بعد مقتل ايمن الظواهري تساءل الكثير عن كيفية معرفة الحكومة الأمريكية لمكان ايمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة السابق، وقد اثار ذلك الجدل في الساعات الماضية القليلة، إلا أن مكان ايمن الظواهري منذ عودته إلى أفغانستان كان سراًعن البعض حتي داخل طالبان لحمايته من الاغتيال، ووفقاً للرواية الأمريكية التي أكدت مقتل ايمن الظواهري بعد رصده من خلال شرفته منذ أبريل الماضي حتي إصدار أمر اغتياله من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن والمؤسسات الأمريكية في نهاية يوليو الماضي، من خلال مراقبته طيلة هذه الأشهر ليست الرواية الوحيدة التي خرجت على الساحة في قضية مقتل ايمن الظواهري ، فهناك رواية أخرى كشفت عن الوجه الحقيقي لحركة طالبان وهي أن 'المصالح بتتصالح' كما يقال في الأمثال الشعبية، حيث جاء مقتل ايمن الظواهري مقابل رفع الحظر عن مليارات أفغانستان المجمدة تحت يد أمريكا ومن ناحية أخرى سيعطي مقتل ايمن الظواهري مساعدة للرئيس الأمريكي بايدن في ترميم شعبيته المتدنية قبل الانتخابات النصفية التي ستجرى في نوفمبر القادم، وفقاً لرواية صحفية الواشنطن بوست، التي سردت تلك المعلومة دون إبداء تفاصيل سوى كشف بعض الكواليس الصغيرة التي كانت بمثابة خيوط خطونا نحوها لكشف رواية يمكن صحتها أو خطأها ، والتي كانت بمثابة خطة محكمة لإنهاء أسطورة ايمن الظواهري .وبعد مقتل ايمن الظواهري أوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض جون كيربي في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن»: ليس لدينا تأكيد من خلال تحليل الحمض النووي، لن نحصل على هذا التأكيد، بصراحة تامة، استنادا إلى معلومات من مصادر ووسائل عديدة، لسنا بحاجة إلى تحليل الحمض النووي لتأكيد مقتل ايمن الظواهري، وأضاف: لدينا تأكيد بالمشاهدة، ولدينا أيضا تأكيد من خلال مصادر أخرى علي مقتل ايمن الظواهري
ايمن الظواهري
خلاف ايمن الظواهري مع بعض قادة طالبان
ايمن الظواهري رغم المغازلة الواضحة التي تضمنتها بيانات تنظيم القاعدة، والتي ظهرت تلك البيانات في صورة دعم لحركة طالبان عقب خروج أمريكا من أفغانستان في 29 سبتمبر 2021، خاصة فرعي القاعدة في المعروف بكتائب الكردستان في العراق وإيران، إلا أن ايمن الظواهري كان يغرد خارج السرب، حيث جاء من خلاله فقط دون فروع القاعدة الأخرى هجوم شبه صريح على الحركة الأفغانية طالبان التي دأبت على دعوة المجتمع والمنظمات الدولية إلى دعمها وتقديم المساعدات لحكومتها المؤقتة من أجل المساهمة في تحقيق الاستقرار داخل أفغانستان، وهذا ما لم يعجب ايمن الظواهري .
وبالتوازي مع دعوات طالبان إلى دعمها من قبل المجتمع الدولي، نشر الفرع اليمني للقاعدة المعروف بـ'أنصار الشريعة'، 3 إصدارات إعلامية تضمنت رسائل واضحة عن دعم طالبان، فمطلع أكتوبر الماضي، نشر التنظيم كتابًا بعنوان: (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب: التعريف – الأهداف- المشروع- المبادئ- السياسة)، نص فيه على أن 'القاعدة' مرتبط بحركة طالبان، ويرى أنه من واجبه 'دعمها ونصرتها والنصح لها، وفقاً لموقع 'أنصار الجهاد' الذي استطاعت 'أهل مصر' في الحصول علي تلك المعلومات منه.
