هل كثرة تحورات الفيروس تؤدي إلى حتمية تغيير اللقاح؟.. خبراء يكشفون أسباب حدوث طفرات جديدة لكورونا (خاص)

فيروس كورونا
فيروس كورونا

في الوقت الذي تعمل فيه الشركات على قدم وساق لتوزيع لقاحات فيروس كورونا التي تم إجراؤها على الفيروس الأصلي الذي انتشر في موجته الأولى واجتاح العالم منذ يناير 2020، إلا أن السلالات الجديدة للفيروس، والتي بدأت تظهر في دول كثيرة أصبحت تجبر الشركات المصنعة للقاحات على تطوير معززات جديدة لمرض ثبت أنه يتغير باستمرار، ومن الممكن أن يظل نشطا لسنوات عديدة.

رئيس الفريق البحثي حول لقاح كورونا المصري: حتى الآن فيروس كورونا نوع واحد فقط ولكن سلالات مختلفة

قال الدكتور محمد أحمد علي، رئيس قسم التميز العلمي، ورئيس الفريق البحثي حول لقاح كورونا المصري، بالمركز القومي للبحوث، إن التحور يعني طفرات في الفيروس وهى تغير في تركيب الجينات أي المواد الوراثية واستبدالها، ومن ثم استبدال الأحماض الأمينية بأحماض أخرى، وهذا يحدث في كل الفيروسات نتيجة أن الفيروس يدخل عائلاً ويخرج منه وهكذا مع وجود أنزيم في الفيروس لم يجمع الأحماض الأمينية بطريقة صحيحة ولكنه كثيرا ما يخطئ مما يؤدي إلى وجود طفرات أو تغيرات تحدث في أي جزء من الفيروس وبناء عليه يتم تحديد هل تغير سلوك الفيروس أم لا، وهل اللقاح مناسب له أم لا؟.

وأضاف علي، في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر"، أنه لا يحدث للفيروس طفرات تؤثر بشكل واضح على سلوك الفيروس، ولكن هناك طفرات تحدث في أماكن كثيرة للفيروس ولم تؤثر على سلوكه، لافتا إلى أنهم كعلماء يهمهم أكثر الأماكن التي حدث عليها الطفرات لمعرفة انعكاسها على سلوك الفيروس، ويتم تسجيل الفيروس كسلالة ولكن لن تكون نوع جديد ولم تؤثر على اللقاح المتداول أو تحتاج تغييره، ولكن هناك على الجانب الأخر طفرات تؤثر على سلوك الفيروس وارتباطه بالأجسام المناعية نتيجة اللقاح وبالمتابعة يتم رصدها.

وأكد رئيس الفريق البحثي حول لقاح كورونا المصري، أنه حتى الآن فيروس كورونا هو نوع واحد فقط ولكن سلالات مختلفة، وهذا يعني أن لقاحات كورونا جميعها ستؤثر على الفيروس، موضحا أن التحورات والطفرات تحتاج إلى رصد باستمرار ومتابعة للتغير الجيني للفيروس، لافتا إلى أن التحورات دائما لا يمكن إدراك تأثيرها على شدة وضراوة الفيروس إنما يتم رصدها من سلوك الفيروس بعدها، أي السلالة المتحورة يتم متابعة مدى قدرتها على إحداث العدوى ومدى شراستها في انتقالها ويجب دراستها باستمرار ولا يمكن توقعها.

وأوضح أن لقاح شلل الأطفال مثلا في ظل أن العالم كله وضع خطة لإزالة الفيروس نفسه، فاللقاح المستخدم وفر حماية للفترة الحرجة من عمر الطفل إنما إذا انتشر الفيروس وحدث به تطورات كان يجب حينها عمل سلالات جديدة من اللقاح، وفي حالة الإنفلونزا مثلا على سبيل المثال أيضا تكون مختلفة ويتم تجميع السلالات ويمكن حدوث تغيير في اللقاح من موسم لأخر واختيار سلالات من نصف الكرة الشمالي وأخرى من الجنوبي وعمل لقاحات مناسبة لأن السلالات تتغير.

