لم ينتظر جو بايدن الرئيس الأمريكي الجديد بالبيت الأبيض أن تمر ساعات ليست بالقليلة حتي يمحو أو يعدل قرارات اتخذها سابقه دونالد ترامب.. ففي الساعات المبكرة من يومه الأول كانت قراراته التي وصفها البعض بـ'التصحيحية' محل اهتمام وكالات الأنباء عقب تأديته لليمين القانونية في حفل تنصيبه ليصبح الرئيس السادس والأربعين لأمريكا رسميا. وبما أن أبرز الكلمات التي افتتح بها بايدن حفل التنصيب أثناء خطابه جملة 'وانتصرت الديمقراطية' وهو الأمر الذي أرجعه محللون إلي إشارته بسيطرة الحزب الديمقراطي على الكونجرس بمجلسيه والبيت الأبيض. والسؤال التي تطرحه أهل مصر في التقرير التالي وتحاول الإجابة عليه هو ماذا ستكون العلاقة بين الحزب الديمقراطي المسيطر لأول مرة منذ 10 سنوات والشأن الإيراني؟ هل تختلف عما فعله ترامب والذي اتبه سياسة الأرض المحروقة مع طهران؟ أم ستعود للوراء وتكون مثل سياسة أوباما؟ أم ستحل محلها سياسة جديدة بنكهة تفرضها الظروف المحيطة في الوقت الحاضر والتي تختلف عن سابقتها؟.
سياسة ترامب
أشارت بعض نراكز الدراسات أن فترة ترامب وعلاقتها بإيران كانت من أكثر العلاقات تشددًا فقد مهد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016 لتغييرٍ في السياسة الأمريكية تجاه إيران، وذلك بالاعتماد أكثر على الضغط والعنف بدلًا من الدبلوماسية. وأوفى ترامب بوعده في حملته الانتخابية بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة ودعا إلى إجراء مفاوضات جديدة مع إيران تأخذ في الاعتبار سياسة طهران الخارجية في الشرق الأوسط.
ترامب وإيران
ومارست إدارته 'ضغوطًا قصوى' من خلال تطبيق المزيد من العقوبات على إيران، واغتالت قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني. وهناك تكهنات بأن كلًا من إسرائيل والولايات المتّحدة مسؤولتان عن الهجمات على موقع 'نطنز' النووي في عام 2020. وقد أدت سياسات إدارة ترامب إلى تفاقم حدّة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران من دون أن يطرأ أي تغيير ملموس على سلوك إيران.
الديمقراطيون وإيران
قبل الانتخابات الأمريكية صرح جو بايدن، المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي حينها أنه سيعود للالتزام بالاتفاق النووي في حال انتخابه رئيسًا، وسيحاول نزع فتيل التوتر مع إيران. ومع ذلك أفادت تحليلات على أن الاختلافات بين الولايات المتحدة وإيران لن تعود إلى الواجهة فحسب، بل إن التغيير في السياسة الأمريكية سيكون محدودًا. فعلى سبيل المثال، فإن المكاسب الاقتصادية لإيران، وهي إحدى ركائز الاتفاق النووي، كانت محدودة في العامين التاليين لتوقيع الاتفاق؛ ما أثار العديد من الشكاوى لدى المسؤولين الإيرانيين. إضافة إلى ذلك، تتعرض الولايات المتحدة لضغوط هائلة من حلفائها في المنطقة، ليس للحد من طموحات إيران النووية فحسب، وإنما أيضًا للحد من نفوذها الإقليمي، وهو اقتراح رفضت طهران التفاوض عليه. وهكذا، يبدو أن العلاقات الأمريكية - الإيرانية ستبقى متوترة.
أوباما وطهران
وكشفت مراكز بحثية عدة أنه على الرغم من النبرة التصالحية للحزب الديمقراطي، هناك العديد من التصريحات أطلقها مستشارو بايدن والمسؤولون الإيرانيون تعبر عن التشاؤم وتنم عن وجود خلافات محتملة، لا يمكن التوفيق بينها. يشير تقرير صدر عن الحزب الديمقراطي لعام 2020 إلى أن الاتفاق النووي مع ايران هو أفضل طريقة لإيقاف جهود إيران الساعية لإنتاج قنبلة نووية، وباتت العودة إلى هذا الاتفاق أمرًا ملحًا. علاوة على ذلك، يرى ذات التقرير للحزب الديمقراطي، أن الاتفاق النووي يمثل بداية الدبلوماسية مع إيران، لا نهايتها. لكن تصريحات مستشار بايدن للسياسة الخارجية تشير إلى نهج مختلف قليلًا، إذ أكد أنتوني بلينكن أن بايدن سيعود إلى الاتفاق النووي لعام 2015. ومع ذلك، شدد أيضًا على أن الولايات المتحدة ستتفاوض على صفقة أطول وأقوى، بالتنسيق مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. في حين صرح مستشارون آخرون أن إدارة بايدن، لن تنضم مرة أخرى إلى الاتفاق النووي دون إجراء تعديلات كبيرة عليه.
