رغمًا عنها فُرِضَت عليها مسئولية تَستعصى على سيدات بالغات، طفلة في العاشرة من عمرها، أُلقيت عليها مهام ومسئوليات، لمساعدة والديها ورغبة في تحمل المسئولية وكذلك جني قليلًا من الجنيهات تسد احتياجاتها القنوعة وترضي رغباتها البسيطة، شقت طريقا صعبًا منذ نعومة أناملها، رغبة في حياةٍ كريمة وأملًا في مستقبلً أفضل.
الطفلة 'رنا رضا علاء'، من إحدى قرى محافظة الشرقية، تخطت الـ 10 سنوات بشهور، تدرس في أخر الصفوف الابتدائية، وهي شقيقة لـ 3 أطفال من البنات، وطفلة لأب شاب يعمل في أحد مصانع مدينة العاشر من رمضان، وطفلة لأم شابة ربة منزل، اضطرتها ظروف المعيشة الصعبة لمساعدة زوجها والأخذ بيده، فصنعت مشروعا خاصا لدعم أسرتها وتوفير احتياجاتها، وهو تأجير محل لبيع وتنظيف الدجاج والطيور خلاله، علها توفر حياة كريمة لأسرتها.
الطفلة رنا
تقول الطفلة 'رنا'، إنها تساعد والدتها في محل الفراخ صباحًا، وفي منتصف النهار تعطي دروسًا للأطفال الصغار من جيرانها مقابل أجر زهيد، مؤكدة أن 'تنظيم الوقت هو الذي يمكّنها من ممارسة أنشطة كثيرة خلال اليوم، هذا بالإضافة لأنها لم تُحرَم من اللعب كباقي رفاقها من الصغار، وتشجّعها والدتها بمعاملة حسنة فضلا عن إعطائها 30 جنيهًا في اليوم الذي تعمل فيه في المحل من تجهيز الفراخ للزبائن'.
وتُضيف رنا: 'كبرت لقيت ماما بتساعد بابا في كل حاجة على قد ما تقدر، بإنها تشتغل أو تعمل مشروع زي محل الفراخ، مش عايزة تخلينا محتاجين حاجة وما نبصش لحد'، متابعة: 'دايما تعودنا إننا نتحمل المسؤولية، وما نستعْيِبش الشغل طول ما هو حلال وتقول لنا أنا وأخواتي، دي حاجة تشرفكم إنكم تكافحوا، ولما تكبروا ها تعرفوا إني خدمتكم، لإن الحياة عايزة القوي اللي يعافر، علشان يحقق حلمه'.
وحول كيفية قضاء يومها، تقول: 'بصحى الساعة 6 صباحا مع أسرتي، نفطر كلنا مع بعض، وكل واحد فينا عارف هو رايح على فين، بابا بيروح شغله في العاشر من رمضان، وماما بتنزل تروح المحل وأنا وأخواتي نروح دروسنا، متابعة: بعد دروسي برجع البيت لو في حاجة ماما ما قدرتش تنجزها في شغل البيت بعملها أنا وأخواتي، وأروح لها المحل قبل الظهر أستلم منها الشغل، وهي ترجع البيت تعمل الغداء، وأكمل مكانها، وهي علمتني أعتمد على نفسي، لافتةً إلى أنها تستطيع ذبح الدجاج وتنظيفه، فضلا عن مهارتها في العمليات الحسابية، ثم تنهي عملها في الثالثة عصرًا'.
الطفلة رنا
تنهي الطفلة عملها بالمحل، ثم تتوجه لمنزلها وتتناول الغداء بصحبة أسرتها، وفي الخامسة مساءً تبدأ حلقة الدرس مع الأطفال من جيرانها، فعلى الرغم من سنها الصغير إلا أنها بدأت منذ ما يقارب عام من الزمن، إعطاء دروسا للأطفال كما وتحفظهم القرآن الذي حفظت بعض أجزائه، وتقول: 'كان عندي هواية أعلم الولاد الصغيرين وأحس إني مُدرّسة، وعدد الأطفال زاد مع الوقت، فطلبت منهم فلوس، وباخد على كل طفل 10 جنيهات'، وتصف فرحتها بقولها: ' ماما بتديني 30 جنيه في اليوم، وباخد مرتب صحيح مش كبير من الدروس، لكن بحس إني بعمل حاجة مفيدة ولي دخل من تعبي وشقايا'.
تشعر 'رنا' بالمشقة جراء وقفتها بالمحل لساعات طويلة، لكنها تتغلب على شقائها بإراحة جسدها القليل أعلى كرسي بالمحل خصص لاستراحة الزبائن، وتقول عن مشقتها: 'مش بيتعبني تعب جسمي من الوقفة والشغل، قد ما تعايرني طفلة من زمايلي، وتقولي يا بتاعة الفراخ، لكن مع الوقت ماما قدرت تخليني أتجاهل الكلام السئ وما أزعلش منه، وقالتلي إنتي بتكافحي وتساعدي أهلك ودي حياتتا، وليكي فلوس خاصة بيكي.. حسب قولها'.
الطفلة رنا
وتختتم 'رنا': 'نفسي لما أكبر أكون مُدرّسة وأعلم الأطفال والكبار، وأكون حاجة كبيرة في المجتمع وأساعد بابا وماما وأفرحهم لإنهم بيتعبوا قوي علشاني أنا وإخواتي'، ويكون لي مشروع خاص بي لما أكبر أفيد النا بيه وأفيد نفسي بيه، متابعة: 'مبسوطة إني اتعلمت أتحمل المسئولية واتعلمت النظام اللي بقدر أدير وقتي بيه واعمل حاجات كتير ودا بفضل ماما، وعلى الرغم من إن ماما بتقولي أنا بتعكبكم لكن هي دي حياتنا، وبقول لكل الأطفال ساعدوا أهاليكم واتعلموا المسئولية، وكل حلمي افرح أهلي'.
الطفلة رنا