255 ألف حالة في 2022 والقاهرة الأعلى بين المحافظات
نائبة تتقدم بسؤال برلماني لرئيس الوزراء ووزيري التضامن والأوقاف حول دورهم في الحد من ارتفاعه
"القومي للمرأة": المشكلات الاقتصادية وغلاء الأسعار السبب
أزهري: غياب الأسس الشرعية عن الزواج سبب
يثير ارتفاع نسب الطلاق في مصر، اهتمام الملايين، فمعدلات الطلاق وصلت لنسبة صادمة، الأمر الذي أثار تساؤلات المواطنين الراغبين في التعرف على أسباب ذلك الأمر، وحتى يتمكنوا من تفاديه.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن نسبة الطلاق في عام 2022، ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث وصت إلى 254 ألفًا و777 حالة، بعد أن سجلت في عام 2022 عدد حالات 222 ألفًا و36 حالة، بارتفاع نسبته 14.7%، بمعدل حالات يومية يصل إلى 698 حالة طلاق في اليوم، وأعلى نسب طلاق شهدتها محافظة القاهرة، بنسبة 5.4 في الألف، بينما أقل معدل طلاق كان في محافظة أسيوط، وبلغت نسبته 1.1في الألف.
وجاءت معدلات ارتفاع نسب الطلاق صادمة للجميع، ليكون أول تحرك برلمان من قبل النائبة عايدة السواركة، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، حيث توجهت بسؤال برلماني إلى المستشار الدكتور حنفي الجبالي رئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير التضامن الاجتماعي، ووزير الأوقاف، حول دور الجهات المعنية للحد من ارتفاع نسب الطلاق في مصر.
وتواصلت " أهل مصر"، مع العديد من الخبراء لمناقشة ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق، وتقديم الحلول الخاصة بالتصدي له.
الأسعار السبب
قالت الدكتورة أميرة الشافعي، عضو المجلس القومي للمرأة، وأخصائي إدارة المستشفيات، إن المشكلات الاقتصادية وغلاء الأسعار أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق في الفترة الأخيرة، فضلًا عن انتشار ظاهرة العنف غير المبرر ضد المرأة في الفترة الأخيرة، والنظرة الدونية من الرجل للمرأة التي مازالت موجودة في القرى والنجوع والكفور، حيث يراها دون المستوى ولا بد أن ترضخ لأي ظروف.
وأضافت "الشافعي"، أنه من الأسباب أيضًا وجود مغالاة ومبالغة في تكاليف الزواج خاصة في القرى، إذ يبدأ الأزواج حياتهم وهم مكبلين بالديون، التي حصلوا عليها لإقامة حفل زفاف باهظ الثمن، فيرغبوا في تسديد تلك الديوم ما يزيد المشكلات التي تؤدي إلى الطلاق.
وأشارت الدكتور أميرة الشافعي، إلى أن المرأة في المجتمع المصري تتعرض للعنف على مدار السنوات، لكن الثابت أنها عليها واجبات ولها حقوق، وأصبحت تعلم مالها وما عليها، وذلك لا يبرر أبدًا زيادة حالات الطلاق ففي السابق كانت المرأة مقهورة أو تفكر بالطلاق، والآن أصبحت الدولة تكفل للمطلقة كافة حقوقها لتوفير حياة كريمة، ما جعل المرأة ترفض القهر والإهانة، فهي أصبحت تستطيع تكون حياة كريمة لها ولأبنائها والإنفاق عليهم.
واستطردت "الشافعي": "في القرى والنجوع، نجد أن الكثير من النساء تعول الأسرة، بعد إدمان الزوج للمخدرات، ما يجعلها تنفق على أبنائها وعلى المنزل، ما جعلها تجد أن الطلاق أفضل، فنظرة المجتمع للمرأة المطلقة والأرملة تغيرت عن زمان.
وأشادت عضو المجلس القومي للمرأة، بـ مبادرة الأزهر الشريف لتسكنوا إليها واصفة إياها بأنها رائعة، موجهة الشكر فضيلة الإمام الأكبر عليها، فعندما يجرون حملات توعوية في العديد من الأماكن والمؤسسات، فيتم سؤالهم لماذا لم تقولوا هذا من قبل، فزيادة الأعباء على المتزوجين أرهقهم بعد الزواج، ما جعل المواطنين يقتنعوا بها، خاصة في ظل غلاء الأسعار، كما أن مبادرة الأزهر والتدريب الذي يقوم به للتأهيل للزواج فالبنات والشباب محتاجين للتأهيل، خاصة أن صوت الدين مسموع، ويجب أن يشارك الإعلام في التوعية.
صدمة الواقع
صرح الدكتور سالم مرة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، بأن بعض الزيجات لا تقوم على أساس شرعي، والعلاقات العاطفية بعضها لا يقوم على أساس صحيح، وتثق الفتاة بكلام الشاب، فعندما تصطدم بالواقع ترى الحقيقة مختلفة عما وصفها لها، وأيضًا هناك الكثير من الشباب الذي يغتر بمظهر الفتاة ويكون له نظرة معينة لا يحققها غير عن طريق الزواج ولكن يأتي الواقع ليصدمه ويرى أن كافة آماله كانت سرابًا، فتزيد المشاكل التي تصل إلي الطلاق.