قرارات بايدن
في البدء قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، في أول تصيحاتها بعد تنصيب الرئيس الأمريكي، إن جو بايدن سيبحث الملف الإيراني وتقييد برنامج طهران النووي في محادثات مبكرة مع حلفاء أجانب، وأضافت خلال أول مؤتمر صحفي لها بصفتها السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض: 'لقد أوضح الرئيس أنه يعتقد أنه من خلال دبلوماسية المتابعة ، تسعى الولايات المتحدة إلى إطالة وتعزيز القيود النووية على إيران ومعالجة القضايا الأخرى ذات الأهمية'. وتابعت 'يتعين على إيران استئناف الامتثال للقيود النووية الكبيرة بموجب الاتفاق (النووي) من أجل أن يمضي ذلك قدما'. ورجحت ساكي أن تكون بعض 'محادثات بايدن السابقة' مع الشركاء والحلفاء جزءا من المناقشات.
جين ساكي
وقال بايدن إن طهران إذا استأنفت الامتثال الصارم لاتفاق 2015 فإن واشنطن ستفعل ذلك أيضا. وفي السياق، ذكرت صحيفة 'إندبندنت' البريطانية بنسختها الفارسية، مساء الأربعاء، أن روبرت مالي، سيكون المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران في إدارة الرئيس جو بايدن.ونقلت الصحيفة في تغريدة عبر حسابها الرسمي على 'تويتر'، عن مصدر وصفته بالخاص، قوله 'إنه سيتم تعيين روبرت مالي، مستشار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، مبعوثا خاصا للرئيس جو بايدن في الشؤون الإيرانية'.
وذهب محللون سياسيون أن مذهب 'الحزب الديمقراطي' لمواجهة إيران سيكون موضوعا علي الطاولة أمام بايدن فقد سارع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى 'فتح صفحة جديدة' مع الإيرانيين وأتباعهم في الشرق الأوسط، وعمل لوقت طويل على 'تطبيع العلاقات بين الشعبين' و'منع التصعيد' و'المحافظة على الاستقرار'.
الموقف الإيراني والحزب الديمقراطي
علي الناحية الأخري تتصاعد شعبية المعسكر المحافظ والذي يرى أن الاتفاق النووي خطأ فادحًا، وربما سيواصل الكونجرس الأمريكي بأغلبيته الديمقراطية الدفع من أجل ممارسة المزيد من الضغط على إيران. علي الرغم من تصريحات مسئوولين إيرانيين أن فوز الجزب الديمقراطي لا يحل الخلافات أو ما نصه بحسب 'موزاييك': 'نحتاج إلى التطبيق النزيه لما اتفق عليه مع الولايات المتحدة والآخرين، وإذا رأينا ذلك فأعتقد أن الولايات المتحدة قد تنضم مجددا إلى المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1'، وكل هذا ما أشار إليه مراقبون أنه سيسفر عن الأتي: استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران أثناء فترة رئاسة بايدن، وستكون إيران أكثر حزمًا خلال رئاسة بايدن. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب كانت تنفذ سياسات خارجية توصف بالمتهورة، فإنها كانت غير متوقعة مثل اغتيال قاسم سليماني.
إيران
فرأي البعض أنه سيكون هناك نبرة تصالحية من قبل معسكر بايدن، فسترسل إشارة إلى الحرس الثوري الإيراني لتعزيز نفوذه وشراسته خاصة في ظل وضع الحالة الاقتصادية الصعبة في إيران التي تمارس ضغوطًا هائلة على الحكومة مع زيادة التضخم والبطالة وتراجع قيمة العملة ومع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي الإيراني مما يجعلها تفرك وتتجه الأمور إلي الحل والتهدئة وإن كان زائفًا وتحت دعوي الاستقرار الذي سيسبق العاصفة خاصة وأن إيران ستشهد في 2021 الانتخابات الرئاسية.