ايمن الظواهري
وبعد أسبوع نشرت مؤسسة الملاحم، الذراع الدعائية لقاعدة اليمن، إصدارًا مرئيًا لإبراهيم القوصي 'خبيب السوداني'، مساعد أمير التنظيم، بعنوان: 'رسالة إلى الشعب الأمريكي.. لم تفهموا الدرس بعد'، أشاد فيه بانتصارات طالبان ودورها في إيواء الجهاديين الأجانب، لكن ايمن الظواهري ، أمير التنظيم المركزي، والذي توارى عن الأنظار منذ ظهوره الأخير بمناسبة الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001، أثر أن يخرج عن الخط العام لـ'رسائل القاعدة الدعائية'، خلال ظهوره الأخير ضمن إصدار 'نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة'، الذي نشرته مؤسسة السحاب في الـ24 من نوفمبر الجاري، والذي يتضمن هجومًا على حركة طالبان بعد طلبها الحصول على مقعد أفغانستان في المنظمة الأممية، وبدأت بعض المعارك الخفية وراء الكواليس بين طالبان و ايمن الظواهري .
رسائل ايمن الظواهري التحريضية
وتضمنت رسائل ايمن الظواهري، برفض مسلك الحركة الراغب في الانخراط في المجتمع الدولي، وإقامة علاقات دولية بناءً على القواعد والأعراف السياسية المعمول بها عالميًا، ففي رسائل ايمن الظواهري جاء أن الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة يعني الانضمام إلى منظمة 'علمانية تتناقض مع الشريعة الإسلامية'،
وسعى ايمن الظواهري لكسب تأييد مكونات حركة طالبان، وتوظيفهم للضغط على قيادة الحركة الأفغانية، فعلى سبيل المثال، ركز في غالب كلماته، على وصف الأمم المتحدة بأنها 'منظمة كفرية يحر م الانضمام لها'، كما صورها ايمن الظواهري بأنها تتعارض مع الأعراض القبلية الأفغانية لأنها تساوي بين الرجال والنساء في سائر الحقوق والواجبات.
منزل ايمن الظواهري
ايمن الظواهري
وحاول ايمن الظواهري استقطاب مجلس العلماء المحسوب على حركة طالبان والذي يُشكل أحد مراكز الثقل والقوة داخل الحركة الأفغانية ويلعب دورًا هامًا في توجيه قيادتها رغم أنه غير مندرج بصورة رسمية في هيكلها التنظيمي في أكثر من مناسبة، إذ قال ايمن الظواهري إن الاتفاق على جعل المناهج التعليمية متفقة مع الشريعة يناقض ميثاق الأمم المتحدة، وهو بذلك يهدف لتأليب المدارس الدينية الأفغانية التي تعد الرافد الأساسي لتشكيل طالبان ضد قيادتها.
لكن لجوء ايمن الظواهري إلى مخاطبة قيادة طالبان، في العلن عبر إصدار مرئي، يوحي بوجود خلافات وكواليس بينهما، لم يتم الإعلان عنها، وتبين المعطيات السابقة، أن تحول حركة طالبان من نمط 'حركة التمرد الجهادية' إلى النمط 'الدولاتي' الهادف إلى تأسيس وترسيخ حكمها في أفغانستان، أضر بتنظيم القاعدة أكثر مما نفعه وهذا لم يوافق عليه ايمن الظواهري ، خلافًا للتوقعات التي راجت، قبيل الانسحاب الأمريكي، والتي ذهبت إلى أنه سيؤدي إلى إعادة العلاقات بين الحركة والتنظيم وستمنحه فرصة لإعادة بناء شبكته في وسط وجنوب آسيا.
أموال أفغانستان المجمدة في أمريكا
بعد عودة ايمن الظواهري لأفغانستان لم يكن مرحباً به من كافة القيادات الطالبانية ، إلا أن وضعيته المركزية في التنظيم عقب أسامة بن لادن أعطت له الاحترام مع وجود خلافات، لكن بعض القيادات كانت تريد التخلص من تلك العباءة القديمة الذي طالما نادى بها ايمن الظواهري وهي الكفر والتكفير وخلافه، لذا كان لزاماً التفكير في كيفية التخلص من ايمن الظواهري دون افتعال أزمة بين فروع تنظيم القاعدة فطالبان تريد أن تضرب العصفورين بحجر واحد، التخلص من ايمن الظواهري وكسب تأييد المجتمع الدولي لإعادة الأموال المجمدة ومساعدة بايدن مقابل كسب تأييد الانتخابات النصفية مقابل ترك الحركة لبناء دولة أفغانستان كما يحلو لهم، ورغم أنها صفقة غير مربحة خاصة وأن 'بايدن' سيفرج عن الأموال مجمدة حيث أعلن ذلك في فبراير الماضي من هذا العام الجاري بعد اتفاق سري مع أحد قادة حركة طالبان بالتعاون مع 'سيف العدل' وفقاً لصحيفة 'ndft' الروسية ، و'سيف العدل' هو المرشح المحتمل لقيادة تنظيم القاعدة لكن أفكاره العقائدية تختلف إلى حد كبير مع ايمن الظواهري ، وتواكب تفكير طالبان الآن.
وبناءاً على تقرير الموقع الروسي فإن وزارة العدل الأمريكية ستقدم خطة إلى قاض اتحادي بشأن ما يجب فعله بالمبلغ المجمد وسط دعوات عاجلة من أعضاء الكونجرس الأمريكي والأمم المتحدة لاستخدامها في معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها أفغانستان وبالتالي ستسلم تلك الأموال إلى قيادة طالبان التي تحكم الآن، وتبلغ تلك الأموال سبعة مليارات دولار وتكون بذلك قدمت أمريكا مكافأة رأس ايمن الظواهري .
من هو سيف العدل مرشح خلافة ايمن الظواهري ؟
سيف العدل أيضًا رئيس أمن اسامه بن لادن ، وهو مدرج في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأكثر مطلوبين منذ عام 2001، وهو الأسم الأبرز لخلافة ايمن الظواهري، وفقًا لمعهد الشرق الأوسط ، فإن سيف العدل هو التالي في الترتيب لتولي دفة القيادة بعد ايمن الظواهري،انضم إلى الجماعة الإرهابية في الثمانينيات ، وفقا لوكالات المخابرات الأمريكية، وهو من أبرز الأشخاص الذين لديهم أفكار مختلفة عن ايمن الظواهري
سيف العدل خليفة ايمن الظواهري
وفقًا لتقرير قديم في ABC News ، كانت القوات الأمريكية تبحث عن سيف العدل منذ عام 1993، عندما أشرف على كمين للقوات الأمريكية وطائرات هليكوبتر في مقديشو بالصومال - حادثة 'بلاك هوك داون' سيئة السمعة التي راح ضحيتها 18 أمريكيًا كان وقتها يبلغ من العمر 30 عامًا
وقالت عدة وكالات إخبارية إنه منذ وفاة بن لادن ، ظهر العدل كخبير استراتيجي مهم، ومع ذلك ، قال معهد الشرق الأوسط إن جعله رئيس المجموعة الإرهابية سيكون معقدًا بسبب وجوده في إيران ، حيث يقيم منذ حادثة 'بلاك هوك داون'، وكان على خلاف مع ايمن الظواهري لأنه كان يكره طرقته التقليدية.
على الرغم من المكافأة الأمريكية البالغة 25 مليون دولار على رأس ايمن الظواهري، يبدو أن زعيم 'القاعدة' ايمن الظواهري شعر بالراحة الكافية مع سيطرة طالبان على أفغانستان للانتقال إلى منزل في العاصمة الأفغانية كابل، حيث كان يظهر بانتظام في العراء على شرفته، لكن السؤال هنا هل الرواية الامريكية في تحديد ومراقبة
ايمن الظواهري لعدة أشهر حتي استهدافه والإعلان عن مقتله اليوم داخل منزله في افغانستان حقيقية أم أن السطور السابقة يمكن أن تكون الرواية الأصح لانهاء اسطورة ايمن الظواهري .