وأضاف "سالم"، أنه في بعض الأحيان يكون أحد الطرفين طامعًا في مال أو منصب، فعندما لا يتمكنوا من الوصول إلى مطامعهم يفشل الزواج حيث أنه مبني على مطامع مادية أو شكلية، ومن ضمن ما ورد في الحديث الصحيح للنبي، أنه قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وحث الرسول صلى الله عليه وسلم، على الزواج من المتدينة، قائلًا فاظفر بذات الدين تربت يداك، فإن لم تفعل ذلك عشت فقيرًا والتصقت يده بالتراب، موضحًا أن من تزوج بامرأة لمالها لم يزده الله إلا فقرًا، ومن تزوج امرأة لجمالها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لسلطانها لم يزده الله إلا ذلًا، حيث يتناسى الطرفين الأمور الشرعية التي يبنى عليها الزواج.
ونفى أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، زيادة نسب الطلاق بسبب غلاء الأسعار والأمور الاقتصادية، فلا يوجد زوج يتمكن من التفريط بزوجته بسبب مشاكل غلاء الأسعار، إذا تم الزواج على أساس سليم، فالرجل الشهم الكريم، لا يمكن أن يطلق زوجته بسبب غلاء الأسعار، فهناك يكون مطامع في الزواج لم يستطع طرف من الأطراف تحقيقها، وتلك المطامع مطامع منهي عنها شرعًا، فهناك الكثير من الزوجات التي يقفن بجوار أزواجهن في السراء والضراء وهناك الكثير من الرجال يقني عمره ويضحي بالكثير ليفادي زوجته.
وأشار الدكتور سالم مرة، إلى أنه عندما تكون الزوجة طائعة لزوجها ولم تقم بأي أمر مخل بالشرف فيكون تطليقها مكروه شرعًا، حيث قال الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه "ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها ومالها"، فعند تطليق امرأة مستقيمة كتلك، سوف يكون هناك ضرر لها وللمجتمع ككل، لأنه سوف ينتشر الفساد.
وأضاف أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن هناك حالات يكون فيها الطلاق مكروهًا، خاصة عندما تكون المرأة قائمة ولم تطلب الطلاق، ولم ترتكب سوء، وعن شرعية الطلاق قال الرسول عليه الصلوات والسلام، " إن أبغض الحلال عند الله الطلاق".
الاحترام المتبادل
أكدت الدكتورة سهير بيومي، خبيرة العلاقات الأسرية، وتعديل السلوك والمعالج النفسي، أن من ضمن أسباب ارتفاع حالات الطوارئ يكون الندية بين الطرفين، وعدم التواصل ومعرفة احتياجات الآخر، فبعض الزوجات يعتقدن أن الأزواج يعرفون كل شيء، فبدون أن تطلب ترغب أن يلبي احتياجاتها، في حين أن الزوج ليس لديه هذا الخيار، فهو أحادي التفكير، فعندما يتابع مباراة يكون تركيزه كله معها، لو في العمل يركز فقط في ذلك، فعدم التواصل وفهم سيكولوجية الطرف الآخر المختلفة، يكون عامل رئيس في حدوث الكثير من المشكلات بين الزوجين.
كما أشارت الدكتورة سهير بيومي الخبير النفسي، إلى أنه عندما يشعر الشخص بعد الاحترام يميل للابتعاد، فضلًا عن تدخل الأهل، حيث يعد من أكبر المشكلات التي تؤدي إلى الطلاق، فعند مشاركة المشكلة مع الأهل، والأصدقاء، وكل شخص يقيمها بمرجعيته وتفكيره، والحصول على نصائح خاطئة، بإمكانها زيادة حجم المشكلات وليس حلها، فعندما يواجه الزوجان مشكلة وتفاقمت بينهم، يتدخل شخص حكيم من أهل الزوج او الزوجة، ليحكم بينهم بالعدل، ويجب أن يكون لديه نيه الإصلاح، كما ورد في سورة النساء «إن يريدا إصلاحا».
وأضافت الدكتورة سهير بيومي، أن الحالة المادية تؤثر بشكل مباشر في نسب الطلاق، حيث أن بعض الأزواج لا يتحملن المسئولية، خاصة عندما يعتادوا على تلقي المساعدة المادية من ذويهم في تكاليف الزواج، فعندما تتفاقم المسئوليات لا يتمكن الكثير منهن على تحملها، حيث لا يعرف الكثير أن الزواج مودة ورحمة ومسئوليات، كما أن هناك الكثير من النساء لا تتمكن من تدبير أمرها على حسب دخل الزوج، وتنظر إلى غيرها من النساء، فترى أنه لا يتمكن من تلبية كافة رغباتها، فيحدث عدم كفاية، وتتفاقم المشكلات بينهم في المنزل.
واستطردت الدكتورة سهير بيومي: الإعلام يؤثر في المواطنين بشكل كبير، ويصدر أن المرأة كـ الرجل، وتلك ليست الحقيقة فهما مختلفين، ويصدر مفاهيم كطلب الطلاق مع حدوث أي مشكلة، فيجب أن يكون هناك وعي كبير لدى المشاهد، والبزخ الموجود في المسلسل والأفلام، الذي يشعر المشاهدين بأنهم في عالم بعيد عن ذلك، ويزيد تطلعات المرأة يتمكن من إحداث مشاكل بين الزوجين، كما مقارنة الزوج لزوجته بالفنانين وعارضات الأزياء اللذين دفعوا أموال طائلة في تحسين مظهرهم، يمكنه إثارة الكثير من المشكلات، فيجب أن يعرف الطرفين احتياجات بعضهم البعض، بدون التحامل على طرف دون الآخر.