لم تكن تداعيات أحداث 11 سبتمبر 2001 حين انهار برجي التجارة العالمية في نيويورك إثر عمل إرهابي، بسيطة على الشعب الأمريكي وخاصة المسلمين منهم، الذين اتهمهم البعض بأنهم إرهابيون وعانى البعض منهم من عنصرية وعنف داخل أمريكا، ولكنهم استطاعوا إثبات أن الإسلام ليس دين إرهاب وأنهم بريئون من الأعمال الإرهابية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية على غرار تنظيم القاعدة وداعش الإرهابي، ليس فقط هذا بل استطاع البعض منهم تقلد مناصب كبيرة في أمريكا، ورغم أن المشوار لم يكن بالسهل لتغير الصورة الذهنية لدى المواطن الأمريكي العادي عن الإسلام إلا أنها لم تكن أيضاً مستحيلة.
احداث 11 سبتمبر
واليوم تأتي الذكرى الـ19 لأحداث 11 سبتمبر 2001، حيث لقي أكثر من 2600 شخص مصرعهم في مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك، وتوفي 125 شخصًا في البنتاجون 'وزارة الدفاع الأمريكي'، وتوفي 256 شخصًا على متن أربع طائرات بعد أن اختطف إرهابيون الطائرات وحولوها إلى صواريخ موجهة، وتتزامن ذكرى 11 سبتمبر 2001 مع أزمات كبيرة تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الانهيار الاقتصادي وتفشي فيروس كورونا والحروب الخارجية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفقاً لأهوائه الشخصية مع الصين وإيران وداخل بعض الدول العربية، لذا يجب أن نتذكر ما حدث بالفعل في أحداث 11 سبتمبر 2001.
احداث 11 سبتمبر
وحرصت 'أهل مصر' على لقاء عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي مهدي العفيفي، والذي كان أحد شهود العيان على أحداث 11 سبتمبر وهو أحد المسلمين الذي استطاع تغيير الصورة الذهنية لدى المواطن الأمريكي عن الإسلام واستطاع أن يتقلد منصب في الحزب الديمقراطي الذي يترشح عنه 'جو بايدن' الآن أمام مرشحه الجمهوري دونالد ترامب، كما أنه كان أحد مساعدي حملة باراك أوباما وشهد على العديد من القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي السابق، وكان لنا معه لقاء من داخل مدينة نيويورك الذي مازال يعيش بها.
عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي مهدي العفيفي يروى ماشاهده في أحداث 11 سبتمبر لـ"أهل مصر":
قال مهدي العفيفي: جئت إلى أمريكا في منتصف الثمانينات وكان العمل السياسي مغرياً بالنسبة لي فبدأت في الاندماج به بالتوازي مع العمل الاجتماعي وخاصة بشأن حوار الأديان والحضارات، مضيفاً أنه من بيت سياسي في الأصل فوالده كان عضو مجلس شعب في مصر وقد ترترع في الإسكندرية على الخطب الرنانة وحب البلاد، لذا عندما قرر الذهاب إلى أمريكا انضم إلى جمعيتين عربيتين حيث كان وقتها لا يوجد في أمريكا سوى جمعيات عربية، ومعظمهم كانوا لبنانيين وسوريين من المهاجرين القدامي جمعية اسمها الجامعة العربية لمكافحة التمييز ومركزها واشنطن والجمعية العربية الأمريكية، وشرفت بأني أعدت بنفسي فرع الجمعية في نيويورك مع نخبة من المصريين والعرب والذين أصبحوا الآن وأنا منهم من رجال الدولة في أمريكا وفي مناصب عليا سياسياً.
واستكمل حديثه قائلاً: 'في أوائل التسعينات انتقلت لولاية نيوجيرسي وهي مكان عبور النهر الذي يفصل بين مدينة نيويورك وواشنطن، حيث كت أقطن قبلها في نيويورك، ثم انتقلت لولايه نيوجيرسي'.
