الأزمة بأن العام المقبل كان من المفروض أن يشهد انتعاشا اقتصاديا بنسبة 8.7%.
الاقتصاد الإسرائيلي يراهن على قروض المصارف التجارية للتعافي من تداعيات كورونا الاقتصاد الإسرائيلي يراهن على قروض المصارف التجارية للتعافي من تداعيات كورونا.
خسائر بالمليارات بسبب كورونا
من جانبه، يعتقد محافظ بنك إسرائيل البروفيسور أمير يرون أن وزارة المالية مطالبة برصد ميزانية فورية بقيمة 5 مليارات دولار من أجل مواجهة تداعيات أزمة كورونا والحفاظ على قوة سوق العمل، مبينا أن الحكومة مطالبة بالتدخل في السوق الاقتصادي عبر توسيع عمليات شراء السندات الحكومية التي فتحت بمبلغ 13 مليار دولار.
بدوره، قال مدير قسم البحوث في بنك إسرائيل البروفيسور ميشيل سترابتينسكي إنه وفقا للتوقعات الأولية، فإن الناتج المحلي الإجمالي بأكمله في عام 2020 سينخفض بنسبة 2.5%، على افتراض أنه سيتم رفع القيود عن سوق العمل في نهاية أبريل الجاري.
اقرأ أيضاً: صحيفة إسرائيلية تفجر مفاجأة: الإدارة الأمريكية قد تتراجع عن خطة الضم
ويبدي مدير قسم البحوث مخاوفه من إمكانية اتساع دائرة الخسائر للاقتصاد الإسرائيلي التي لا يمكن إحصاؤها بهذه المرحلة، مؤكدا أن تكلفة الإجراءات المدعومة من قبل الحكومة حتى الآن تقدر بنحو 13 مليار دولار، وهي حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، يعتقد سترابتينسكي أنه إذا استمر الإغلاق وتعطيل سوق العمل حتى نهاية مايو المقبل فإن تكلفة الخطوات الحكومية لدعم الاقتصاد ومنع انهياره ستقفز إلى 36 مليار دولار، والتي تشكل 9% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حال صحة هذا التقدير، فإن الإغلاق من 4 إلى 6 أسابيع سيوقف كورونا، فإن الاقتصاد يمكنه تحمل خسارة 80 - 90 مليار شيكل، وسيكون بالإمكان النهوض بعد فترة الإغلاق المحدودة، بحسب 'هآرتس'، التي نبهت إلى أن 'المشكلة الصعبة؛ أنه لا يوجد ثقة بأن الإغلاق لفترة محدودة سيوقف الوباء'.
اقرأ أيضاً: قصف جوي وطريق جديد في القدس.. ماهي سيناريوهات "نتنياهو" لضم الضفة الغربية يوليو المقبل؟
وبينت أن 'الإغلاق لبضعة أشهر بدون فترة انتهاء معروفة مسبقا، يقودنا لسيناريوهات حرب أكتوبر، حيث هبط الاقتصادي الإسرائيلي في حينه، خلال سنتين من نمو بـ 12 % في السنة إلى 1.5%، وعليه ستكون هناك خسارة باهظة للناتج المحلي، وستجد السوق صعوبة كبيرة في النهوض منها'.
وبشكل عملي، 'الاقتصاد الإسرائيلي يوجد في حالة ضمور، وفروع كاملة أغلقت منها؛ مؤسسات التعليم، جهاز السياحة والاستجمام والتمريض والمحاكم، وعدد كبير من العمال يخافون الخروج من البيوت ويمتنعون عن الاستهلاك'.
أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن 'قرار الإغلاق الكامل للاقتصاد، يجب اتخاذه فقط لفترة محددة، وفي حال تبين أن هذه الفترة غير كافية، ستكون حاجة للتوقف وإعادة فحص النموذج الذي اتبعته إسرائيل'، منوهة إلى أن أحد البدائل التي يمكن فحصها في حال لم تساعد فترة الإغلاق المقترحة على حصار المرض، هو 'النموذج البريطاني الذي لا يحاول وقف الوباء'.
وأكدت الصحيفة، أن 'تنبؤات رجال الاقتصاد رفيعي المستوى، هي توقعات متشائمة لدرجة مخيفة، وخسارة إنتاج تبلغ 4 %، تبدو أنها أمر محتم، وبالتالي سيكون هناك ضرر واضح في الوضع المالي لإسرائيل، بسبب هبوط في جباية الضرائب والحاجة لأدوات مالية لتشجيع الاقتصاد'.