محمد أحمد علي: سيتم متابعة لقاح كورونا لسنوات.. والمهم عدم ظهور سلالات جديدة تجعلنا نغير اللقاح مرة أخرى

وأشار إلى أن فيروس كورونا "كوفيد 19"، كانت أولى المعلومات عنه في خلال الربع الأول من عام 2020، ولم يتم معرفة هل الأجسام المضادة التي ينتجها اللقاح ستستمر مدة طويلة أم لا ولكن من المتوقع أن تستمر لمدة عام كامل، ولا يمكن معرفة ذلك حتى الآن؛ لأنها تحدث بشكل تجريبي ويتم متابعة اللقاح لسنوات، وثانيا الأهم ألا تظهر سلالات تجعلنا نغير اللقاح مرة أخرى.

وعن إمكانية القضاء على فيروس كورونا من خلال كثرة تحورات الفيروس مما يتسبب في إضعافه، أوضح أن ذلك لم يتم إثباته حتى الآن؛ لأنه من الممكن أن يتحور الفيروس مرة ويضعف وعندما يتحور للمرة الأخرى يكون قوي وشرس، وذلك بسبب التحورات التي تحدث على الفيروس، ومن ثم تكون عشوائية ولا يمكن تحديدها أو توقعها ولكن يتم دراستها باستمرار.

أسامة عزمي: لقاح كورونا سيكون كتطعيم الإنفلونزا الموسمية يتغير كل عام

قال الدكتور أسامة عزمي، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث ورئيس شعبة البحوث الطبية سابقًا، والباحث الرئيسي للتجارب السريرية حول لقاح فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 المصري، إنه من الطبيعي أن كل الفيروسات لا تتحور، حيث أن هناك فيروسات يعتاد عليها الأطفال ولها تطعيمات حاليا كشلل الأطفال، فالتطعيم ضده يعطي مناعة طول العمر والفيروس لا يتحور.

وأضاف عزمي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن لقاح فيروس كورونا الذي يتم الحصول عليه حاليا وتطعيم الناس به، إذا حدث تحور جديد للفيروس يجب أن يتم تغييره والحصول على نوع أخر جديد يناسب التحور الذي حدث.

وتابع أنه كما يحدث تماما مع فيروس الإنفلونزا الموسمية، التي تتطلب لقاحًا ومصلاً مختلفًا كل عام وفقا للتحور الجديد الذي يحدث للفيروس، وبالتالي فإن التطعيم ضده يكون غير دائم ولكنه مؤقت يختلف كل عام، مشبهًا الأجسام المضادة والفيروس بالمفتاح والقفل، أن الفيروس "القفل" في حالة كان مختلفًا فإن الأجسام المضادة الموجودة لدى نتيجة التطعيم "المفتاح" لن تكون مناسبة للفيروس المتحور الجديد وبالتالي يجب تغيير المفتاح حتى يتم التعامل مع القفل، ففي حالة وجود أحد سنون القفل وهو حدوث تغير بسيط للفيروس فإنه لن تستطيع الأجسام المضادة فعل أي شيء.

لقاح التحور الجديد لفيروس كورونا يأخذ من 3- 4 أشهر

وأشار إلى أن الفيروس عبارة عن جزء من الحامض النووي، فالجسم عندما يدخل إليه هذا الجزء ينسخ نفسه، وعندما يغير الفيروس جزءًا بسيطًا منه فإن الأجسام المضادة الموجودة في الجسم نتيجة لقاح كورونا تكون مخصصة لشكل معين واحد فقط للفيروس مما يستوجب تغيير اللقاح، موضحا أننا لن نحتاج إلى سنوات طويلة لعمل مصل أو لقاح مناسب لكل تحور جديد يحدث للفيروس ولكن عدة أشهر قليلة من 3 – 4 أشهر فقط بعد أخذ الفيروس بتحوره الجديد للمعمل وعمل تغيير للقاح يتناسب مع التحور الجديد.

ولفت الباحث الرئيسي للتجارب السريرية حول لقاح فيروس كورونا المصري إلى أن التحور هو تغير جزء من التركيب الجيني للفيروس، موضحا أن الجسم يتكون من جينات عبارة عن أحماض أمينية بجوار بعضها البعض، فهناك 4 أحماض أمينية وهناك 4 أخرى مقابلين لهم مثل (أ أمانين، ج جامنين، وف فيامين، د) وهناك 4 أخرى مقابلين لهم ففي حالة تكوين مجموعة "أ.أ ت ت ج ج" وتكرارها 5 آلاف مرة مما يكون جين معين، أو "أ.أ ج ج د" وتكرارها 10 آلاف مرة يعني جين أخر ويتم قراءته في الجسم بطريقة مختلفة ورغم كونهم 4 أحماض أمينية إلا أن اختلافهم يكون أحد الجينات الجديدة المختلفة، والجسم إذا فقد أو أضاف بعض الأحماض الأمينية يكون فيروس جديد وبالتالي يتم العمل على مصل جديد يمكنه قراءة الفيروس الجديد بالتركيب الجيني الجديد له.

