عقب إعلان أمريكا تخفيض المساعدات التي يتم منحها لأديس أبابا، الجمعة الماضية، صرحت وزارة الخارجية الإثيوبية، في نفس اليوم، أن هذه محاولة من أمريكا والبنك الدولي للضغط على إثيوبيا للتوقيع على اتفاقية غير متوازنة، وستضر بالمفاوضات الثلاثية لسد النهضة مع السودان ومصر، بحسب صحيفة 'ذا إثيبوبيان هيرالد'.
ولكن هل هذا الرد يظهر أن هناك لوبي يقف وراء إثيوبيا يجلعها أكثر جرأة بأن تتحدث مع الولايات المتحدة هكذا، وهو ما دفعنا للبحث وراء الأمر.
لماذا اتخذت أمريكا هذا القرار ومن يقف الآن وراء إثيوبيا؟
كشف معهد 'كارتر' للدراسات، أن أمريكا اكتشفت برنامج جديد للصين في إثيوبيا، رغم أن بكين حرصت على الابتعاد عن الأضواء بشأن سد النهضة على مدار السنوات الماضية، لكنها في حقيقة الأمر تساهم من خلال شركاتها في إنشائه، كما يقدم الخبراء التابعين لها في قطاع الطاقة الكهرومائية المشورة لأديس أبابا.
وتشير بيانات مبادرة أبحاث 'الصين أفريقيا' بجامعة 'جونز هوبكنز' الأمريكية، إلى اقتراض إثيوبيا 235 مليون دولار من بكين خلال عام 2018، لتمويل مشاريعها المائية.
وبحسب البيانات التي كشفها المعهد، فإن إثيوبيا تأتي في المرتبة الثانية إفريقيا، بعد أنجولا، من حيث تلقي القروض من الصين، إذ حصلت على 51 قرضًا منذ عام 2006 حتى 2018، بقيمة إجمالية بلغت 13.6 مليار دولار، وهى أرقام أزعجت واشنطن كثيرًا.
وفي الآونة الأخيرة، منحت أديس أبابا شركتي 'مجموعة تشاينا غيزهوبا' و'فويث هايدرو شنجهاي'، عقودا بقيمة 40.1 مليون دولار، و112 مليون دولار على الترتيب، وذلك لـ'تسريع' أعمال البناء في سد النهضة.
كما قدمت الصين تمويلا كبيرا لخطوط الكهرباء والبنية التحتية ذات الصلة المرتبطة بسد النهضة، وعلى سبيل المثال، وفقاً لتقرير 'معهد كارتر'، أقرضت بكين أديس أبابا 1.2 مليار دولار عام 2013، لبناء خطوط نقل الطاقة لربط السد بالبلدات والمدن الرئيسية. وأعلنت في أبريل من العام الماضي عن استثمار بقيمة 1.8 مليار دولار لتوسيع شبكة الكهرباء في إثيوبيا، بعد زيارة أجراها رئيس وزرائها، آبي أحمد، إلى العاصمة الصينية.
وأضاف المعهد أنه 'في حين يبدو أن هنالك القليل من الانتقادات المباشرة لتورط الصين في سد النهضة الإثيوبي الكبير، إلا أنه من الصعب تصديق أنها غير متحيزة بشأن هذه القضية، مع هذا العدد الكبير من العقود الممنوحة لشركات مملوكة للدولة، مثل مجموعة جيزهوبا'.
ولدى الحديث عن استثمارات الصين الهائلة في إثيوبيا، فإن الأمر يتعلق برؤية تتعدى حدود الأخيرة، إذ أنفقت بكين الكثير خلال السنوات الماضية لتعزيز حضورها في عموم شرق أفريقيا، وتعمل على ربط دول المنطقة بشبكة طرق وأسلاك كهربائية، ينتظر أن تتزود بالطاقة التي سيولدها سد النهضة، فيما تضم إحدى تلك الدول، جيبوتي، القاعدة العسكرية الأولى والوحيدة حتى الآن للعملاق الآسيوي، بعيدا عن مياهه وأراضيه.
دول عربية متورطة في سد النهضة؟
الأكثر من ذلك أن دول عربية لم تعلق استثمارتهما في إثيوبيا، والبالغ قيمتها حوالي 7 مليارات دولار من أجل تحسين موقف مصر التفاوضي في القضية، وعلى العكس من ذلك استثمرت هذه الدول في تعزيز علاقاتهما مع أديس أبابا، حيث راعت اتفاق مصالحة تاريخي بين إثيوبيا وإريتريا كان هو السبب الرئيسي في حصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام، في الوقت الذي قدمت فيه دولة خليجية مبلغ 3 مليارات دولار في صورة ودائع واستثمارات في إثيوبيا، وقدّمت السعودية 140 مليون دولار كقروض لإقامة مشروعات للطاقة الشمسية.
اقرأ أيضاً: بوادر تقارب إثيوبي سوداني في ملف سد النهضة.. هل تؤثر زيارة آبي أحمد للخرطوم على مصر؟
كذلك الملياردير السعودي صاحب الأصول الإثيوبية، محمد حسين العمودي، هو أحد أبرز المستثمرين في سد النهضة، وأن العمودي قدم تبرعا بقيمة 88 مليون دولار لبدء أعمال الإنشاءات الأولى للسد في عام 2011، ناهيك بكونه مهندس الربط الزراعي بين الرياض وأديس أبابا منذ نجح في إقناع السلطات السعودية باستثمار مليارات الدولارات لاستصلاح نصف مليون هكتار.
خطوة ترامب بشكل غير مفاجئ حيث بدأت الإدارة النظر في حجب المساعدات الأجنبية عن إثيوبيا بسبب مناقشات السد في يوليو، في السنة المالية 2019 ، حيث قدمت الولايات المتحدة مجموعة 824.3 مليون دولار من المساعدات لإثيوبيا، منها 497.3 مليون دولار كمساعدات إنسانية ، وفقًا لبيانات وزارة الخارجية.
وطالبت مصر والسودان، إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد حتى تتوصل الدولتان إلى اتفاق ملزم قانونًا يتناول كيفية إدارة تدفقات المياه أثناء فترات الجفاف أو مواسم الأمطار الجافة، وإيجاد آلية لحل الخلافات بشأن السد.
لكن في يوليو، بعد موسم أمطار غير معتاد، أعلنت إثيوبيا أنها أنهت المرحلة الأولى لملء السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب، ما أثار رد فعل عنيف من القاهرة والخرطوم.