وتابع : 'يوم 11 سبتمبر 2001 كان يوم عادياً لنا جميعاً في أمريكا، حيث خرجت صباحاً من منزلي للذهاب إلى عملي الذي كان في مدينة 'كليفلاند' وكنت أستطيع من داخل مكتبي رؤية مدينة 'مانهتن' ومركز التجارة العالمي في نيويورك.
وأضاف قائلاً: 'في هذا اليوم كنت جالساً داخل مكتبي وجدت أحد زملائي يقول إن هناك طائرة ضربت برج التجارة العالمي في نيويورك، فاعتقدت أنا وزملائي أنها مجرد دعابة ليس أكثر، لكنا وجدنا أن هناك عطلا في بعض الاتصالات وشئيا غريبا يحدث، فهرولنا إلى صالات الاجتماعات التي كانت تطل على مدينة نيويورك وجدنا برجاً قد انهار تماماً و الآخر يشتعل فتسمرت في مكاني، لم أصدق عيني كيف حدث ذلك ولماذا؟
وفي أثناء كل هذا الصمت والصخب معاً في آن واحد، تذكرت أولادي، كان يجب أن أقلهم من المدرسة بعد ما حدث، وحاولت النزول والتحرك بسيارتي كانت جميع الطرق العامة المؤدية إلى نيويورك مغلقة، حينها فتحت خريطة ورقية فوقتها لم يكن هناك 'جي بي إس' لسلوك طرق غير العمومية ثم وصلت إلى مدرسة أبنتي وحضانة ابني وأخذتهم، ثم عدت إلى المنزل'.
واستطرد: 'جلست مع زوجتي وقلت لها أمامنا خياران الآن، إما أن نغير حياتنا ونغير مفهوم الناس دي عن العرب والمسلمين لأن ما يحدث سيكون شديداً علينا بعد هذا الفعل الإرهابي أو نعود لبلدنا، لكننا اتخذنا قراراً بأن نكمل، وقمنا بعمل مجموعة سفراء الأمل لزيارة الكنيسة أو المعبد لنغير مفهوم الإسلام لدى هؤلاء ونعرفهم ماهو الإسلام الحقيقي الوسطي'.
وفي إحدى المرات في اليوم التالي من تفجيرات مركز التجارة العالمي، كنت قد ذهبت لأوصل ابنتي إلى المدرسة فوجدت في الجراج سيارة غريبة وكان بها اثنان من الأمريكان جالسين وكان شكلهما مريبا، فحاولت التحدث معهما لأنني شعرت بالخوف على ابنتي لكنهما رفضا التحدث معي فذهبت إلى ناظر المدرسة وأخذته هو وبعض المدرسين للتحدث معهما أو محاولة إبعادهما عن جراج المدرسة، ولكنهما رفضا، وكدت أقتل في هذا اليوم فهاتفنا الشرطة التي جاءت خلال 4 دقائق، وكنا قد أغلقنا الجراج عليهما لكي نمنعهما، وعندما وصلت الشرطة علمنا أنهما كانا من المخابرات وكانا موجودين في الجراج وقالا لنا إنهما متواجدين خوفا علينا.
وتابع: يوم 11 سبتمبر لن أنساه طوال حياتي فالكثير من أصدقائي الذين كانوا يعملون في نيويورك توفوا في الحادث وتأثرت كثيراً لأسرهم الذين انهاروا، ابن عمتي كان مفقودا لمدة يومين حتى وجدناه تحت أحد الأنقاض، والآن عدت إلى نيويورك.
واضاف أنه كان في حملة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي حاول الخروج من العراق، وكان خطأ فادحاً دخولها من البداية وإسقاط صدام حسين بذريعة الأسلحة النووية لكسب النفط، وعقب أحداث 11 سبتمبر اتخذت إدارة بوش قرارات خاطئة كثيرة بذريعة محاربة الإرهاب.