تحور أي فيروس قد يؤدي لقوته وشراسته أو ضعفه وسهولة التخلص منه

وأكد الدكتور أسامة عزمي، أن التحور الذي يحدث على الفيروس يمكن أن يؤدي إلى شدته أو جعله ضعيفا، فمثلا الفيروس المتحور حاليا في الموجة الثانية لكورونا هو أكثر انتشارًا وأسرع انتقالا وأقل حدة ولن يصيب الجهاز التنفسي كما كان يصيبه بشدة في الموجة الأولى، ولكنه أصبح يركز أكثر على الجهاز الهضمي في الجسم، مما أكسبه صفات مختلفة بعض الشيء عن الفيروس الأول ولكنه ليس أشد فتكا أو شراسة، وهذا لا يمنع أن يكون أشد فتكا وأشرس في الموجة الثالثة أو يكون ضعيف وسهل السيطرة عليه فهذا يرجع لتحورات الفيروس.

عز العرب: تعديل لقاحات كورونا يجب أن يناسب السلالة الجديدة

وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد، ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، وسكرتير الجمعية المصرية للكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، إنه كلما يحدث تحور للفيروس يكون هناك تعديل للقاحات الموجودة للفيروس الأصلي، وذلك وفقا للسلالة الجديدة كما حدث في جنوب إفريقيا وبريطانيا من خلال معرفة شكل الفيروس ومن ثم يتم تعديل اللقاح الموجود بما يناسب السلالات الجديدة.

وأضاف عز العرب، في حديثه لـ "أهل مصر"، أن الإنفلونزا الموسمية يصاب بها الكثيرون، وفي كل عام يكون هناك أنواع جديدة من اللقاحات ففي العام الماضي والذي يسبقه كان يتم استخدام اللقاح الثلاثي وفي العام الجاري تم استخدام اللقاح الرباعي ويتم تعديل اللقاحات حتى تتناسب مع التحورات في الفيروس، لذا ينطبق ذلك أيضا على فيروس كورونا واللقاحات الخاصة به وهو ما جعل شركة فايزر ومودرنا تعلن أن اللقاحات التي قامت بها تتناسب حتى مع السلالات الجديدة التي ظهرت ويكون ذلك بناء على دراسات فعلية على التركيب الجيني للسلالات الجديدة.

وتابع خلال حديثه بأن هناك فارقًا كبيرًا بين السلالة الجديدة وبين تحور الفيروس، حيث أن السلالة بها عدة تحورات كثيرة ويكون التركيب الجيني بها واضح، والتحور يعني نقل حمض نووي من مكانه لمكان أخر، فالسلالات الجديدة في جنوب إفريقيا وجدوا عدة تحورات قد بدأت تظهر بها وكذلك ببريطانيا.

كثرة تحورات الفيروس وزيادة انتشاره قد تؤدي إلى إضعافه

وأوضح المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، أنه عندما نقوم بعمل تقييم مستقبلي أو خبرة سابقة لأمراض مختلفة، فإذا طبقنا ما حدث لفيروس "سارس" الذي ظهر في 2002 من وجود تحورات أدت إلى إضعاف الفيروس واختفائه تقريبا وما حدث في مارس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "الميرس كورونا"، وهى نوع من فيروس كورونا الذي حدث في شبه الجزيرة العربية في 2012 أدى أيضا لإضعاف الفيروس، مما يعني أن كثرة تحورات الفيروس مع زيادة الانتشار قد تؤدي إلى إضعاف الفيروس والقضاء عليه وهو ما نأمل الوصول إليه في فيروس كورونا "كوفيد 19" في فقدان شدته وشراسته كما حدث في سلالات أخرى من الفيروس.

