لم يجد موظف بالمعاش، طريقة للتعبير عن غضبه تجاه فرد أمن داخل الكمباوند الذي يقطن به بمنطقة المقطم، سوى التعدي عليه بوحشية، أثارت انتباه وحفيظة جميع من شاهد مقطع الفيديو المتداول للواقعة.
الله وحده يعلم لماذا تحمل فرد الأمن كل هذا الجبروت والتعدي السافر عليه، في تلك اللحظات، ربما يتبادر إلى أذهان كثيرين أن هذا العامل المسكين لم يرد الإساءة حفاظًا على «لقمة عيشه»، والفريق الآخر يرى ان لقمة العيش ستكون مغموسة بالذل والإذلال والإنكسار، لكن الحقيقة وحدها تكمن بين طيات قلب هذا العامل المسكين، الذي تلقى (16 قلمًا) على وجهه، الذي لم يحرك ساكنًا إزاء جبروت ووحشية هذا الساكن الذي يقطن داخل الكمباوند الشهير، انهال صفعًا وضربًا وإيذاء تجاه فرد الأمن الذي لا حول له ولا قوة.
بمجرد تداول مقطع الفيديو، حتى انتشر كالنار في الهشيم، وتداوله الآلاف، وسط مطالبات بضرورة فتح تحقيق فوري تجاه ما حدث لهذا العامل المسكين، ضحية لقمة العيش.
وصلت ردود الأفعال الغاضبة جراء تداول مقطع الفيديو، إلى وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان التابعة لمكتب النائب العام، حتى قرر النائب العام فتح تحقيق سريع فيما حدث، وتزامن مع ذلك، تقديم فرد الأمن الضحية، بلاغًا إلى النيابة العامة، يتضرر فيه من تعدي المتهم عليه بهذا الشكل الذي أغضب الجميع.
محمد مصطفى، فرد الأمن المجني عليه، توجه إلى قسم شرطة المقطم، وحرر محضرًا حمل رقم 5462 جنح قسم شرطة المقطم، اتهم فيه أحد سكان «كمباوند سكني»، بالضرب المبرح والسحل الاعتداء المتواصل عليه، بسبب خلاف على عدم إدخال عمال صيانة إلا باستخراج التحقيق الشخصية، ما أثار غضبهم، حينما طالبهم عن الاستعلام بالبطاقات الشخصية التي تثبت هوياتهم.
يوضح فرد الأمن في أقواله أنه فوجيء بمجموعة من الأشخاص يستقلون سيارة، يريدون الدخول للكمباوند الذي يعمل به، لأحد السكان لتصليح سيارته، لكنه طالبهم ببطاقات الرقم القومي الخاصة بهم، لإثبات هوياتهم وفقا لإجراءت الأمن المتبعة داخل الكمباوند، فأثار ذلك حفيظتهم، ورفضوا، فطالبهم مجددا بالإتصال بصديقهم هاتفيا، الذي بدا غاضبًا هو الآخر من اتباع فرد الأمن التعليمات الأمنية بشأن دخول وخروج المجمع السكني.
استكمل فرد الأمن حديثه، مشيرا إلى حضور الساكن بعد دقائق قليلة، وقام بصفعه وضربه بشكل وحشي عليه، وسحله وتعذيبه وتناوله وأسرته بألفاظ نابية.
ذكر المجني عليه في شهادته أنه حالَ مباشرته العمل كفَرْدِ أمنٍ على بوابة المجمع السكنيِّ استوقف سيارةً استقلها أربعة اشخاص طلبوا الدخول إلى المجمع السكني، فاستعلم عن سبب دخولهم، فقرروا دخولَهَم لأحد العملاء لإصلاح سيارته دون وقوفهم على اسمه، فطلب منهم الاتصال به، فتحدث المتهم إليه هاتفيًّا وأمره بإدخال المذكورين فسمح لهم، ثم فُوجئ بحضور المتهم لاحقًا معهم إذ نهره لاستيقافهم، وتعدى عليه بالضرب وبالسبّ، وأحدث إصابات به.
ناظرت النيابة العامة ما بالمجني عليه من إصابات، وطالعت التقرير الطبي المحرر بها، وفي ختام التحقيقات، أمر المستشار النائب العام، بحبس المتهم 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، فيما هو منسوب إليه من استعراضه القوة والتلويح بالعنف واستخدامه ضدّ فردِ أمنٍ بمجمعٍ سكنيٍّ بالمقطم، وتعديه عليه بالضرب والسبِّ وإحداث إصابات به، وتقديمه محبوسًا إلى محاكمة جنائية عاجلة.
واستمعت النيابة العامة إلى شهادة ثلاثة من المقيمين بالمجمع السكني أكدوا تعدي المتهم على المجني عليه بالضرب والسبّ، وأنهم حاولوا الدفاع عنه والحيلولة بينه وبين المتهم، وقد أكدت تحريات الشرطة صحة حدوث الواقعة على نحو ما جاء في شهادة المجني عليه والشهود.
شاهدت النيابة العامة تسجيلات آلات المراقبة الخاصة بالمجمع السكني، والتي أظهرت مُلابسات الواقعة منذ بداية حدوثها، وتبين منها تعدي المتهم على المجني عليه دون أن يحاول الأخير ردَّ الاعتداء عليه أو الدفاع عن نفسه.