مؤشرات عدة تؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تسير في طريق النهاية، وأنها تعاني الآن ما يمكن أن نطلق عليه "الموت إكلينيكيًا"، خاصة وأن مراقبون تحدثوا عن صدور تعليمات من قيادات التنظيم الدولي للإخوان إلى عناصر الجماعة الهاربين في تركيا بسرعة البحث عن دولة آمنة تأويهم وتجمع شتاتهم الذي بدأ عقب ثورة المصريين ضد حكمهم في 30 يونيو عام 2013.
أولى هذه المؤشرات التي تؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تسير في طريق النهاية، وأهمها إعلان إبراهيم منير، المرشد العام الجديد للجماعة، والبالغ من العمر 84 عامًا، نقل مقر مكتب الإرشاد من مصر إلى العاصمة البريطانية لندن، في خطوة هي الأولى من نوعها عقب 92 عامًا كانت مصر خلالها هي المركز الرئيس لإدارة التنظيم الدولي للإخوان، وكان خلالها مرشد مصر الأكثر تأثيرًا من الناحية الأدبية، على كل المكاتب الإدارية للجماعة في دول العالم.
جماعة الإخوان الإرهابية
لندن.. مقر مرشد الإخوان الجديد
جاء إعلان نقل مقر مكتب الإرشاد من مصر إلى لندن، عقب أيام من إعلان المتحدث باسم جماعة الإخوان في مصر، طلعت فهمي، في 14 سبتمبر الجاري، تولي إبراهيم منير، الذي كان يشغل منصب نائب المرشد العام، قيادة الجماعة واعتباره المسئول الأول لها في الداخل والخارج، وذلك بعد نجاح الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام.
إبراهيم منير - المرشد العام الجديد للجماعة
يقول طارق أبو السعد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر": إن انتقال قيادة الإخوان إلى لندن - مقر إقامة إبراهيم منير - بشكل واضح وصريح هي ضرورة فرضتها مجريات الأحداث الأخيرة، موضحًا أن "منير" أصبح الآن يشغل منصب مسئول الإخوان، و"مسئول" هي المقابل الموضوعي لأمير الجماعة؛ فالإخوان تطلق لقب مسئول على أعلى قيادة إخوانية لأي عمل، مثل مسئول الأسرة، ومسئول الشعبة، ومسئول المنطقة أو الحي، ومسئول المكتب، ومسئول المهنيين.. الخ، فكون الجماعة تطلق على إبراهيم منير مسئول الإخوان فهو اعتراف منهم بأنه أعلى قيادة الآن، وبما أنه يقيم في لندن فانتقال القيادة إلى مقر إقامته هو ما فرضته الأحداث وليس العكس.واعتبر الإعلامي نشأت الديهي، خلال برنامج "بالورقة والقلم"، الذي يُعرض على شاشة "ten"، نقل جماعة الإخوان الإرهابية مقر مكتب الإرشاد من مصر إلى لندن بمثابة "انتهاء التنظيم"، واصفًا هذه الخطوة بأنها تشبه "إزالة ورم سرطاني من الجسد المصري"، وأن نقل مكتب المرشد من مصر يُعَدُّ ضربة في مقتل ونهاية للتنظيم.
تركيا تتخلى عن الإخوان
تزامن نقل مكتب الإرشاد من مصر إلى العاصمة البريطانية لندن، مع الأنباء التي تناقلتها تقارير دولية حول إبداء المخابرات التركية موافقتها على تسليم عناصر الإخوان المطلوبين لدى القاهرة، وهو المؤشر الثاني الذي يؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تسير في طريق النهاية.
أحمد الخطيب - الباحث في الحركات الإسلامية
وأوضح أحمد الخطيب، الباحث في الحركات الإسلامية، أن تركيا هي من سعت للاتصال بمصر طوال الشهرين الماضيين، مؤكدًا أن أنقرة تقدمت بثلاث طلبات سرية إلى القائم بأعمال السفارة المصرية في بلادها طلبت في إحداها ضرورة زيارة وزير الخارجية مولود أوغلو، إلي القاهرة غير أن القائم بالأعمال لاذ بالصمت وآثر عدم الرد.
وأشار الخطيب، إلى أن وزير خارجية تركيا، مولود أوغلو، تواصل سرًا مع مسئولين مصريين وطلب مجددًا زيارة القاهرة بصحبة مسئولين أمنيين، وقال: 'تركيا تتفهم مطالب أجهزة الأمن المصرية بتسليم المطلوبين'، واقترح تسليمهم عن طريق دولة عربية ثالثة عبر خطة استخباراتية لحفظ ماء وجه السياسة التركية فتحفظت القاهرة ورفضت طلب الزيارة، إضافة إلى أن نائب رئيس جهاز المخابرات التركي قدم خطة بعملية تسليم الإخوان الموجودين لدي تركيا وصنف قوائم المطلوبين أمنيًا إلى ثلاث أنواع اقترح تسليمهم على أوقات متفاوتة.
