سطرت سيدات بورسعيد أسماءهن فى التاريخ بحروف من نور عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إذ كان لأهالى بورسعيد دور كبير فى المقاومة الشعبية رجال ونساء وشيوخا وأطفالا، ولن ينسى التاريخ دور المرأة البورسعيدية التى وقفت بكل قوة وتصدت لعدوان غاشم وقاومت عدوان ثلاثة دول استعمارية 'إنجلترا وفرنسا وإسرائيل'، وشهدت بورسعيد بطولات نادرة قام بها فتيات لا تتعدى أعمارهن 16 عاما منهم زينب الكفراوى، علية الشطوى، عصمت خفاجى، وغيرهن كثيرات.
إحدى هؤلاء البطلات 'أم الفقير'، سيدة بورسعيدية لم يذكرها التاريخ ولم تسلط عليها الأضواء، وكانت سيدة عفيفة النفس عاشت فقيرة وماتت فقيرة، وتناستها الأيام، سميت بـ'أم الفقير' لأنها أطلقت على ابنها هذا الاسم حيث كانت كلما وضعت مولودا توفي، فسمته بـ'الفقير' حتى لا يحسد ويموت، وعاش الفقير.
'أهل مصر' التقت بالفدائى محمد مهران، الذى اقتلع الإنجليز عينيه وهو يقاوم من أجل مصر، ليروى البطل قصة 'أم الفقير'، ويقول: اشتهرت 'أم الفقير' بشخصيتها المؤثرة، وكانت امرأة قوية الشكيمة شديدة البأس تدافع من أجل جاراتها الضعيفات وترفع الضرر عن نساء الحي الفقيرات في الحي الذي تسكن فيه بطريقة قد تصل بها إلي حد أن تفدي بنفسها لدفع المظالم، وكانت فقيرة الحال تقطن بحى المناخ وهو من أحياء ابناء النضال ببورسعيد، من دافعوا عن المدينة وتصدوا للعدوان الثلاثى عليها عام 1956.
وتابع 'مهران': قصة بطولة 'أم الفقير' تتلخص في أنها قضت على جندي بريطاني هبط بمظلته أثناء العدوان على بورسعيد عام 1956 بطريق الخطأ أمام بيتها بشارعي الأمين وكسرى، فنظرت إليه من الشباك وغلى الدم في عروقها وبحثت عن أي شيء لقتل الجندي فلم تجد سوى 'حلة نحاس كبيرة وإيد هون نحاس' فأخذتهما وخرجت من منزلها بسرعة وانهالت بهما على رأس الجندي حتى فارق الحياة وبحث الإنجليز عن القاتل دون جدوى، كما أنها أصابت عددا من جنود الإنجليز بذات الطريقة.
وأضاف: 'أم الفقير' هي السيدة التي حار الأطباء الإنجليز في إصابات بعض جنودهم بسببها، وهذا موثق في أحاديث الصحفي محمد حسنين هيكل، وفي صحيفة الجارديان حيث كانت هذه الإصابات بفعل 'إيد الهون'.
الفدائي محمد مهران أثناء حديثه مع 'أهل مصر'
وتابع: كان لأم الفقير السبق في استخدام هذا السلاح الفتاك في المقاومة للعدوان، وهذه القصة يعرفها كل الغربيين، وبمجرد ذكر كونك 'بورسعيدي' سوف تسمع عن هذا السلاح الذي استخدمته أمهاتنا في مقاومة الاحتلال، ومن هنا كان لأم الفقير هذه المكانة عند الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبالطبع لدى كل البورسعيدية.
وتَذكّر 'مهران'، أنه فى يوم 23 ديسمبر عام 1961، وفي الاحتفال بذكرى عيد النصر، ظهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر راكبا سيارته المكشوفة، وأصرت أم الفقير على مصافحته، وبالفعل حياها عبد الناصر لأنه كان يعرف قصتها وكان يسأل عنها عند زيارته لبورسعيد.