ولفت إلى أنه من الملاحظ أن السلالات الجديدة التي تطورت من فيروس كورونا خلال الموجة الثانية من الوباء أنها أكثر انتشارًا ولا يمكن أن نقول أنها أكثر شراسة ولكنها أقل حتى إذا كانت نسبة الإصابة المتوسطة والشديدة إذا كانت أقل من 20% فمع كثرة الانتشار سيؤدي إلى كثرة الإصابة بالمرض ويزيد من الإصابات المتوسطة وشديدة الخطورة، لافتا إلى أن أوروبا حاليا أجرت إغلاقًا كاملاً لها للتحكم في انتشار الفيروس، بالإضافة إلى ألمانيا وبريطانيا وعدد من الولايات الأمريكية.

عز العرب: ضرورة تطعيم 70% من سكان العالم بلقاح كورونا للوصول لـ"مناعة القطيع"

وأشار المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء أنه حسب المتوقع والدراسات التي أجريت فإن فيروس كورونا لن ينتهي للأسف، وأمامنا فترة طويلة إلى حين يتم تطعيم 70% من سكان العالم ووجود ما يعرف بمناعة القطيع أو المناعة المجتمعية، فنزول الإصابات الذي نشهده هذا الأيام لا يجب أن يخدعنا، ولا يؤدي إلى الاستهتار أو اللامبالاة ويجب أخذ الجانب الإيجابي في الأمر لحين التحكم في الوباء، مؤكدًا على أهمية معرفة الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا ومعرفة الأعراض التي يمكن ظهورها عند الإصابة بالفيروس للتوجه الفوري إلى الطبيب المختص حتى لا تزيد خطورته على الصحة.

مدير مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها: النظام الأمريكي بطئ جدا في الكشف عن التحورات المختلفة للفيروس

في حين قالت روشيل والينسكي، مديرة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن الولايات المتحدة تطلب الآن من كل ولاية إرسال ما لا يقل عن 750 عينة أسبوعياً، ليتم تسلسلها لتحديد التحورات التي قد تكون بصدد الانتشار، محذرة من أن النظام الأمريكي الحالي للكشف عن التحورات المختلفة للفيروس، بطيء جدًا بالنسبة للتدخلات التي تقوم بها سلطات الصحة العامة من أجل احتواء تفشيها، بحسب ما نقلته "بلومبرج".

ولفت بيتر ماركس، مدير "مركز تقييم وأبحاث البيولوجيا" التابع لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، إلى أن الوكالة تسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطة مع قطاع صناعة اللقاحات من أجل معالجة التحورات الفيروسية، لافتا إلى أن الفيروس قد تحور بما يكفي لاحتياج تسلسل مختلف، فإن الأمر سوف يتطلب إجراء تجارب صغيرة للتأكد من أن اللقاحات تسفر عن إنتاج استجابة مناعية وقد يستلزم الأمر أن تمر الدراسات القليلة الأولية على لجنة استشارية، إلا أن الوكالة تسعى إلى تبسيط العملية بقدر الإمكان، وقد تتطلب قدرًا أقل من البيانات بمرور الوقت.

انتشار تحورات فيروس كورونا في جنوب إفريقيا والبرازيل

وطرأت تحورات واضحة على فيروس كورونا من المحتمل أن تؤدي إلى إعطاء مقاومة جزئية ضد اللقاحات وعلاجات الأجسام المضادة، منتشرة حالياً في كل من جنوب إفريقيا والبرازيل، وتهدد بالانتشار في جميع أنحاء العالم.

فايزر ومودرنا: اللقاح مناسب للتحورات الجديدة

وقالت كل من شركتي "فايزر" و"مودرنا"، وهما الشركتان المصنعتان للقاحين الوحيدين المعتمدين للاستخدام في حالات الطوارئ بالولايات المتحدة، إن الجرعات الحالية التي قاما بإنتاجها، يجب أن تنتج أجساماً مضادة كافية ضد التحور الفيروسي الموجود في جنوب إفريقيا لجعل لقاحاتهما فعالة.

وكانت مصر قد أعلنت أن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى مساء الثلاثاء هو 167013 حالة من ضمنهم 130514 حالة تم شفاؤها، و9407 حالة وفاة.

يذكر أن فيروس كورونا "كوفيد 19" يواصل انتشاره في العالم كله مسجلا 104,027,714 إصابة بالمرض و2,250,188 حالة وفاة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً