مازال الهروب التاريخي للأسرى الستة الفلسطينيين محل جدل وغموض يُكتشف يوماً بعد يوم، ورغم تشابه الحديث عن كيفية الهروب والاتفاق إلا أنها 'صفعة' للاحتلال الإسرائيلي، ومازالت التفاصيل الخفية محل البحث.
ومن خلال السطور القادمة، يوضح أحد المصادر المطلعة بالملف الفلسطيني (ناشط حقوقي) التفاصيل كاملة لهروب الأسرى الفلسطينيين كما يلي:
استطاع المصدر أن يعبر بوابات معتقل جلبوع أو كما يطلق عليه 'الخزنة' ليقابل أحد الاسرى الفلسطينيين 'ع.ج'، معتقل إداري، البالغ من العمر 45 عامًا، اعتقل في عام 2013، ثم حُرر واعتقل مرة أخرى في 2019 حتى الآن.
وحصلت 'أهل مصر' على التسجيل الصوتي من خلال مصدرها لرواية الهروب من الأسير الذي تقع زنزانته على بعد 3 زنازين فقط من الأسرى.
وبدأ 'أ. م'، حديثه، قائلاً: 'التهمة كانت بمثابة مساعدة للعدو (أي فلسطين) ضد الدولة (المشار إليها لتل أبيب) ونقل معلومات امنية، ولن اتحدث عليها الآن، والسجن بالنسبة لنا هو اللحظة الأولى، فلا يوجد مقدمات في السجن'.
وأضاف بالقول: 'نحن كأسرى ليس مطالبين بتحرير أنفسنا، بل أن نظل صامدين، فالتحرير هى مهمة حركة التحرر الوطني وليس الأسير، ولكن للأسف أن هناك أزمات كثيرة تواجهنا في هذا الشأن، وما حدث في سجن جلبوع من الأسرى الستة، هى بمثابة ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلي وبريق أمل كبير لنا'، مشيرًا إلى أن السجن من أكثر السجون إحكامًا، وأحدثها بناءً على النظام العالمي، حيث نضيع الاتجاهات داخل جدرانه، فلا نرى الشمس ولا نعلم من أين تخرج، لا مغربها أو مشرقها، وحتى الصلاة لا نستطيع تحديد القبلة ولا نعرفها.
في سياق متصل، أكد الأسير على عدم وجود أي إمكانية في الخروج خلال مفاوضات أو تبادل أسرى، ومن ثم كان 'الهروب' الحل الأمثل للمفر من أهوال هذا السجن اللعين.
كيف حدثت عملية الهروب؟
وعند سؤاله حول كيفية الهروب، أكد الأسير الهارب أن هذه العملية التاريخية من الأسرى الفلسطينيين الستة تزامنت مع عملية جدار القنص في غزة، حيث استطاع شاب فلسطيني قنص قائد قناصي الاحتلال الإسرائيلي على حدود غزة.
وبالعودة لعملية الفرار، استطرد الأسير 'أ. م'، من داخل المعتقل شديد الحراسة، أن أرضية سجن جلبوع وجدرانه ليست مبنية بشكل صحيح، ففي 2014 كانت هناك عملية هرب من نفس الأسرى في نفس المكان وبالفعل تم حفر نفق لعدة أمتار، لكن الأمر تم كشفه قبل الوصول للنهاية، وعندما علمت السلطات جن جنونها، ووقعت معركة أطلقت عليها 'معركة المرحاض'، حيث قامت السلطة بتغيير جميع المراحيض في الجناح 'أ و ج' بالكامل.
واستكمل الأسير، قائلاً: 'إن أكبر المراحيض ليست مثبتة بشكل محكم على الأرض داخل الزنازين بسبب التربة الرملية لدينا، فكان من السهل تحريك المرحاض، ثم استخدام 'شطافة' المرحاض المعلقة لإزالة أكبر عدد من الرمال ثم الحفر بأدوات حفر خفيفة'.
كيف استمر الأسرى في الحفر لمدة عام؟
أما عن كيفية الاستمرار في الحفر طوال هذا العام المنقضي، أشار الأسير إلى أن هذا السجن محكمًا بشكل كبير ولا يمكن الهروب منه بأي طريقة أو معرفة الاتجاه الصحيح، لكن نجح الشباب في صناعة المستحيل، مضيفًا: 'نجحنا في تحقيق انتصار ذهني من دون شك، وتردد كثيرًا داخل جدران السجن عن الضباط أنهم ساعدوا في دخول هواتف لكثير من المعتقلين، والمساعدة في تعطيل كاميرات المراقبة داخل الزنزانة لمدة عام كامل بشكل غير دوري، حيث تم وقف الأشرطة في أوقات متباعدة حتى لا يفلح حراس غرف المراقبة من متابعة ما يدور داخل أروقة المعتقل'.
وردًا على تقديم المساعدة للأسرى داخل السجن، أكد على أن الإدارة العليا للسجن تقوم بنقل الأسرى من زنزانة لأخرى، حيث يكون داخل الزنزانة الواحدة 15 شخصًا، وهم مجموعة: 'إداريين – أسير سياسي- وجنائيين'، لذا كان متقنًا بشكل كبير أن يتم حفظ السر بين الأسرى داخل تلك الزنزانة، وأن يعود الأسرى إليها بعد نقلهم إلى زنازين أخرى، وتلك العملية لا يستطيع حراس القيام بها، بل تحتاج إلى موافقة رتبة أعلى، كما كان هناك أجهزة تشويش على الهواتف.
هل كان هناك دلالة لتوقيت عملية الهروب؟
وفي نهاية اللقاء الشيق والمثير، كان توقيت العملية مهمًا للغاية؛ لأنه وقع في ليلة عيد الغفران، وما سهّل الأمر كثيرًا، أن تم تعيين حارسة منذ فترة قريبة في السجن وشربت الخمر في ليلة العيد، مما جعلها تسقط فريسة للنوم صباحاً.
ووفقًا للحراس الذين سمعناهم في أروقة سجن جلبوع، في ليلة الحادث، كان البرج الأوسط الواقع فوق العمود بدون طيار، حيث كان هناك أزمة في القوى العاملة بالسجن، والتي أعلن عنها الضباط قبل أسبوع من هروب الأسرى الستة؛ مما ساعد بشكل أكبر؛ لأن عدد الحراس كان أقل.
يذكر أن معتقل جلبوع وفقاً لما يعرف عنه من جميع الصحف العبرية، يحتوي على 72 كاميرا ما بين مثبتة وطائرة بدون طيار تسجل ما يحدث خلال الـ24 ساعة حتى أنه داخل كل زنزانة أيضاً توجد كاميرتين.