وأكد الباحث في الحركات الإسلامية، أن إبداء تركيا موافقتها على تسليم عناصر الإخوان المطلوبين لدى القاهرة مبادرة أحادية الجانب، موضحًا أن مصر لم تطلب تسليم الإخوان الهاربين لدي تركيا، ولم تسجل أي مطالب من أنقرة في أي اتصال لأن موافقة مصر على التواصل وقعت تحت الإلحاح والتحايل، وجهاز الاستخبارات التركي هو من عرض تسليم المطلوبين من باب المغازلة وفك طلاسم التجاهل الذي تفرضه مصر لبدء حوار حول الحدود البحرية التركية المصرية.
مجموعة من الإخوان الهاربين في تركيا
قطر تتخلى عن الإخوان
لم تكن تركيا وحدها هي التي تخلت عن الإخوان، وأبدت استعدادها تسليم عناصر الجماعة الهاربين على أراضيها إلى مصر؛ فقد سارت قطر على خطى أنقرة وبدأت خطوات جادة في البحث عن وساطة تمكنها من فتح قنوات اتصال مع مصر مقابل تسليم الإخوان الهاربين على أراضيها للقاهرة، وذلك تحسبًا لتحسن العلاقات المصرية التركية، وهذا هو المؤشر الثاني الذي يؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تسير في طريق النهاية.
يقول أحمد الخطيب: إن قطر عبرت بشدة عن مخاوفها من سعي تركيا التصالح مع مصر، وتلقت رسائل من قيادات وإعلامي الإخوان الموجودين في أنقرة عبروا فيها عن رعبهم من تسليم تركيا لهم وشحنهم إلى مصر، وتحدث المسئولين القطريين صراحة مع المسئولين الأتراك حول حقيقة السعي التركي تجاه مصر.
يوسف القرضاوي - مفتي الإرهاب
وأكد الخطيب، أن قطر طلبت الأسبوع الماضي وساطة إحدى الدول العربية لفتح قنوات اتصال مع مصر تحسبًا لتحسن العلاقات المصرية التركية، غير أن القاهرة رفضت وذكرت للوسيط العربي أن مصر تنسق مع دول المقاطعة في هذا الملف ولا تقوم بعمل منفرد بعيدًا عن الأشقاء في الخليج العربي.
من جانبه اعتبر طارق أبو السعد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن الحديث حول مخاطر تهدد عناصر جماعة الإخوان الهاربين في تركيا وقطر أمر غير صحيح؛ قائلًا: 'لا أرى أن ثمة تهديد على الإخوان المتواجدين في تركيا وقطر؛ فمن السهل جدًا أن يطلب المسئولين الأتراك والقطريين من قيادات الإخوان الخروج إلى دولة آمنة'.
طارق أبو السعد - الباحث في شئون الحركات الإسلامية
وأضاف أبو السعد: يجب أن نضع في الاعتبار أن قطر وتركيا تراجعا استثماراتهما في الإسلام السياسي، ولكنهما لن تسلما قيادات الإخوان الشهيرة والكبرى، وإن كان من السهل تسليم القيادات الصغيرة وغير المشهورة، لكن هذا في كل الأحوال لن يكون خطرًا يهدد الإخوان المتواجدين في أنقرة والدوحة، لأنه يستلزم تغيير موقف تعامل الدولتين مع الإخوان بنسبة 180 درجة وبالتالي مطاردة قيادات الجماعة ومعاونيهم وهو ما يصعب تصديقه في تركيا وقطر.
الإخوان.. والبحث عن مأوى آمن
مؤشرات تغير الموقف التركي - القطري الداعم للإخوان، جعل عناصر الجماعة يبدأون رحلة البحث عن دولة أخرى تكون ملاذًا آمنًا لهم في حال حدوث تفاهمات فعلية بين أنقرة والدوحة من جانب وبين القاهرة من جانب ثانٍ، يتم على إثرها تسليم الهاربين إلى الأجهزة الأمنية بمصر.
وفي هذا الصدد أكد مراقبون، أن قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، أصدرت تعليماتها لعناصر الجماعة الهاربين في تركيا بضرورة البحث عن مأوى آخر بعيدًا عن أنقرة، وذلك عقب إلقاء القبض على القائم بأعمال المرشد، محمود عزت.
وحول رحلة البحث عن دولة آمنة يتخفى على أراضيها عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، أشار طارق أبو السعد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إلى أن الدول التي يمكن أن يهرب إليها الإخوان ستكون ماليزيا، أو دول القارة الأفريقية وفي مقدمتها الصومال.