آلام من داخل "دار المسنين".. قصة سيدة طردها أشقاؤها في الشارع بملابس بالية من أجل الميراث (صور)

محررة أهل مصر مع إحدى السيدات داخل دار المسنين في قنا
محررة أهل مصر مع إحدى السيدات داخل دار المسنين في قنا

'ماتت قلوبهم' كلمات بسيطة لوصف أناس لا يعرفون الرحمة ولا يؤمنون بصلة الرحم، الطمع في المال أعمى أبصارهم حتى تجردت منهم كافة معاني الإنسانية، ألقوا شقيقتهم في الشارع بملابس بالية، تجلس أمام مسجد ناصر بمدينة قنا، تزاحم الكلاب والقطط على الخبز الملقى في صناديق القمامة، وتنام على الأرض حالها حال المتسولين.

منذ 5 سنوات تدخل فريق الإنقاذ التابع لتضامن قنا وأنقذ السيدة ونقلها إلى دار المسنين، خاصة وأنها لا تمتلك من يدافع عنها أو يواجه عقوق أقاربها، لكن أسرتها لم تكتفِ بما فعلوه بها، بل أرادوا التخلص منها نهائيًا، بوضعها في مستشفى الأمراض النفسية للحصول على شهادة بأنها مريضة عقليًا، فقط للاستيلاء على منزلها المكون من طابقين، إرثها الوحيد من والدتها، ولكن مسئول دار المسنين رفض خروجها واعترض، مؤكدًا أنها لا تحتاج إلى مستشفى الأمراض العقلية، ما تسبب في تركه عمله لمدة عام كامل .

دا المسنين في قنا دا المسنين في قنا

من داخل دار المسنين في قنا، التقت 'أهل مصر'، بالسيدة 'ه.م'، 62 عامًا، منفصلة، ليس لديها أبناء، ابنة قرية دندرة، ليس لنرى عجوز تنتظر المساعدة من أحد لخدمتها، ولكن لنرى وجه بشوش وابتسامة مشرقة، وبداخلها خيبة أمل وحسرة تظهرها نظراتها ونبرة صوتها، لا تظهر عليها أي علامات إعياء، وكأنها في مقتبل العمر، حكم عليها الزمن بالحياة محرومة من رائحة والديها بمنزلها الوحيد الذي تملكه، حُرمت من العزوة والأهل والأسرة، لتعيش بين 4 جدران لا ترى منهم سوى المواساة ممن حولها داخل دار خُصص للعجزة.

'دا بيتي ودول أسرتي' هكذا وصفت السيدة، العاملين والمسنين المقيمين معها داخل الدار، حيث أشادت بحسن التعامل معها وتوفير كافة متطلباتها، لا ينقصها شئ ولا تريد الابتعاد عن ذلك المكان الذي وجدت فيه قسط من الراحة والطمأنينة والحنية والحب والاحتواء، عكس ما حدث معها من قبل عائلتها وأشقائها الذين استغلوا ضعفها وقلة حيلتها وعدم وجود أبناء معها، وطردها من منزلها طمعًا فيه، لتحملها قدميها عشرات الكيلو مترات وصولًا إلى مسجد داخل مدينة قنا، لتتخذه مكان آمن لها، ظلت تعاني أيام حتى تدخل فريق التضامن الإجتماعي لإنقاذها من التشرد في الشوارع من أجل الحصول على طعام عند شعورها بالجوع.

محررة أهل مصر مع السيدة محررة 'أهل مصر' مع السيدة بدار مسنين قنا

وأضافت وهي تتحدث بلباقة ووعي متذكرة كافة شئ مر عليها خلال سنوات عمرها، أنها تقيم في دار المُسنين منذ 5 أعوام، كونت بداخله أشقاء جدد وأبناء ووجدت احتواء الأسرة الذي انحرمت منه بعد وفاة والديها، لا يزورها أحد من أسرتها وعند اتصال مسئولي الدار بهم رفضوا تسلمها، كما أنها هي من رفضت العيش مع هؤلاء الذئاب البشرية، انقطعت عن العالم الخارجي نهائيًا تركت لهم كل شئ كان السبب في تضحيتهم بها من أجله، ولكن نبرات صوتها مؤلمة عما صار لها قبل اكتمالها عام الـ60.

من جانبه أشار محمد إسماعيل، مدير دار المسنين في قنا، إلى أنه يتعامل مع السيدة 'ه' كأنها أمه، وليست بمريضة عقليًا كما زعمت عائلتها، حيث بعد دخولها دار المسنين أرادوا إلقائها بمستشفى الأمراض العقلية، وذلك من أجل الحصول على شهادة تثبت مرضها للاستيلاء على إرثها، ولكنها رفض وبشدة إخراجها من الدار وكان اعتراضه سبب في مغادرة عمله عام كامل ثم عاد مرة أخرى ليجدها بصحة أفضل.

وأوضح أنها من السيدات المهتمين بذاتهم وبنظافتهم الشخصية والابتسامة لا تفارقها، مشيرًا إلى أن الدولة عوضتها عما حُرمت منه.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً