الزراعة والري طرفان معادلة هامة لتحقيق الأمن المائي والغذائى المصري، وفي الوقت الحالي يعيش المجتمع حالة من القلق خوفًا من الشح المائي وتأثيرات سد النهضة القضية الأكبر التى تفرض نفسها على الساحة المحلية والدولية ويعانى الجميع، تظهر مشاكل الري في مصر وإمكانية توفير المياه وفي الوقت ذاته تحقيق الرقعة الزراعية، خاصة إن الري بالغمر أثبت خسارة كبيرة للمياه، جعلت الدولة تشجع بقوة الاتجاه إلى الري بالتنقيط وتبذل الدولة الجهود في تبطين ملايين الكيلومترات إلى الترع بالخرسانة للحفاظ من المياه، ولكن هل ذلك كافي، أم هناك مشاكل آخري تحتاج إلى نظرة عاجلة لحلها وتكاتف كافة الجهات المعنية بالمجتمع لحل أزمات الري والزراعة في مصر.
في هذا الإطار، تفتح 'أهل مصر' ملف المشاكل المائية والزراعية في التوقيت الحالي، وتستعرض وجهات نظر الخبراء والمتخصصين في القطاعين، والحلول المستهدفة لتلك المشكلات في السطور التالية:
وزير الري الأسبق: لانعاني من إهدار المياه.. ولكن موارد مصر المتاحة محدودة
من جانبه، أوضح الدكتور حسين العاطفي وزير الري الأسبق والأمين العام للمجلس العربي للمياه، الأسباب المتعلقة بمشاكل مصر المائية، قائلا: 'لانعاني من إهدار المياه، بالنسبة لاستهلاك المياه في مصر الكلية من أعلى الكفاءات المستخدمة في العالم، لأننا نعيد استخدامها أكثر من مرة، والكفاءة الكلية عالية'.
وأفاد وزير الري الأسبق، في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، ' نعاني من شح مائى في مصر لأن إجمالى الموارد المتاحة محدود وأقل من الاستخدامات في إذا كانت 60 مليار فأن استخدامتنا تصل إلى 80 مليار فهناك فجوة مائية حوالى 20 مليار بخلاف مانستهلك من محاصيل في هيئة مياه، فنحن نحاول نرشد في الاستخدامات من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج والصرف الزراعي المعالج، المشروعات القومية لتحلية المياه ومصارف البحر الأحمر، فإعادة استخدام المياه أصبح عنصر أساسي'.
وأشار الأمين العام للمجلس العربي للمياه إلى أن هناك جهود كبيرة تقوم بها الدولة، وآخري سوف تقوم بها لكي تصل إلى مزيد من الترشيد والاستخدام الأمثل لمواردنا المائية وخاصة أننا نعاني من زيادة سكانية كارثة لوحدها، وذلك فيما يخص الملف الداخلي فهناك جهود تري للجميع ولا يمكن لأحد أن يغفل عنها خاصة المشروعات القومية في هذا القطاع، السواحل تنتقل إلى تحلية المياه بدل من نقل المياه، ومازالنا نحتاج لكثير من الجهود لحل مشاكلنا المائية.
زراعة النواب: عدم وصول المياه لنهاية الترع كان كارثة وجاري حلها بمشروع قومي
وفي السياق ذاته، أكد النائب هشام الحصرى رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أن أكبر مشاكل الري كانت نهايات الترع وعدم وصول المياه لها، وكان هناك دمار للأراضى تسبب معاناة كبيرة جدًا، مضيفًا أن من خلال المشروع القومى والمبادرة الرئيسية تبطين الترع انتهت هذه المشكلة تمامًا، مشيرًا إلى هذا المشروع تكلفته حوالى 70 مليار جنيه بطول 20٫000 كيلو متر طولى وسوف يتم الانتهاء منة فى ثلاث سنوات.
وأضاف 'الحصري' في تصريحاته، أن أزمة الأسمدة تأتى نتيجة انتشار السوق السوداء، فسعر طن الأسمدة داخل الجمعيات الزراعية حوالى 3500 جنيه، وفى السوق الحر - السوق السوداء- سعره 6000 جنيه، قائلاً 'هناك عدد من الفاسدين الذين يستغلون هذا الفرق الكبير فيقومون بالتحايل وبيع وسرقة هذه الأسمدة لأخذ فائدة أكبر'.
وتحدث عن كارت الفلاح الذكي وفوائده، قائلاً 'هناك رؤية الآن إلى تحرير سعر الأسمدة الكيماوية التى تمنح للفلاح لتتساوى مع السوق الحر مع إقرار دعم مادى يمنح للفلاح على البطاقة الذكية أو كارت الفلاح حتى يتمكن من الوفاء بالالتزامات وحتى لا يقع فريسة للفاسدين الذين ينهبون قوت الفلاح من خلال الظلم أو الفساد وبيع السماد المدعوم من خلال الحيازات الوهمية وغيرها من الأمور غير المقبولة'.
وذكر أن مشاكل المحاصيل الزراعية تلقي اهتمام كبير من قبل الوزراء المختلفة، والمبادرات والمشروعات القومية تحاول إيجاد حلول لها، كما أن البرلمان ينظر لنظام الزراعات التعاقدية، وسيتم تطبيق هذا المشروع بصفة مبدئية على محصولين هما فول الصويا ومحصول عباد الشمس في البداية، وبعد ذلك الاهتمام بالمحاصيل الزيتية.
وأوضح 'الحصري' أن مصر كانت تعانى من استيراد الزيوت بنسبة تصل إلى 90%، لذلك يتم التنسيق بين الوزارات على شراء الإعلاف والمستخرج من الزيوت والعمل على تسويقها وفتح أفاق جديدة للتصدير بما سيوفر عملة صعبة للدولة ويقلل فاتورة الاستيراد.
وذكر أن تطبيق الزراعات التعاقدية يوفر للفلاح ضمان بيع منتجه وشرائه بالسعر المتفق عليه والمتعاقد عليه، وبالتالى يساهم في توفير الراحة والفائدة التى تعود عليها الفلاح بدلا من المشكلات التى كانت تواجه بالتسويق.
نقيب الفلاحين: تدني أسعار المحاصيل وارتفاع مستلزمة الزراعة وندرة المياه يؤرق المزارع
من جانبه، استعرض حسين عبدالرحمن أبو صدام نقيب عام الفلاحين، أهم المشاكل التي تواجه المزارعين في عصر الكورونا، قائلاً: 'أزمة كورونا اربكت كل القطاعات وتسببت في خلق مشاكل جديدة للفلاحين وتفاقم المشاكل الموجودة بالفعل'.
وأوضح أبو صدام في حديثه لـ 'أهل مصر'، تدني أسعار المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة أهم ما يميز مشاكل الفلاحين في عصر كورونا.
وأضاف 'عبدالرحمن' أن معظم أسعار المنتجات الزراعية تباع بأقل من سعر تكلفتها بعد ارتباك الأسواق محليًا وعالميًا وقد ظهر ذلك بوضوع أثر انهيار أسعار البطاطس والبصل وانخفاض أسعار الطماطم والفاكهة.
وأشار 'أبوصدام' رغم وجود أزمة فعلية تتمثل في نقص مياه الري وندرتها أحيانا ألا أن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء زاد من حدة الأزمة خاصة أن معظم الأراضي تروي بماكينات ري تعمل بالسولار أو الكهرباء كما زادت أعباء الفلاحين آثر ارتفاع مستلزمات الزراعة المستوردة من تقاوي ومبيدات وآلات زراعية نتيجة ارتباك حركة التجارة العالمية بسبب تداعيات أزمة كورونا.
وأفاد نقيب الفلاحين أن التغيرات المناخية المفاجئة كان لها نصيب في معاناة الفلاحين وانتشار الأمراض وتطبيل بعض الأراضي الزراعية مع اختفاء الارشاد الزراعي وفشل منظومة تسويق وتسعير المحاصيل، معلقًا 'الفلاح تتوالي عليه الأزمات كل يوم والكثير يفر من الزراعة والآخر لا يقدر على عمل غيرها'.
خبير مائي: المواطن لايعرف قيمه المياه
وفيما يخص مشاكل مصر المائية، ذكر الدكتور نور أحمد، الخبير الاستراتيجي فى مياه الشرق الأوسط، أنها ترجع إلى عدة أسباب، أولها زيادة معدلات النمو السكاني، يكلف نحو 2.5% سنويًا، بمعنى إنه في عام 1959 كانت حصة مصر المائية قدرها 55ونص مليار متر مكعب ، وحصة الفرد 2000 متر مكعب من المياه، بينما اليوم عدد سكان مصر يزيد عن 100 مليون نسمة، ومن ثم فإن حصة الفرد من المياه في المتوسط تبلغ 500 متر مكعب في الثانية، وهذا المعدل هو أقل من معدلات الفقر المائي في العالم.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، المشكلة الثانية الهدر المائي في مصر، بمعنى أن مصر تعانى من جوع وأزمة مائية ألا أن هناك معدلات هدر عالية ترجع في الأساس إلى سوء السلوك للمواطنين تجاه استهلاك المياه، ويبلغ نحو 2 مليار متر مكعب، في ظل النقص الحالي تعتبر كمية كبيرة.
وتابع: 'المشكلة الثالثة، نقص قدرات مصر المائية عن المصارف التى تحتاجها بما يعنى أن مصر حصتها المائية 55 ونصف من المياه في السنة، بينما استهلاك مصر المائي يبلغ نحو 76 مليار متر مكعب من المياه سنويًا من أين يأتي هذا الصرف، فإنه يأتى من ثلاث أمور رئيسية، الزيادة والتوسع في استهلاك المياه الجوفية، التوسع في إعادة استخدام مياه الري مرة أخري، والتى تبلغ نحو 12 مليار متر مكعب في السنة، مشروعات حصاد مياه الأمطار سواء في سيناء أو الصحراء الغربية أو الشمال والجنوب، فلابد من استفادة من مياه الأمطار بد من هدرها عن طريق مشروعات السدود المائية أو إنشاء برك وآبار جديدة'.
وأفاد 'نور' أن المشكلة الرابعة وهي استهلاك المياه في الزراعات الشارهة للمياه مثل الأرز وقصب السكر أو البنجر وغيرهم، موضحًا أن السد العالى حين تم بناءئه في 1959 كان من المقرر زراعة 800 ألف فدان أرز، واليوم زراعات الأرز تتعدي نحو 2 ونص مليون فدان، مما يعنى تدخل الحكومة لإعادة سياسات زراعة الأرز لتبلغ نحو مليون فدان، وتستهدف تقليل الكمية من خلال زراعات أصناف غير شارهة للمياه معلقًا 'فدان الأرز يحتاج إلى 10 آلالاف متر مكعب من المياه، يعنى مليون فدان زراعة يستهلك 10 مليار متر مكعب من المياه، ولابد من التوجه لزراعة المحاصيل الآخري في تقل فيها استهلاك المياه فالحبوب الآخري مثل القمح وغيرهم تستهلك 300 ألف متر مكعب من المياه'.
واختتم حديثه بالحلول تكمن في ضرورة قلة مساحة الزراعات الشارهة للمياه، والتوسع باستخدام مياه الآبار الجوفية، التوسع في زراعة الأمطار، التوسع في الحملات الإعلامية بضرورة ترشيد المياه، سن القوانين والتشريعات التى تحد من استهلاك المياه، التوسع في تحلية مياه البحر، التوسع تنقية مياه الصرف ومشروعات الري الحديث والمغطي للأراضي الزراعية والميكنة، واستخدام المعدات الحديثة التى تعمل على تسوية الأرض وتقليل مستويات المياه'.
وجدير بالذكر أن من التعديات على مجري النيل أزمة في مختلف المحافظات، وهى ماتحاول وزارة الري محاربها في مختلف المديريات، فقد تم قد تم إطلاق الحملة القومية لحمايه نهر النيل عام 2015 تحت ر عاية رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي وذلك للحد من إنتشار التعديات علي المجري.
وقد أسفرت جهود أجهزة الوزاره بالتعاون مع الأجهزة ذات الصلة وخاصة الأجهزة الأمنية عن إزالة ٦٢٨١٩ حالة تعدي حتى الآن علي جوانب مجري نهر النيل تمثلت في مباني سكنية وأعمال ردم وتلوث وخلافه.
وأكد الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والري، أن الوزارة عازمة على التصدى بكل حزم لكافة أشكال التعديات والتحويل الفوري للمخالفين للنيابة العسكرية لردع كل من تسول له نفسه بالتعدي على نهر النيل، وبما يؤدى لتقليص إعداد المخالفات وتحقيق الهدف المنشود بالوصول الى 'نيل بلا تعديات'، موضحاً أن أجهزة الوزارة تعمل على مدار اليوم وخلال الأجازات الرسمية لمواجهة هذه التعديات، مع جاهزية المعدات اللازمة لإزالة أي تعدي أياً كان حجمه أو مرتكبه.
وأوضح الدكتورعبد العاطى أنه ولتحقيق الردع الفوري للمخالفين ولحماية مجرى نهر النيل ومنع التعدى على أملاك الدولة الواقعة على المجاري المائية تحويل قرارات الإزالة إلى النيابات العسكرية.
وأفاد أن الوزارة عكفت على مواجهة تحديات قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، وعرض مجهودات الوزارة فى مجالات ترشيد استهلاك المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة ، والمشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث، والتوسع في استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة لمشروعات الحماية من إخطار السيول حيث تم تنفيذ أكثر من ١٥٠٠ منشأ للحماية خلال السنوات الماضية ، وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة وإنشاء أكثر من ٤٥٠ محطة خلط وسيط، بالإضافة لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحصر الأملاك والأصول والأراضي المملوكة للوزارة وتحقيق أفضل استفادة من هذه الأملاك وتعظيم استغلالها.