لا تزال أزمة انتشار حشائش ورد النيل ببني سويف مستمرة، حيث تعد ضمن الإشكاليات المتواجدة التي تتسبب في إهدار المياه داخل الدولة، لما يسببه 'ورد النيل' من فقدان لمياه الرى بشكل كامل بالترع والمصارف المائية، وهو ما جعل الأهالي يُطلقون عليه لقب 'حرامى المياه' بالمحافظة.
في هذا التحقيق، ترصد 'أهل مصر' أزمة انتشار حشائش ورد النيل بمحافظة بني سويف وآثاره السلبية، ففي البداية يقول محمد فاروق المعرف، أحد الأهالى بمركز ومدينة الواسطى شمال بني سويف، إن ورد النيل هو بالفعل 'حرامى المياه' بالمحافظة بشكل حقيقي، وموجود بكثافة أمام الشيخ زارع بقرية زاوية المصلوب، مما ينتج عنه مزيدًا من امتصاص المياه وهذا يسبب نقص فى مياه النيل مما يؤثر على مياه الشرب وأيضًا يقتل الأسماك لأنه يمنع وصول الأكسجين إليها.
إهدار المياه داخل الترع والمصارف المائية بحشائش ورد النيل
ويُوضّح فاروق أن ورد النيل من النباتات التى تستهلك كميات كبيرة من المياه ويكثر هذا النوع من النبات بالقرب من المصارف والأماكن 'القذرة' على حد وصفه، بجانب وجوده فى نهر النيل، مشيرًا إلى أنه يتسبب في فقدان كمية كبيرة من مياه المناطق النامي فيها بالتبخر بسبب زيادة وكبر المساحة السطحية لأوراقه، وأنه يسبب خفض نسبة الأكسجين الذائب فى المياه باستخدامه له ما يهدد الأحياء المائية من أسماك وغيرها مسببًا ما يُعرف بالموت البيولوجى للمسطحات المائية.
ويُضيف أن هناك دراسة مائية تؤكد أن خطورة نبات ورد النيل يتسبب فى فقدان 3 مليار متر مكعب من مياه النيل عن طريق التبخر، لافتًا إلى أن المشكلة الكبرى تكمن فى أن النبات الواحد من ورد النيل ينتج فى الشهر ما يقارب 48 ألف نبات، ما يشبه مرض السرطان الذى يؤدي إلى تبخير كميات هائلة من المياه، وهو ما يكفي لاستصلاح وزراعة 100 فدان.
حشائش ورد النيل
ويؤكد أن الدراسة المائية تشير إلى أن ورد النيل يمتلك قدرة عالية على التكاثر حيث يعطى النبات الواحد حوالى 4 مليون نبات خلال 7 أشهر تغطى مساحة سطحية تقدر بـ 14928 متر مربع، مؤكدًا أن المكافحة للنبات تكون من خلال العديد من الوسائل وبطرق متعددة ويمكن أن نقول هى طرق متكاملة وتبدأ بالطرق الميكانيكية التى تستخدم فيها الكراكات والحفارات الهيدروليكية المزودة بمقصات لإزالته من المجارى المائية وتليها الطرق الكيمائية باستخدام المبيدات وهذه غير مرغوبة إذ تؤثر هذه المبيدات على كل الأحياء المائية وتقتلها فضلًا عن تلويث المجاري المائية ووصول الملوثات إلى الإنسان والحيوان وعواقب هذا غاية فى الخطورة على صحتهما وربما حياتهما.
ويُشير إلى أن النوع الأخير من المكافحة هو المكافحة الحيوية باستخدام كائنات حية مثل أسماك المبروك الصينى وأدى استخدامه إلى كفاءة محدودة واستخدام أنواع أخرى كبعض أنواع الحشرات المعروفة بسوسة ورد النيل مثل حشرتى نيوكتينا ايكورنى وونيوكتينا بروكي، وهاتين الحشرتين وحيدة العائل لا تتغذى ولا تضع بيضًا إلا فى نباتات ورد النيل حيث أدى استخدامهما إلى نتائج طيبة.
حشائش ورد النيل
فيما يؤكد المهندس محمد عبد الله، بمركز البحوث الزراعية بسدس بمركز ومدينة ببا جنوب بنى سويف، أن ورد النيل هو النبات الأكثر والأسرع انتشارًا فى نهر النيل والمجاري المائية، مشيرًا إلى أن عدم القضاء عليه سيؤدى إلى ضياع آلاف اللترات، لافتًا إلى أنه انتشر فى مصر كالنار فى الهشيم، مستنكرًا عدم القضاء على النبات الذى ينتشر بصورة كبيرة فى العديد من المناطق المائية المختلفة.
ويُشير إلى أن نبات ورد النيل من النباتات التى يوجد لها آثار نافعة وأخرى ضارة، وخاصة أن النبات يستهلك بالفعل الكثير من المياه ولكنه فى ذات الوقت لديه العديد من الفوائد والآثار النافعة مثل أنه يعمل على تنقية مياه نهر النيل من الملوثات حيث يمتص النبات الفلزات الثقيلة مثل الزنك والمنجنيز وغيرها من المعادن التى تنتج عن إلقاء الصرف الصناعى والزراعى وغيرها من الملوثات داخل نهر النيل والتى تلقيها المصانع المختلفة كمصانع السكر والأسمدة وهى العناصر الثقيلة التى تعمل على تدمير أجهزة الجسم مثل الكلى والكبد.
ويُضيف أنه يمكن الاستفادة من النبات من خلال إيجاد استراتيجية للعمل على وضعه بنسب معينة فى أماكن متفرقة معروفة بكثرة التلوث بها وهو الأمر الذى سيُعد إيجابيًا بشرط عدم تحول النبات لوسيلة تحد وتعوق لحركة الصيد.
في ذات السياق، قال الدكتور محمود سليمان، أستاذ بقسم البيئة والزراعة الحيوية بكلية الزراعة بجامعة بني سويف، إن ورد النيل هو أحد الحشائش المائية سريع النمو والانتشار بالمجاري المائية من قنوات وترع ومصارف، يؤدى إلى إعاقة الملاحة وسد الترع وتعطيل الرى وزيادة الأمراض مثل 'البلهارسيا' من خلال تجمع القواقع والمحار حوله.
من ناحيته أكد سعد الدالى، نقيب الفلاحين ببني سويف، أن 'ورد النيل يتسبب في نزيف للماء ويجعلنا نفقد كميات كبيرة منها فى ظل تقاعس المسؤولين بالمحافظة عن إيجاد حل لمنع انتشاره أو رفعه من الترع، كما أنه أدى إلى عدم وصول المياه لنهايات الترع، ما يؤدى إلى بوار الأراضي الزراعية وقيام المزارعين باللجوء إلى المياه الجوفية المالحة والتى أصابت الأراضي بالهزال وقلة الإنتاجية، ولابد من سرعة تحرك المسؤولين'.