قصة الطبيب الشهم ابن قنا.. هجر أسرته وعمله 5 أشهر لدعم مصابي كورونا

الدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًا
الدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًا

هجر منزل أسرته وأغلق محل عمله منذ 5 شهور، ليتطوع في خدمة مرضى ومتعافي فيروس كورونا المستجد 'كوفيد - 19' ودعمهم نفسيًا، منذ ظهور الوباء في شهر مارس الماضي، بمستشفيات الحجر الصحي وداخل العزل المنزلي، لم يخف ولم يتردد ثانية، حيث استأجر منزلًا خارجيًا خوفًا على أطفاله وعائلته، لتقوية العامل النفسي لدى المصابين، وذلك لتأكده حسب مهنته أن الدعم نفسي له تأثير قوي على حالة أي مريض ومعظم حالات الانتحار تأتي لمعاناة صاحبها نفسيًا.

-هجر عمله وأسرته لدعم مصابي كورونا

الدكتور محمد خليفة القرماني، ابن قرية البراهمة، مركز قفط، جنوب محافظة قنا، وصاحب مركز علاج الإدمان والتوحد، وحاصل على الدكتوراه في الصحة النفسية والمرض النفسي، كرس حياته تطوعًا لخدمة متعافي ومصابين فيروس كورونا، منذ بداية ظهور الفيروس حتى الآن، وكان لدوره تأثير قوي وسط بلدته وخارجها ولكل مصاب يلجأ إليه، لم يتأخر عن خدمة أحد، بل جعل ذاته وأرقامه متاحين للجميع حيث قام بنشر رقم الـ'واتس آب' عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبارًا منه أن ذلك واجب وطني لابد أن يكون له دور بارز فيه بعلمه ودراسته.

بدأت مسيرة 'القرماني' مع الوباء عقب انتشار فيروس كورونا خارج مصر، حيث عقد اجتماعًا مع بعض شباب قريته في مركز شباب قفط، واتفقوا خلاله على الاستعدادت التي يتم تنفيذها لمواجهة الفيروس، ونظرًا لأنه كان مستجد لم يكن هناك طريقة واضحة لمكافحته، فقاموا بعملية تعقيم الشوارع بالكلور وهذه الخطوة الأولى التي انتشرت مع بداية فيروس كورونا واستمروا في ذلك حتى وصل كورونا محافظات مصر وانتشر بسرعة فائقة.

تكريم الدكتور القرمانيتكريم الدكتور القرماني

يقول الدكتور محمد خليفة القرماني، إنه بعد انتشار الفيروس في محافظات مصر، وقبل ظهوره في قنا، قرر التطوع بالسفر ليكون متواجد داخل مستشفيات الحجر الصحي، حيث كان الطبيب النفسي الوحيد المتطوع من قنا ضمن 35 آخرين على مستوى الجمهورية لدعم المصابين نفسيًا، داخل مستشفيات 'كفر الشيخ، وأسوان، والقاهرة، وإسنا'.

وأضاف 'القرماني'، لـ'أهل مصر'، أنه قضى أول فترة له 14 يومًا في القاهرة لدعم المتعافيين من فيروس كورونا، مضيفًا: 'نظرة المواطن للوباء في بدايته وكأنه وصمة عار لحقت به وسوف تلحق بعائلته بسببه، وكل تفكيره في سؤال واحد: ماذا يحدث عند خروجي من الحجر؟'.

الدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًاالدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًا

وأوضح أن مصابين كورونا كانوا يخرجون مدمرين نفسيًا من الحجر الصحي، خوفًا من ابتعاد عائلتهم وجيرانهم عنهم كأشخاص لحق بهم كورونا، وفي تفكيرهم أنهم ينظرون إليهم كعدوى ينقلون لهم المرض، وكل هذه الأفكار مؤلمة أكثر من أعراض الوباء ذاتها وأي شخص ليس لديه مناعة قوية قد تؤدي إلى وفاته والسبب مروره بأزمة نفسية.

-خطورة المرض النفسي على المصابين

وقرر 'القرماني' رفع المعاناة عن المصابين لمعرفته بخطورة المرض النفسي وأضراره، حيث كان يلتقي مع كل مصاب يتعافى ويقرر له الخروج، ويظل يتناقش معه فترة من الوقت عن معنى كلمة وباء مبيّنًا أنه ابتلاء من الله ليختبر قوة تحمل كل شخص وإرادته، إضافة إلى أن المرض ليس بعار ولا خزي مع ذكر أمثلة له بإصابة قيادات عُليا بمختلف دول العالم، ومنهم من تم شفاؤه ومنهم كانت مناعته ضعيفة وتوفي متأثرًا بالفيروس، بعد ذلك يدخل في مرحلة إحساسه بأنه بطل وساعد الدولة في إنقاذ أسرته، بأنه إذا رفض العلاج وتهرب من الحجز بالمستشفى كان سوف يؤذي عائلته وجيرانه بل أنه العكس أصبح الأفضل حيث قرر مواجهة الوباء بكل قوة حفاظًا على صحته وصحة عائلته، وكان كل ذلك الدعم الأكبر لكل متعافٍ عند خروجه من المستشفى ويقضي فترة عزله أيضًا بالمنزل، يعود لحياته كما كانت قبل إصابته ولا يلتفت للعوامل السلبية.

الدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًاالدكتور القرماني تطوع لدعم مصابي كورونا نفسيًا

ظل الدكتور محمد خليفة القرماني هكذا لمدة 25 يومًا بمستشفيات الحجر المختلفة، وعندما علم بظهور الفيروس في قريته قرر العودة مرة أخرى لقنا، لتبدأ رحلته بين مصابين العزل المنزلي وفي مستشفي الحجر بقفط، حتى يكون عونًا لأهله وجيرانه في مواجهة جائحة كورونا، حيث قسّم أيامه بين المستشفى والمنازل، فأصبح صديق لمعظم المرضى وكان يتابع كل مصاب يحتاج له خاصة في مركز قفط ومدينة قنا، مع توفير كافة مستلزماته الطبيبة المستمر في تبديلها على نفقته الخاصة، مع نشر أرقامه والـ'واتس آب' وحسابه الخاص عبر 'الفيسبوك' متابعًا لكل رسالة تأتي له ويقوم بمساعدتها سرًا.

-سبب ارتفاع وفيات كورونا

وعلى الرغم من تطوعه فترة طويلة، وقضاء كل أيامه وسط المصابين إلا أنه لا تجمعه أي صور معهم، لحفاظه على سرية المصاب وأن ما يقوم به هو عمل خيري تطوعي لا يريد نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه فقط يؤدي واجبه تجاه أهله وبلده وأن كل شخص لديه فرصة لمساعدة غيره ينفذ مباشرة للتخفيف من أعباء الدولة في ظل انتشار جائحة وباء عالمي، حيث في نظره لا يوجد مؤسسة تحقق نجاح بمفردها بل لابد من الحاجة إلى أفراد.

وكشف الدكتور القرماني، أن زيادة نسبة الوفيات بفيروس كورونا في محافظة قنا، يرجع لقلة وعي المواطنين، ونظرتهم للوباء بأنه عار وعند ظهور أعراض أحدهم يخفي ذلك حتى تتدهور حياته ويتوفي، لذلك يتمنى من جميع المواطنين، بتغيير نظرتهم عن الوباء، وأن أي شخص مُعرّض للإصابة به، ولحمايته وحماية أسرته عليه اتباع الإجراءات الاحترازية التي قررتها الدولة للتصدي للوباء.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً